بوادر تطورات أخرى !

قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم أول أمس في الدوحة  الطلب من  ادارة عرب سات  ونيل سات  توقيف خدماتهم الى الفضائيات السورية  الرسمية والخاصة , ومن المتوقع أن تمثل ادارة عرب سات الى القرار , لأن هذه الشركة هي ملك للجامعة العربية ,أما موضوع ادارة نيل ذات   فهو أمر آخر , فالشركة خاصة  , ونظريا يمكنها التمرد على قرار وزراء الخارجية العرب , لأنها تخضع لقانون الاعلام المصري ,   ولا أعرف مدى تأثير الحكومة المصرية على ادارة نيل سات .

ماحدث هو فصل من فصول   زيادة الضغط العالمي على الحكومة السورية  , التي أصبحت منبوذة دوليا  فلا الأمم المتحدة  موافقة على  مسلكيات الحكومة السورية , ولا الجامعة العربية  , عالميا وسياسيا  تحولت سورية الى محمية روسية-صينية .

ان ماحدث في سياق معاقبة السلطة السورية  أمر واضح , والعقوبات سوف لن تتوقف عند هذا الحد  , وانما ستتطور , وآخرالتطورات قد يكون  التدخل العسكري  , الذي يمكنه عندئذ انهاء   مخاض  ولادة نظام جديد في سوريا , يمكن فهم كل ذلك في سياق  تدويل الأزمة السورية  , الذي أصبح أمرا واقعا .

ما لايمكن فهمه  فهمه هو  موقف  المجلس الوطني للاعلام في سوريا , حيث اعتبر المجلس خطوة وزراء الخارجية العرب , على أنها جائرة   وانها تمثل تدخلا  سافرا في الشؤون الداخلية للدولة السورية  واعتداء على حرية الاعلام, حيث ان ماقرره المجلس هو عمل ارهابي  ضد الاعلام واستكمالا للخطة العدوانية التي تستهدف سوريا  استقرارا  ودورا وفاعلية ..الى ماهناك من التعابير الخشبية , التي  لاحاجة لكتابتها , فالقارئ يعرف تماما  هذه العبارات , التي يحفظها كل منا عن ظهر قلب .

اما على مستوى الزبانية  فهناك  تفسيرات أخرة لفعلة المجلس الوزاري الشنيعة  , اذ يقول هؤلاء , على أن  الهدف من هذا العمل  هو قطع التواصل  بين  الاعلام الرسمي السوري  وبين الشعوب العربية , ذلك لأن هذا الاعلام بدأ بشق طريقه باتجاه  الشعوب  ,والحكومات العربية خائفة  من سطوة هذا الاعلام السوري  وتأثيره التنويري على هذه الشعوب , علما على  ان نسبة من  يتزود بالأخبار من السوريين  في سوريا من  وسائل اعلام سورية   هي 7%  من السوريين , و 93 % من الشعب السوري  يبحث عن الخبر  في   وسائل اعلام أخرى غير سورية  , والجزيرة  تأخذ  حصة الأسد , فلا خوف من وسائل الاعلام السورية على  الشعوب الأخرى .

المجلس الوزاري  يدعي  ممارسة واجبه في حماية الشعب السوري من سلطة غاشمة , والمجلس الوطني للاعلام السوري , يتهم المجلس الوزاري بارهاب الشعب السوري , ولا أظن على أن هذه الخطوة موجهة عمدا ضد الشعب السوري , وانما هي خطوة لمضايقة السلطة السورية  وتضييق الخناق حول رقبتها , كما أنها خطوة  يرى الكثير من أفراد الشعب السوري المعارض  ضرورتها وأحقيتها ,  وبكل تأكيد سيعتبر المجلس الوطني كل هؤلاء عملاء  وخونة , والسلطة السورية  ستشارك المجلس الوطني رأيه حول عمالة الشعب السوري , وعلى كل حال فهذه  الأمور   متوقعة في  بلاد لاتعرف ثقافته السياسية الا الأسود والأبيض , الا  الخيانةوالوطنية , وعادة  يقال عن الوطني خائن  وعن الخائن وطني ..ضاعت المعايير  وضاعت الطاصة .

ونظرية الارهاب  الذي يقوم به المجلس الوزاري   ضد الشعب السوري , أيقظت بعض الأسئلة  حول المجلس الوطني للاعلام  والشعب  السوري أيضا , اذ أنه من المعروف في  على  أن وزارة الاعلام  تنقض على  كل رأي مخالف  , حيث يجري اعتقال  الصحفيين والكتاب   وتعذيبهم , وآخرهم كان الكاتب  خالد خليفة , الذي كسر الأمن يده أو ذراعه ؟ ولا توجد ضرورة لسرد الأسماء  وذكر الوقائع التي جرت بها الاستهانة والاهانة للمواطن السوري  فهي أكثر من أن  تعد ,ناهيكم عن حجب  الجرائد والمجلات  والمواقع الاليكترونية , ومن الصعب بشكل طبيعي التعرف على  العديد من الكتابات والمقالات في سوريا  دون استخدام برامج  تسمح بتجاوز الحجب ,الذي تطبقه الوزارة  على كل معارضة ,  واذا كانت  فعلة المجلس الوزاري عبارة عن ارهاب للشعب السوري , فكيف يمكن تصنيف أفعال وزارة الاعلام السورية  بحجبها  للمعلومات  عن الشعب السوري ,؟ هل هذا ارهاب أيضا , الوزارة ستقول  هذه هي حماية  للمواطن السوري ,  مقولات معروفة عند الديكتاتوريات , ولا حاجة للسخرية منها أو التعليق عليها .

سوف لن يكن لخطوة  المجلس الوزاري  أثرا كبيرا على الوضع  الاعلامي الداخلي في سوريا  , حيث يمكن العودة الى الطريقة التقليدية  في التقاط البرامج السورية ,  والخارج يمكن تخديمه عن طريق   الأقمار  التي تشترك بها ايران . وبهذا تتوجه سوريا  خطوة أخرى  باتجاه    التحول الطوعي الى مستعمرة ايرانية , أم ان السلطة السورية تلجأ الى الأقمار الصناعية الصينية أو الهندية ..طبعا لقاء  رسوم  مالية .

قد يكون في قرار  المجلس الوزاري  بعض الخفايا ,  ففي حالة الحرب   يحاول طرف من الأطراف التحكم بالاعلام  لصالحه , كما فعل الجيش الأمريكي في العراق , وكما فعل الناتو قبيل   هجومه على القذافي  , لا أعرف تماما  حقيقة وجود  أمور خفية خلف  هذا القرار , وانما أرى كأي انسان آخر  على أن الحديث عن التدخل العسكري يزداد هذه الأيام , كما أن موجبات التدخل العسكري تتكلثر  من يوم لآخر !.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *