يا أبواب دمشق .. من هذا الجهل أغيثينا

لاأدري كيف سأقتل حرف الطاء .. ولاأدري كيف سأشنق حرف الألف .. بل لاأعرف كيف سألقي بالهمزة من أعلى هاوية أو جرف .. وكيف سأحرق حرف الفاء .. وأمقصل رأس حروف الياء .. ولعلي لن أرتاح حتى أبقر بطن التاء المربوطة وأرميها .. في بحر الظلمات .. لن يهدأ لي قلب حتى أقتل كل حروف الفتنة في مجزرة عظمى .. وأدفنها في قبر أو أحرقها في محرقة كبرى ..

ماأحلى أن اقرأ أعجل خبر في العالم فيقول: انفصلت هذي الأحرف “ط ا ئ ف ي ة” في الشرق .. وماتت الطوائف.. واحترق أبو لهب في لهبه ..

طائفة وطوائف .. ومذهب ومذاهب .. طائفة وطوائف ..ومذهب ومذاهب .. ماقتلتنا غير طوائفنا ومذاهبنا .. ماقتلتنا الا الطاء التي اجتمعت بالألف واتكأت على الهمزة والفاء ..واضطجعت تحت ظلال الياء .. وتباهت بالتاء المربوطة ..فكنا طائفة ..وطوائف ..يسبح في دمها عبد الرحمن القرضاوي و صاحبه العرعور ..ولحيدان وابن عثيمين..

في بحثي عن الحرية التي أطلقتها الحناجر الثائرة والتي أقام لها الكتاب الثوريون النصب والتماثيل وعزفوا الأناشيد وثرثروا بها وزرعوها مكان الفاصلة والنقطة .. وبين العبارة والعبارة .. كنت أجد الطوائف كالحية تسعى في بطن الحرية .. كان فحيح الطوائف يعلو من بطن الحرية .. وكنت أسمع هسيسها بين الأسماء الكبرى والشعارات الكبرى.. وكنت أرى خيالها الطويل في مياه الكلام الثوري الرقراق .. يسبح كأسماك القرش أو يطفو كرؤوس التماسيح..

في كلام ثوار العرب هذه الأيام لاشيء غير الطوائف والقبائل والسباب والكراهية .. الطوائف مسعورة تنهش بعضها والقبائل المجنونة تسير في كل الشوارع .. وفي بلاد العرب تسكن الطوائف كل الصحف وكل الفضائيات ولها كل المهرجانات .. وهي تقيم الحواجز بين السطور والسطور ..وبين القلوب والقلوب ..وبين العقول والعقول .. بل وتضع المتاريس وأكياس الكلمات الرملية بين الله وبين الناس ..وبين الرسول والرسول ..

لايخلو سطر أو تصريح من عواء الطوائف .. مسلمون ومسيحيون ..أقباط ومسلمون .. شيعة وسنّة .. علويون ودروز واسماعيليون وصابئة .. لاأدري الآن مالفرق بين حروب عبس وتميم وغضنفر وغطفان وبني مرة وبني هلال .. وبين ماعدنا اليه الآن …سنة وشيعة .. ودروز وعلويون .. ومسيحيون ومسلمون و و و .. ولاشيء الا أسماء جديدة لحروب كانت ملكا حصريا لقبائل أبي جهل ..

وظهرت حرية ثورتنا على أنها مواء طائفي تردد صداه في مبادرة أمير قطر بتحويل الحكم السوري الى مناصب طائفية لحل الأزمة في اعتراف لالبس فيه بأن من يقيم الدنيا ويقعدها هم الطائفيون المجانين الذين لبسوا ثياب الثوار والأحرار .. ذلك كي نصبح لبنانا آخر وننجب لهذا الشرق “وليد جنبلاط” ضخما متقلبا في مزاجه ومزاحه .. ولننجب عائلة مثل عائلة الجميّل وحكيما مهووسا مثل سمير جعجع .. وتصبح لنا مجالس للشيعة وومجالس للسنة ..ويزورنا فيلتمان كما يزور دول الطوائف في لبنان ويوزع علينا الانتخابات والناخبين ..

مايضحكني ومايدهشني هو أن الغرب صار يقسم المساحات على سطح القمر ومجرة درب التبانة .. وهناك خرائط وملكيات لهذه الأراضي وأسماء ولايات ومدن على رمال سطح القمر .. وهناك أراض فوق المريخ واقاليم وخرائط ملكية للأمم الغربية .. فيما نحن في الشرق نرسم خرائط ألف ليلة وليلة من الزمن الذي مات .. ونرسم الحدود الطائفية بين جبل محسن ودرب التبانة ..في شوارع مدينة صغيرة مثل طرابلس ..وصار للأشجار والأحجار والأنهار مذاهب وانتماءات طائفية ..

فويل لهذه لثورات التي تزرع الطوائف في عيون أطفالها .. وويل للثورات التي تعلم أبناءها الكراهية والحقد والكذب فيقتلونها وتقتلهم كما تقتل ذئاب هائجة ذئابا هائجة .. وويل للثورات التي يتولاها صغار القامة والتي تشرب رحيقها من أفواه الأفاعي ويلثم شبابها ابر العقارب فيما ينام رجالها على ظهور التماسيح .. وويل للثوار الذين لايعرفون من يتبعون وخلف من يصلون ومن أي بئر يرتوون ..

ولكن الويل ثم الويل للشعوب التي تخاف المواجهة مع الجهل والجهلاء والجاهلية .. والويل ثم الويل للشعوب التي يصيبها الوهن والتعب وهي تحارب الشر والفتنة .. وويل لها ان كان أعداؤها يجيدون الصبر أكثر منها ولا تبزّهم بالصبر والجلد ..

وويل لشعب يرى فاجرا يقود ثوارا فلا يلقي به وبهم في فوهات البراكين .. ويل للشعوب التي لاتقرأ الا الكف وفناجين القهوة وأخبار ابليس .. فيما أعداؤها يفككون كتبها المقدسة حرفا حرفا .. وويل للشعوب التي تقرأ مايكتب لها عدوها ولاتقرأ ماكتب عنها عدوها ..

ولكن طوبى لمن تعلم كيف لايخاف من الغوغاء والدهماء .. وطوبى لمن تعلم أن يرجمها بالحجر تلو الحجر .. وبالكلمة تلو الكلمة .. وبالاحتقار تلو الاحتقار .. وبالتحدي يتلوه التحدي..

سنتحدى هذا القبح ..وسنتحدى هذا القيء .. فعندما تتحرك الأشجار من بعيد ويدفع الربيع بالربيع تلو الربيع .. وتقول لنا زرقاء اليمامة أن الأشجار تتحرك سنعرف أن الأشجار لاتتحرك الا اذا قطعها العدو .. العدو يتستر بالأشجار ..والأشجار هي أولئك الشباب العربي الذين دفع بهم الغرباء الى الموت في طرقات المدن العربية ليشقوا للعدو الطريق .. فوصل العدو الى ليبيا وتونس ومصر ولبنان واليمن وهاهو يدق بالجهل على الأبواب الدمشقية ..

فيا أبواب دمشق .. من هذا الجهل أغيثينا ..

ويا أبواب دمشق .. على هذا الجهل أعينينا .. وقوّينا

وياأبواب دمشق .. بالحب فضمّينا.. وزيدينا

ويا أبواب دمشق من بعدك الا الله سيحمينا؟؟

ياأبواب دمشق

ان الدنيا بعدك ليست تعنينا

ان الدنيا بعدك ليست تكفينا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *