رئاسة البؤس

قالت وكالة سانا  ان الرئيس بشار الأسد أكد على  أن الأزمة القائمة في بلاده بمعظمها خارجية الصنع والدليل على ذلك وجود مقاتلين عرب ومتطرفين اسلاميين يقاتلون في سورية إضافة إلى السلاح المتطور الذي يهرب عبر الحدود والاموال التي تضخ من الخارج.
وكيف يمكن صناعة أزمة  كالأزمة السورية  من الخارج? , اذا كان الوضع الداخلي مستقيم وقانوني   وشرعي , ولا تشوبه شوائب ؟ ,  ترتيب سوريا  في المرتبة 147 بما يخص مؤشر الفسادعالميا  هو سبب وجيه للثورة  ,  التي حاولت المعارضة , التي لم يعترف الأسد بها لحد الآن , تجنبها , اذ قيل الكثير  ,  الخارج والداخل قدموا   قدم العديد من النصائح  , داخليا  كان الجواب على كل مطلب  هو السجن  والاهانة .. فالمطالب تمثل  اضعافا للشعورالقومي  ,وتشكيك في أهداف ثورة الثامن من آذار ..لذا كان على ياسين الحاج صالح ان يمكث 16 سنة  في السجن  , وعقوبة ميشيل كيلو تجاوزت الثماني سنوات , وعندما توسط الرئيس الفرنسي  جيراك  له ,في أوج الغرام السوري -الفرنسي , رفض الأسد الوساطة  قائلا ..ان كيلو يستحق هذه العقوبة ..والأمثلة على ذلك كثيرة  , المساجين قتلوا في زنزاناتهم والاغتيالات على قدم وساق   , وكلنا  يعرف الكثير  عن مآثر السلطة السورية في  السنين الأربعين السابقة , والتي لاحاجة الى تكرار تعدادها , الا أنه يجب التنويه الى  بعض النقاط الرمزية  كاغتصاب الدستور عام 2000 (العمر الضروري للرئاسة ) و الى الطريقة الاجرامية  في التعامل مع  اعلان دمشق واعلان بيروت وطريقة التعامل الحالية  مع الربيع  العربي , وكل ذلك لايكفي , حسب رأي الرئيس , من أجل اندلاع نيران الثورة !.
أما خارجيا  فقد قضت السلطة على  امكانية أي تفاعل  ايجابي , فالخارج لايعرف الا التآمر  , ماعدا  من يؤيد السلطة كايران  وروسيا , سلطة لم يكن بامكانها معرفة الأسباب الحقيقية  لموقف ما , لقد ظنت السلطة  , على أن الدعم الروسي لسوريا هم دعم لها , لذا تمردت على  كل محاولة جدية  لانقاذ الوطن عن طريق التفاهم  الداخلي الذي كان حتى لفترة قريبة ممكننا , الفيتو الروسي -الصيني  هو المنقذ ,  وهو بقوة الشعب أو حتى أقوى ,عملية  انقاذ السلطة  مؤقتا بالفيتو الروسي  كانت باهظة الثمن , لقد كلفت استقلال الوطن , وكما نرى فان الر وس يتصرفون بالبلاد وكأنها جزء من روسيا !.
اما الدليل الذي قدمه السيد الرئيس  على أن الثورة مستوردة من الخارج , فهو دليل  غريب جدا , لقد التبس على الرئيس  موضوع السبب والنتيجة  ,-الدليل  على الصناعة الخارجية للثورة  , كما قال الرئيس.هو وجود مقاتلين عرب ومتطرفين إسلاميين يقاتلون في سورية الآن..اضافة  إلى ذلك السلاح المتطور الذي يهرب عبر الحدود والأموال التي تضخ من الخارج-, الا أن ذلك  هو  ظاهرة مرافقة للثورة , وليس سببا لها , الثورة اندلعت  بسبب  الفساد  وانعدام الحرية وقتل اي تطور ديموقراطي , وبعد اندلاع الثورة حدث التدخل  , حيث  اتى الغرباء  ليس فقط لمساعدة الثورة , وانما أتى غرباء أيضا لمساعدة السلطة  بالمال  والرجال , ومساعدة الثورة  , التي يفترض الأسد على أنها فاسدة , هو أمر أكثر اخلاقية  من مساعدة السلطة التي تبث فسادها , كما أن موضوع الشرعية  يلعب هنا دورا كبيرا, فقيام  ثورة في دولة ما هومؤشر لفقدان سلطة هذه الدولة جزئيا الشرعية , اما عندما تعترف معظم دول العالم  بهذه الثورة  , وعندما تلجأ السلطة الى تزوير الانتخابات ( لاحاجة للتزويرعندما  تقف أغلبية الشعب مع السلطة , ونتائج 100%  هي برهان  قاطع على  عدم وقوف أغلبية  البشعب الى جانب السلطة ), عندها يجب القول على أن السلطة فقدت شرعيتها تماما  , وعندها يجب القول على أن  الثورة تستمدالشرعية الكاملة  من لاشرعية النظام , وعندها  تصبح مساعدة السلطة حالة غير شرعية ,  ومساعدة الثورة  أكثر شرعية  وأخلاقية من مساعدة السلطة ..الثورة هي دائما أفضل من الأسباب التي  أدت الى اندلاعها .
الرئيس تابع وقال “الثورة لا يمكن أن تكون ثورة عصابات يجب أن تكون ثورة شعب ولا أحد يستطيع أن يقمع ثورة شعب.. ولكن نحن نطارد ونقتل إرهابيين وندافع عن انفسنا.. هم يرتكبون المجازر بحق المدنيين ونحن من واجبنا أن ندافع عن المدنيين.. هذا واجبنا كدولة”،  أي أن الرئيس لم يدرك لحد الآن  وجود ثورة  شعبية , وانما وجود عصابات مسلحة  يطاردها  ويقتلها  , وحتى  عن المسالمين من الذين قضوا في السجون عشرات السنين , يقال من قبل  أبواق السلطة على أنهم قادة للعصابات المسلحة  ..ميشيل كيلو ,حسن عبد العظيم , لؤي حسين .ياسين الحاج صالح ..رياض الترك  والكثير  غيرهم ,فمن هؤلاء  المعارضين الذين لاينتمون الى العصابات المسلحة في  هذه البلاد ؟  ولما كان الجميع عصابات مسلحة  يريد الرئيس مطاردتها وقتلها , فمن سيجلس معه ياترى على طاولة الحوار ؟؟؟  أظن على أن الرئيس  سيجلس مقابل ظله على طاولة الحوار,وليس لهذا الرئيس الا أن يحاور نفسه  ..انه بائس وبدون أي شك !.
لم يتعظ الرئيس من خبرات سابقة , وقد “طرق” اذنه   قبل فترة وجيزة نوع من الانتقاد  لما قاله حول دوافع المتظاهرين , عندما قال  على أن العاطل عن العمل يقبض 2000 ليرة سورية  ثم يتظاهر  ضد الرئيس ..الشعب يريد اسقاط النظام!!! الخ  , وسعر المراهق لم يكن أعلى من سعر العاطل عن العمل  ,وقد  فات على نباهة اللرئيس على  ان العاطل عن العمل الذي يتظاهر مقبل 2000 ليرة سورية   ضد الرئيس ,على استعداد لبيع الرئيس  بمبلغ أقل من ألفي ليرة سورية , ولم ينتبه الرئيس الى الحقيقة التي تقول ان 60% من الشعب السوري عاطل عن العمل الحقيقي  , واكثر من 30%  هو في سن المراهقة   وما تحت , وقد كان صدى هذا الاحتقار للمواطن مولما جدا  , اذ  ليس من المألوف أن يتحدث رئيس جمهورية بهذا الشكل السوقي عن المواطن , والرئيس كرر الخطأ  المنكرللمرة الثانية  , ورفض “الندم”على القمع الوحشي لأول تظاهرة سلمية مقتديا  بالقاعدة العامة التي تقول  من يعمل يخطئ,  وبعض رفضه الندم  انتقل فورا الى الخارج , متهما الخارج بأنه يثور ضد سلطته , وكأن الداخل مسرور جدا بتسلطه ..قال : المخطط ضد سورية مر في ثلاث مراحل: الاولى مظاهرات جزء كبير منها كان مدفوعا.. في بداية الأزمة كان سعر المتظاهر عشرة دولارات.. الآن أصبح 50 دولارا أو مئة دولار حسب المنطقة ولكن كانوا يتوقعون أن يكون هناك فعلا ثورة حقيقية من خلال المظاهرات وثورة سلمية كما حصل في مصر وتونس.. انتقلوا بعدها لخلق مناطق في سورية تسيطر عليها العصابات المسلحة بشكل كامل على طريقة بنغازي في ليبيا.. فضرب الجيش هذه المحاولة التي استمرت حتى شهر آذار الماضي حيث فشلوا في المرحلة الثانية.. فانتقلوا لعمليات الاغتيال الفردية وارتكاب المجازر بحق المدنيين بالإضافة لمهاجمة مؤسسات الدولة بالمتفجرات.. فاذا ان نقول ان المظاهرات كانت سلمية هذا كلام ساذج لم تكن بهذا الشكل تماما”.واللافت  للانتباه هنا هو شرح الرئيس لديناميكية  أجور التظاهرات  ..من عشر  دولار ات الى مئة دولار  ,حيث أن السعر أصبح أقل, فعشر دولارات ليست أكثر من 600 ليرة سورية , أي أن المواطن على استعداد لبيع الرئيس  والجوقة المحيطة به بمبلغ أقل من 600ليرة سورية  , يامال  البلاش , وعلى مابقي  من هراء  الأسد   لاوجوب للتعليق …فعلا  انه بائس .
لا تقتصر معالم البؤس الرئاسي على ماذكر , الرئيس  أعلن عمليا انسحاب سوريا من المؤسسات الدولية , اذ قال في سياق رده على الاتهامات التي وجهتها المنظمات الدولية الى الجيش السوري , ان  هذه المنظمات هي مؤسسات خاضعة للارادة الأمريكية والغربية  , ومن الغباء  أن نعتبران كلام هذه  المنظمات الدولية مرجعية .,  فما هو العالم الذي تريده ياسيادة الرئيس ؟ هل هو عالم يقلد سوريا  ومرجعية منظماتها , أو أنه عالم القانون الدولي , هل تريد تعميم الغاب السوري على العالم ؟؟ وقول الرئيس  ان سوريا لاتخضع للمنظمات الدولية هو  بمثابة  استقالة من هذه المنظمات ,  وعليه ان يقوم بذلك رسميا  وليس ثرثرة , ومن يريدلايريد الخضوع الى  المنظمات الدولية , عليه  أن  لايطالب هذه المنظمات بالمساعدة .. الغذاء والدواء لملاين من السوريين , رئاسة بائسة بالواقع !
الرئيس “زعلان” من المنظمات الدولية , التي تهيئ الآن اضبارة الاتهام ضده , حيث عليه ان يسلم نفسه  أو ان يمارس الهروب أو التخفي ,  , ولا أظن على أن القضاء العالمي فاسد كقضاء سوريا الأسد , لذا  سوف لن ينفع  “البرطيل” , والقضاة في محكمة الجنايات الدولية لاينحدرون من القرداحة ,  وما يدعية الرئيس الآن  سوف لن  يكون له أمام القاضي قيمة تذكر , أقوال الشهود , وتقارير المنظمات الدولية هي التي ستححد نوع الحكم , وهل يمكنني الا أن أشعر بالعار عندما تصل  رئاسة الجمهورية  الى مستوى اتهامها بالاجرام بحق الانسانية ؟؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *