بعد انشقاق السفير السوري في بغداد , قالت وزارة الخارجية والمغتربين , على أن السفير أدلى بتصريحات اعلامية تتناقض مع واجبه الوظيفي بالدفاع عن مواقف القطر وقضاياه , الأمر الذي يستوجب المساءلة القانونية والمسلكية .
أليس نن السذاجة اتهام السفير بأنه لايقوم بواجبه الوظيفي , وهو الذي انشق عن كامل السلطة السورية , وأعلن الحرب عليها ,ودعا الجنود والأفراد للانشقاق ,أما عن واجبه الوظيفي , فهنا المشكلة الأخلاقية الكبرى , السؤال ماذا يقود الانسان الى تصرف معين ؟ هل واجبه الوظيفي أم واجبه الأخلاقي ؟ وفي بعض المجتماعات التي تحترم الانسان يقال الواجب الأخلاقي , حيث يمكن حتى للمجند أن يتمرد على أوامر اطلاق النار على الأهداف التي تحددها وظيفته , لأنه اخلاقيا لايؤمن بذلك , لذا فانه من المسموح للجندي الألماني أن يتمرد ويرفض اطلاق النار , والجندي الاسرائيلي أيضا , أين وزارة الخارجية من مستوى البشر ؟
التعلق والتملق للمهمة الوظيفية وانكار المهمة الاخلاقية هي جزء من عملية احتقار الانسان , وتحويله الى “وظيفة” الانسان ليس “وظيفة” ,وانما ضمير وأخلاق , قد تتعثر وقد تلتوي , الا أنه من الواجب احترام هذا الضميبر وهذه الاخلاق عندما تستقينم الاخلاق مع الموقف الوجداني للانسان , أحيي انشقاق السفير , ليس من باب العداء للسلطة , وانما من باب الاستقامة مع الوجدان , والوجدان دائما شخصي ولاغ علاقة له بأوامر وزارة الخارجية أو الداخلية أو الأوامر الرئاسية .
المسلكية السلطوية التي تعتبر الانسان “وطيفة” ولاتعترف بميوله وضميره ورغباته , هي التي قادت الى تسمية سفير لايريد الانخراط في سياسة لايؤمن بها , خائن وعميل , وسياسة الاعدام الميداني لمن لايريد اطبلاق النار على أهله أو على انسان أو حيوان , هي السياسة الحيوانية , التي لايمكن لمن يصيغها الا أن يكون من أكبر الحيوانات .
وعن المساءلة القانونية والمسلكية , أليس مضحك ماتقوله وزارة الخارجية , وكيف ستتم هذه المساءلة عمليا ؟؟قد يقال غيابيا ! وماذا سيبقى من الحكم الغيابي عند رحيل السلطة ؟ , ولماذا الحكم الغيابي عندما يوظف الانسان الانسان حريته وضميره كقائد له , أما كان صمت وزارة الخارجية أفضل ؟
تعيب الوزارة على المنشق مغادرته مكان عمله بدون موافقة مسبقة من وزارة الخارجية , كما تنص التعليمات المعمول بها في السلك الديبلوماسي وبعثات الخارجية الديبلوماسية , والوزارة تتصرف , وكأن السفير لايزال سفيرا ..لم تدرك على أنه منشق , ولا تعرف معنى الانشقاق , أهذا تجاهل أم جهل ؟؟
المسخرة يجب ان تأخذ كامل ابعادها , والبعد الآن هو اعفاء السفير من مهامه أصولا , وما معنى ذلك بخصوص منشق عن السلطة كليا ؟ وللاعفاء بدون شك قيمة تذكر لو أتى قبل الانشقاق, لقد أعفى نفسه من مهماته تمردا وانشقاقا , وهل يكترس هذا المنشق ,الذي لو قبض عليه , سيعلق على خشبة المشنقة , بسفاف وزارة الخارجية ؟
الآن تكتمل المهزلة باعلان قبيلة المنشق على أن ماقاله المنشق لايعبر الا عن نفسه , ثم تطرقت القبيلة الى الحل السلمي والحوار والمفاوضات وضرورة كل ذلك , والأكثر ضرورة كان اعلان القبيلة وقوفها مع القيادة ورفضها للتدخل الخارجي الى ماهناك من تعهد القبيلة بالدفاع عن الوطن وحمايته بالروح والجسد .
ليس غريبا على الذاكرة تصريحات الشيخ نواف البشير بعد اعتقاله والافراج عنه , حيث تم الافراج عنه بحيلة من العربية , التي أعلنت وفاته تحت التعذيب , فما كان من السلطة الا الافراج عنه فورا لتكذيب العربية , وكلنا يتذكر ماقاله الشيخ نواف البشير عن الوضع الذي اجبره على أن يقول ماقاله , تحت الكرباج , وما قاله بعد هروبه هو اتلذي يعبر عن رأيه الحقيقي , وكم من المرات ادعت سانا وقوف عشيرة البشير ضده , وكل ذلك كان افتراء ,وأمر المذيعة رولا ابراهيم أشد ألما من أمر الشيخ البشير , اذا قامت الشبيحة بحرق بيتها في طرطوس , واعتقال ذويها وارغامهم على شجب ماقامت به المذيعة , والأمثلة على أحداث من هذا القبيل كثيرة جدا , أشعر بالعار عندما أتذكرها , لذلك أريد التوقف عند هذا الحد .