سلطة فقط !استحالة التحول الى سلطة ومعارضة !

تتحدث السلطة عن  احترامها للمعارضة ,بشرط ان تكون هذه  وطنية  , وهل توجدأصلا  معارضة غير وطنية ؟فمن ينظر الى الديموقراطيات العريقة لايجد معارضة غير وطنية , ولا يجد سلطة غير وطنية , الا أن بلادنا أمر آخر  , ففي سوريا الأسد توجد سلطة  أسدية وطنية !,وكل ماهو غير أسدي ومعارض  لايمكن أن يكون وطني  , لأن الأسد هو الوطن في سوريا الأسد .

السلطة تعتبر المعارضة وفكرة المعارضة تافهة ولا تتناسب مع طبيعتها  المطلقة  ,حيث كان ولا يزال  المكان  الطبيعي للمعارض هو السجن  وحتى القبر , وأين هي المعارضة ؟  أو هل توجد معارضة عندما تعتمد السلطة نتائج استفتاء يظهر  تأييدا للأسد الأب والأسد الابن يتراوح بين 99% الى 100% !!!ولعدة دورات استفتائية متتالية ؟

التطورات الأخيرة  أجبرت السلطة الحاكمة  على الاعتراف الشكلي  بشيئ اسمه معارضة ..معارضة حسب مذاج الأسد … معارضة  بدون جمهور ومشروع  , أي ان ما يسمى  معارض  هو  أصلا مؤيد , ولنا في خالد العبود خير  مثال  وكذلك بشريف شحادة , حيث يدعي كل منهما على أنه معارض “بناء”, اما المعارضة الأخرى صاحبة المشاريع والجماهير  فلها طريقة  أخرى للتعامل معها تعامل تقليدي يتناسب مع تراث البعث …. السجن ..الملاحقة ..وفنون السلطة معروفة في هذا المجال ,ولنا في الحزب السوري القومي  خير مثال على ذلك, ومحاولات القضاء على هذا الحزب ذو المشروع والجمهور  لم تتوقف يوما ما ,والأمر لايختلف  بالنسبة لبقية التيارات ,كالحزب الشيوعي وغيره من الأحزاب والتيارات  وقد يتطور الأمر الى شن الحروب وتدمير المدن والأحياء والقرى  من أجل خنق تيار  استعصى على وسائل الابادة الأخرى , المادة 49 من قانون العقوبات السوري  أجازت شنق من ينتمي الى الاخوان المسلمين , حتى ولو أنه لم يقم   بجريمة أو جنحة , ومهما كان رفضي للاخوان , فانه لايمكنني  الموافقة على شتق  احدهم لمجرد انتمائه لهذا الحزب أو التيار .

السلطة تقول انه لاتوجد معارضة  على مقاسها  , لانه ليس  لهذه المعارضة “مشروع” , وفي هذا الأمر الكثير من الجهل  والتجاهل , مشروع المعارضة المتفق عليه بين  محتلف أطيافها  العسكرية والسياسية والمدنية ..الخ هو اسقاط النظام  ورأس النظام , وهذا المشروع  كاف ووافي  , ولم يكن  لكاسترو  في ثورته قبل  حوالي ستين عاما  الا هدف اسقاط باتيستا , ولم يكن للثورة الفرنسية من  مشروع  أول الأمر الا اسقاط الملك لويس الرابع عشر , ولم يكن لماو مشروع الا اسقاط السلطة  المتمثلة بشان كاي شيك ,والثورة  الروسية  لم تهدف مبدئيا الا الى اسقاط القيصر, ولا يمكن أن يكون لمعارضة لم تستلم السلطة بعد  أي مشروع تفصيلي   واقعي ,  المشروع الأكثر تفصيلا يأتي  في سياق انتخابات   حرة , والذي ينال الثقة  يقدم مشروعة التفصيلي النهائي , وعجبا من السلطة  التي تسأل عن المشروع ,فهل للسلطة  أصلا  مشروع بتاء؟واذا كان هناك مشروع لها  ,فهو مشروع الخراب ومشروع تدمير البلاد منهجيا  .

السلطة  تحاول خلق معارضة “وجاهة”   ووضع هذه المعارضة في الواجهة , هادفة  عن طريق  هذه الواجهة استمالة العديد من أفراد الشعب الصامت ,النظام سيحاول  تلميع نفسه ليس فقط عن طريق “واجهة” شكلية للمعارضة  , واجهة مؤيدة عمليا  بدون مشروع  وجمهور, وانما سيحاول اضافة   الى ذلك ممارسة ميدأ فرق تسد مع المعارضة التي  قسمها الى داخلي وخارجي  ,ويحاول دغدغة مشاعر القسم الداخلي, الذي يعتبرهة شريفا !, اما المعارضة الخارجية فليست شريفة ..!كلاب الناتو !!..وكلاب الناتو يزعجون  النظام  بشكل خاص   اذ انه ليس من الممكن وضعهم  في المحجر  ولا يمكن ابتزازهم  ولا تجويعهم  أو قطع الماء والكهرباء عنهم  أو فصل خط التلفون  أوملاحقة  الشبيحة لهم  وقذفهم بالبندورة أو البيض   ,كما حدث مع ميشيل كيلو  عندما كان في سوريا  وتحديدا في مدينة طرطوس , فترغيب  وترهيب المعارضة الداخلية أسهل , وتقسيم المعارضة الى داخلية وخارجية  أصلا هو بدعة سورية لا وجود لمثيل لها في العالم , وهدفها  هو تشتيت وتجزأة واضعاف  المعارضة ,وقد نجحت  السلطة باستهلاك واحراق بعض الأسماء , ومن  المحاريق الآن  قسم من الحزب السوري القومي  وقسم من الحزب الشيوعي  ,والتخلي عن علي حيدر  وقدري جميل  داخليا  بدأ الآن  في  صفوف الحركة الشيوعية والحركة السورية القومية .

لايمكن لسلطة ولدت  انقلابيا  ومارست ديكتاتوريا  بشكل مطلق أن تتحول الى  سلطة  ديموقراطية , تراثها منذ البدء ولحد الآن لايعرف الا التسلط . و مقومات حياتها  لاتستقيم الا مع الاستبداد والنهب والسلبطة , وها هي  تؤكد كل يوم ذلك ,وتؤكد كل يوم  ومنذ نصف قرن وبشكل  لاينقصه الوضوح , على أن  استمرار  ممارستها  لما ذكر هو المهم , وهو الأهم من استمرار وجود   الوطن.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *