استحالة القاعدة

من الصعب التعرف على رأي موضوعي بخصوص مستقبل سوريا , هناك تكهنات فقط , وكل يتكهن حسب موقفه من السلطة والمعارضة ,من يعارض السلطة  يتصور المستقبل ديموقراطي وحر,  ومن يؤيد السلطة يميل الى تصوير المستقبل  على أنه  سيكون أسوء من الحاضر , ومن  أسوء مايمكن أن يحدث في المستقبل   بعد  رحيل السلطة الحالية هو أن تأتي القاعدة , هكذا يدعون وبكل جدية , فهل من الممكن ان تحكم القاعدة سوريا  ؟ أي  أفغنة سوريا المطلقة !.

لايحلم بالأفغنة  ذو عقل , وذلك بالرغم من وجود الكثير من الجهاديين الرحل الآن في شمال سوريا  وحتى في وسطها وجنوبها , انهم رحل  ويرحلون من منطقة الى أخرى للجهاد في سبيل الله والشهادة , التي هي هدفهم المبدئي , وهدفهم المبدئي ليس  الحكم وليس  تشكيسل وزارة او  غير ذلك من الأمور التي تعود الى موضوع  تسيير أمور دولة , الا  ان حلمهم ايضا أن يروا راية الاسلام ترفرف .

مآرب هؤلاء في معظمها شخصي بحت , لذا يبقوا , ولو كثر عددهم , أفراد  , لايمكن لهم تشكيل ظاهرة سياسية , وبالتالي لاقيمة سياسية  لهم , خاصة  بسبب عدم وجود حاضن  شعبي لهم في سوريا  , حتى في أفغانستان هناك  اشكاليات حول الحاضن الشعبي , فكيف الأمر في سوريا ,  فمن من الشعب السوري سيسير ورائهم , حتى الاخوان المسلمين   يقفون  موقف الرافض لهم .

تثير اشكالية نشاطهم في العراق بعض الالتباس ,  وبالتالي  يقييم البعض قوتهم  بشيئ من المبالغة ,الا  أنه لنشاطهم في العراق  كان هناك حاضن  وحليف  له مئات الكيلومترات من الحدود مع العراق , السلطة السورية احتضنتهم   ومررتهم الى العراق , وزودتهم بما يحتاجحون من   عتاد  وحمتهم  , وأمنت لهم عمق الهروب والفر ..كل ذلك على ذمة حكومة الماليكي  , التي تقدمت بشكوى الى الأمم المتحدة   بهذاالخصوص   عام 2008 .

السلطة متهمة بالمبالغة في أمر   السياحة الارهابية ,  ومن أهم دعائم  هذا الاتهام  هو  مصلحة السلطة  في  تصوير الوضع السوري على أنه مشكلة نتجت عن غزوة يقوم بها غرباء عن  البلاد , والشعب السوري لايثور!!! , وانما تتعرض البلاد الى مؤامرة كونية ,  ومن  واجب السلطة وجيشها  مقاومة المؤامرة الكونية وأجندتها, وليس  على السلطة أن تلتزم  في مقاومتها للغزاة بأي  من  مقررات جينيف , السلطة تحتكر الانفلات التام  في مكافحتها للمنفلتين, أي  ان السلطة تريد  اطلاق يدها في  ممارسة الهمجية الحربية  , والقصد هنا ليس الغرباء  , وانما الشعب ,  التي اباحت السلطة لنفسها قمعه بالطيارات والدبابات  والقنابل والطيران والسموم  وبراميل ال TNT وكل ماتوفر لديها مه همجية  ..اعدامات ميدانية  ..قصف عشوائي للمدن والأحياء ,   تجنيد مرتزقة الشبيحة ..اختطاف ..سجن ..قتل .. ابتزاز ..قناصة .. الخ , السلطة لم تتورع ولن تتورع عن استخدام أي وسيلة للقضاء على الثورة السورية  والثوار السوريين , التي تصورهم على أنهم   القاعدة  وأنهم جزء من الغزوة الكونية على سوريا .

وجود الجهاديين   على الأرض السورية لايخدم  أهداف الثورة أصلا , الا أن وجودهم بكثرة أو بقلة  سوف لايغير  الوضع بالنسبة للسلطة  ,  التي ستعتبر كل الثوار جهاديين اغراب , ولو  لم يوجدوا  , فستخترع لهم السلطة وجود افتراضي   وذلك للأسباب التي أشرت اليها , ثم ان الثورة السورية ليست بحاجة الى العنصر البشري , ليست بحاجة الى العدد الذي هو متوفر بشدة , انها بحاجة الى العتاد  , الذي بلدأ بالوصول   بشكل خفيف , الا أن وضع العتاد أصبح بالنسبة للثوار أفضل بكثير من الماضي .

الآن  وقد بدأ الجيش الحر بتعقب  الجهاديين وطردهم  , من المتوقع  ان يستمر النظام في الباس الثورة الجلابية الجهادية , الا أن النظام سيقوم عن طريق اجهزته المخابراتية  بتقديم كل مساعدة  للجهاديين , لأن للنظام مصلحة  بضرب الجيش الحر عن طريق الجهاديين , وله مصلحة أكبر بأن ينشغل الجيش الحر  بالجهاديين بدلا من انشغاله بكتائب الأسد , وموقف السلطة هنا  يعتمد على  المفاضلة  بين الجهاديين والجيش الحر , من المستحيل  ان  يقتنص الجهاديون والقاعدة السلطة , لأنه  لاحاضن لهم , من الممكن أن يقتنص الجيش الحر السلطة  , لأنه يملك الحاضن الشعبي , لذا ستساعد السلطة الجهاديين , وهذا ماسوف نراه في المستقبل القريب جدا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *