لاتستحق سوريا كل هذا , ولا يستحق أي مجتمع مايحدث في سوريا , وعلى ألاخص ماحدث في الخمسين سنة السابقة , والبرهان على ذلك واضح , اذ لايعرف أي مجتمع في العالم شبيها لما يتعرض له الشعب السوري من تقتيل , وما تتعرض له البلاد من تخريب ,وحتى في كوريا الشمالية لايمكن للحدث السوري ان يتكرر , ناهيكم عن البلدان العربية الأخرى ,التي لم تعرف الاضطهاد والتخريب المبرمج الذي عرفته وتعرفه سوريا الآن , وحتى القذافي لم يكن قادرا على اخماد الروح السياسية بين افراد الشعب الليبي , الذي ولد معظمه بعد استيلاء القذافي على السلطة ..الشعب الليبي يبرهن كل يوم عن نوع من النضج الغير متوقع , والشعب المصري كذلك , والتونسي , وحتى قبائل اليمن .كلهم تقدموا على سوريا , التي كانت متقدمة عليهم بعقود من الزمن .
لايمكن القاء مسؤولية التقهقر السوري على احد غير النظام ., الذي فشل في تنظيم نفسه في منظومة الحق والشرعية والعدالة الاجتماعية , فشل في تأمين الحد الأدنى من الحريات , التي كان عليه أن يعطيها للشعب دفعة واحدة , وليس بالتقسيط , ويا ليته اعطاها بشكل أقساط , لم يعطي الا أقساط الوعود .. شيكات بدون تغطية , و بدلا أن يعطي أي شيئ , صادر كل شيئ , حتى لقمة العيش , لايكفي تسلط اجهزته الأمنية على الكلمة والرأي وانما حول الشعب الى قطيع جائع , الملايين من الشعب السوري ينتظر وجبة غذاء من الأمم المتحدة , ملايين نزحت و مئات الألوف تحولت الى لاجئين في دول الغير وخاصة في دول الجوار .
السلطة وقعت في مطب العنف , وأوقعت غيرها في هذا المطب , ظنت على أنها قوية , وتجاهلت ماهو معروف عن السلطات بشكل عام , فالسلطة القوية لاتستخدم القوة , انها سلطة في منتهى الضعف , وما تمارسه من توحش وهمجية لايمثل “قوة” , فالسلطة القوية لاترمي براميل الTNT على شعبها , ولا تقصفه بالطائرات والمدفعية , ولا تقطع عنه الماء والكهربا , والسلطة القوية لاتجيع الشعب , السلطة القوية لاتتلطى خلف طائفة أو فئة أقلية , والسلطة القوية تسترد ماسلب من الشعب أرضا وكرامة , السلطة القوية هي التي تجعل الدولة قوية , والدولة القوية هي مجموع أفراد الشعب الأقوياء , واين هي قوة الأفراد ؟ هل قوتهم تتجلى بالبحث عن محسن يقدم لهم قوتهم ؟ هل قوة الفرد تتجلى بتحوله الى عبد ؟هل قوة الفرد تتجلى بممارسة الصمت ؟؟هل قوة الفرد تتمثل برنين وطنين الشعارات ؟ شعارات تريد ان تمانع وتقاوم , بدون المقدرة على الممانعة والمقاومة , السلطة بنت بناء من الأوهام , وتفوقت في الكذب والمراوغة , وهل هذه هي القوة , التي بواسطتها ستحرر الانسان السوري من الفقر والتأخر والمرض , لابل ستحرر بهذه القوة الوهمية فلسطين والجولان والعالم أجمع من برائن الامبريالية العالمية !.
لايعرف التاريخ سلطة جمهورية عملت نصف قرن من الزمن في خدمة بقائها ,..كل شيئ من أجل البقاء ..ديكتاتورية .. جيش خاص ..تحويل البلاد الى مزرعة , احتكار لكل شيئ ..المال والبرطيل والفساد والعنف والتزوير والسرقات ..الخ , ثم انهارت خلال شهور أخلاقيا وسياسيا وحتى عسكريا وأمنيا , اسألوا عبد العزيز الخير ورفاقه عن مختطيفيهم بين حواجز المخابرات ..العسكرية والجوية ثم الجوية وغيرها على طريق مطار دمشق الدولي , السلطة “القوية” لاتسمح باختطافهم من بين أيدي المخابرات , والسلطة “القوية ” لاتخطف المواطن , وهل يوجد فشل أمني أعظم من هذا الفشل ؟؟