الابادة..والفاشية الانفلاتية

الابادة ان كانت  سياسية أو اخلاقية  أو فيزيائية في سوريا ليست افتراضية , الواقع السوري يعبر  تعبيرا واضحا عن  ابادة  معالم الحياة السياسية والأخلاقية  , وحتى الوجود الفيزيائي  للانسان السوري, ولم تتعطل  مكنة الابادة لحظة واحدة خلاال نصف القرن الأخير عن ممارسة مهماتها الثلاثة  الى أتى ذكرها ..سياسيا  وأخلاقيا وفيزيائيا ..هذا ناهيكم عن  منتجات  المكنة الأخرى  , التي منها ابادة خاصة المواطنة ,ابادة غريزة الكلام ..ابادة  القاعدة الاقتصادية للانسان السوري , ثم ابادة حريته وتطلعاته الديموقراطية وأمنه  ومستقبله   , السجن كان بالنسبة للعديد من السوريين  المكان  الذي أمضوا به معظم حياتهم  أو بالنسبة للبعض مابقي من حياتهم .

الفاشية مبيدة لكل ما ذكر , والتجارب الفاشية تثبت ذلك ..من ايطاليا الى المانيا  ..الى اسبانيا , وعندما ننتقل الى الشرق العربي  لايمكننا وحتى عام 2011 ان نجد  زعيم أو ملك أو رئيس عربي واحد  لايعاني من المرض الفاشي  , وحتى لبنان  وشمعونه وفرنجيته  وجميله وكتائبه وفرقه العشائرية والطائفية والعائلية  مصاب بالفاشية,  الا أن الفاشيات الغربية  تتاميز عن الفاشيات العربية بنقاط عدة , وأهم هذه النقاط  هي   ارتكاز الفاشيات الغربية على قواعد ايديولوجية محددة   ومعروفة ,  بينما لاترتكز الفاشيات العربية  على قواعد ايديولوجية فكرية  , وانما على بهائمية غريزية  مزاجية , وهذه المزاجية الغريزية هي التي جعلت هذه الفاشيات  أشد ضررا وكارثية من الفاشيات الغربية .

للفاشيات نظرة شبه واحدة حول العديد من الأمور , سيان ان كانت فاشية ايديولوجية أو غريزية,الفاشية الغربية  ترى ايديولوجيا على أن  ارادة الشعب ليست  وسيلة للحكم , وانما القوة  التي تفرض قانونها أيضا  , ومن حيث النتيجة  فان البهائمية العربية تطبق ذات الأسلوب  من منطلق غرائزي  ,الا أنه منفلت   ..الفاشية العربية منفلتة,  في حين الغربية مقيدة ايديولوجيا  بعض الشيئ.

الفاشية الغربية رأت   اقتصاديا  ضرورة النقابات  , والمفروض  هنا أن  يكون  العمال من المنتسيبين للحزب الفاشي , ونقابات جمهورية الأسد  بعثية صافية  وبالتالي فاشية صافية ,  ومن حيث المواطنية  , فالفاشية الغربية وجدت في المواطن خائن حتى يثبت العكس  عن طريق الانتماء للحزب الفاشي , والمواطن السوري “خائن” بطبيعته  الى أن تتم ترقيته  بعامل العمالة للسلطة الى بعثي  أو أسدي , ولو لم يكن الانسان السوري خائن سلفا  لأمكنه أن يصبح مديرا لمدرسة ابتدائية على سبيل المثال دون أن يكون بعثي-أسدي  , أو أن يصبح ضابطا مهما في الجيش , وكيف له أن يصبح ضابطا مهما في الجيش , والجيش عقائدي بعثي -أسدي ….كتئب الأسد .

التطرف الوطني   , الذي مارسه  زعماء الفاشيات الغربية   كان شكليا.. كان تشدقا , فمن ثلاثة كلمات قالها هتلر  , كنت هناك  كلمة ألمانيا , والعروبة المطلقة   التي تتوج بها البعث مارست الوطنية تشديقا ,  اسمع يا أخي خطابا للرئيس المؤبد …وكم من المرات  يتم به ذكر سوريا ومصلحة سوريا والوطن وحب الوطن والخيانة والعمالة والتآمر على الوطن ..الخ , العروبة المطلقة  هي عقيدة التخوين  , وعقيدة المؤامرة هي قاعدة الكره للغير , ولما كنت  أتآمر  فاني أظن على أن الغير يتآمر أيضا , وكل ذلك برسم  تثبيت أقدام نوع من الامبريالية الداخلية  ,  التي لاتعترف بوجود معارضة , وان وجدت  فهي مؤامرة  تمولها أجندة أجنبية  , وان حاربت   , فهي تحارب نيابة عن أعداء الوطن , المعارض هو منشق عن الوطن , ويجوز سحقه   فيزيائيا , هذا اذا لم تجد وسائل السحق والابادة الأخرى ..سياسيا وأخلاقيا في ابادته . الفاشية الغربية  ..فرانكو..موسوليني  وهتلر  جلسوا على كيانات عسكرية  , والأسدية  تجلس على العسكر  , الذي تم انتقائه  وغربلته عدة مرات ..أولا يجب أن يكون  بعثي  وثانيا علوي  وثالثا أسدي, واجتماع كل هذه الصفات في العسكري , يجعل منه  مناضلا  باسلا وشريفا في  كتائب الأسد

الفاشية الغربية  مارست  اضطهاد الأقليات  , لأنه أولا من السهل القضاء عليهم في اطار الرهموجة الوطنية , وثانيا  يخدم القضاء عليهم حملة التأجيج الوطني القومي ثم تصدير أي مشكلة اليهم ..اليهود  هم   سبب المحنة  الأوروبية -الألمانية !..وهم  مصدر الشر!  ,حسب تعبير المؤرخ  الألماني ترايتشكي عام 1915  , حيث تبع سعادة  خطوة ترايتشكي بالقول   , ليس لنا من اعداء الا اليهود  .ثم التطرف في  تقييم الأقليات .. هتلر  اعتبر على أن  وجود المانيا مهدد من قبل اليهود , وسعادة  قال   عنهم ..مشكلتنا معهم مسشكلة وجود وليست مشكلة حدود .

الحرية الشخصية وطريقة ابادتها  هو قاسم مشترك بين  الفاشيات  الايديولوجية  والفاشيات الغرائزية  العربية , الحريات مقيدة تماما ايديولوجيا , لا حرية الا حرية القائد ,  , الحرية فوضى, وتعدد الآراء  والأفكار  غوغائية , ثم أن رؤوس الفاشيات  لايتغيرون الا  بعونه تعالى , هتلر  انتحر واحرق نفسه وزوجته  بعد ان حرق المانيا  وأوروبا , موسوليني  قبض عليه  وعلق على العامود بجوار  كازية لأيام , وأذكاهم كان فرانكو  , الذي  رحل طوعا بعد ان اعاد الملكية  لاسبانيا , وهكذا نرى على  انه للديكتاتور   الفاشي العديد من الخيارات , حرق البلد هو القاسم المشترك بينهم , الا أن هناك من يحرق نفسه  , وهناك من  يعلق   للتفرج عليه على الخشبة ,  وهناك من يذهب بسلاسة ,  وعلى الجانب العربي  هناك تشسكيلة مشابهة  , قد يكون هناك شبه بين فرانكو ومبارك , ثم فرانكو وعلي عبد الله صالح   , وقليل  من الشبه بين بن على وفرانكو ,  ولهتلر وموسوليني  الكثير من الأشباه  ..هناك صدام , ومعمر  , وعلى  الطريق بشار , الذي اتمنى له  ان يكون جزئيا كفرانكو .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *