ان قرأت فأنت بدوي , وان لم تقرأ فستبقى بدوي !!

المقدمة التي توج بها الأستاذ أبو سلمى مقالة لافروف (على الجانب الصحيح من التاريخ)عجيبة جدا..”أعرف أن القليل يريد أن يفهم !! أقرأ على الأقل أيها البدوي السوري لعلك تفهم “ ,حيث يوحي السطىر اليتيم  بأن هناك حالة من التصحر  في بلاد البدو , البدوي يبقى بدوي ان قرأ أو لم يقرأ , أي أن البدوي  محكوم بالبداوة شاء أم أبى ,وهذا ليس   بالغريب  في مجتمع   انتهكت السلطة  به  حرمة العقل وأردته قتيلا ,  وحتى الأجساد لم تنج من   مكنة التقتيل , ألذي أصاب عشرات الألوف من المواطنين ..سلطة تبدو وكأنها تحكم من موسكو , سلطة لاتريد تدخلا خارجيا  , الا أنها  ترحب بالتدخل  البوتيني , الفرق   بسيط بين روسيا وسوريا ..اخوان في سلك الديكتاتوريات    وتزوير الانتخابات  وقمع التظاهرات .

مقالة لافروف طويلة عريضة , ولا يمكن القول  على  أن النص العربي هو ترجمة لها , فالنص العربي هو مقالة بحد ذاتها  ,  والمقالة بالعربية  استندت على  بعض النقاط التي  أوردها لافروف  و , لذا فانه من الضروري اعتبار النص العربي  هو مقال للأستاذ أبو سلمى  وليس ترجمة , لأن على الترجمة  أن تستوفي  عامل “الأمانة ” , وهذه الترجمة لاتستوفي هذا العامل بالشكل الضروري  , لقد أهمل المترجم الكثير من النقاط  , وصاغ نقاطا أخرى حسب  فهمه وادراكه  للموضوع , ولا ضيم من ذلك  , عندما ننطلق من مقالتين   , وليس من ترجمة لمقالة واحدة .

لافروف استعرض  بشيئ من التفصيل مفاصل السياسة الروسية  الداعمة للحرية والاستقلال  والرخاء للشعوب العربية , محذرا أيضا من الثورات  ومشجعا على التطورات  , حيث أن روسيا ذات خبرة  بهذه الأمور , الا أن استعراضه للأوضاع العربية  يتصف ببعض السذاجة المتعمدة , فالخبير في السياسة لاينتظر تحول افغانستان  والعراق حتى بعد سنين من  العمل الجاد  الى ديموقراطيات , والأمر كذلك في ليبيا , والخبير في السياسة لايعط لزوال القذافي أو صدام  مايستحق من التقييم  , وكأني  به  ينحب  زوالهم , وينحب زوال مبارك في حين ان الشعب المصري  ينتخب , ولا يعطي الانتخابات في مصر  ماتستحق من  قيمة  ديموقراطية , اذ  يعجب من الاضطرابات الطائفية  وغيرها من  الارتجاجات , التي كان من المتوقع أن تكون أعظم , اذ لايمكن  القول على أن استقالة مبارك  تمثل نهاية  لديكتاتورية متجذرة في المجتمع المصري  حتى قبل ثورة عام 1953 , انها بداية النهاية فقط ,  والمسيرة  باتجاه الديموقراطية ستتعثر  , كما تعثرت مسيرة الديموقراطية الروسية ولا تزال تتعثر , وقد مضى  على  زوال السلطة الشيوعية عشرات السنين .

ثم يسأل لافروف  بخصوص الوضع السوري  وبصيغة النفي , كيف يمكن للنظام السوري أن يبقى على الحياة بالرغم من العقوبات ؟  عندما لايحظى هذا النظام  بالدعم الشعبي  !,  ولماذا  وقف معظم الشعب السوري الى جانب  مشروع الدستور , ولماذا  يمارس معظم  الجيش السوري الولاء للسلطة ؟, واذا كان الخوف هو العامل  المؤثر  في هذا المجال  , فلماذا  لم ينقذ هذا العامل  الزعماء الآخرين من السقوط , أي أن لافروف بكلمة أخرى لايرى أي غبار على شرعية السلطة السورية , انها الممثلة الشرعية للشعب السوري , وبهذا  يمكن القول على أن شيئا من الستالينية  مترسب في نظرة لافروف ,التي لم تأبه كثيراللطريقة  الانقلابية التي جاءت بالسلطة  ,ولم  تعير  غياب الحريات  والديموقراطية  وكثرة السجون والمعتقلين  والقتل والسجن  والتعذيب  والمخابرات وأجهزة الأمن والممنوعات  والمادة الثامنة والفساد والاستبداد أي أهمية تذكر ,  وذلك مع أنه في   البدء اعترف  بالحاجة الى الحرية , واحترم تطلعات الشعوب  التواقة الى الديموقراطية  والرخاء  ثم انه اعترف بفشل النظام بالقيام  بعملية التجديد في الوقت المناسب  , وادعى على أن السياسة الروسية تقف بايجابية  كبيرة تجاه مطالب الشعوب المحقة  ..

لقد اراد لافروف التأكيد على حيادية روسيا بخصوص الانتماءات الدينية , ثم ان روسيا ليست ضد الاسلام , والشيشان شهود على ذلك حيث لم  يبقى حجر على حجر في غروزني العاصمة ,ثم ان روسيا لاتعرف “الاستعمار”  وليست مسؤولة عن نتائجه في البلاد العربية! , وهذا صحيح بما يخص البلاد العربية جزئيا , اما مايخص الشعوب الأخرى فهذا ليس صحيح اطلاقا , ولماذا انفصلت عن الاتحاد السوفييتي أكثر من عشر جمهوريات ؟؟ التي لم تكن الا مستعمرات ,  التفصيل في هذه النقطة يخرج البحث عن اطاره , لأننا حقيقة  في سياق الوضع السوري .

وما علاقة الوضع السوري بالسعودية؟ يقال على أن الثورة تستمد شرعيتها من لاشرعية السلطة , الا أن هذا المبدأ لاينطبق على الدول ,  لاشرعية السعودية واعداماتها  لاتعطي أي شرعية  للنظام السوري , ومجرد كون السعودية سيئة , لايبرهن عن صلاحية النظام السوري للسوريين , والسؤال هو ,هل  يمكن للمجتمع السوري لأن يفرز سلطة أفضل من السلطة الحالية , وليس فقط أفضل من السلطة السعودية , والموضوع ليس تعليمي , والسلطة السعودية لاتستطيع تعليم أحد , الا أن الثورة “سورية” , وهناك من يساعدها لأسباب تتعلق به , ان هذا جزء من تداول في سياق العلاقات الخارجية , ولا يعني على أن الثورة “سعودية ” ,ولمنطق لافروف في هذا الخصوص   أسلوب تهريجي  وهدف تخويني ,والبرطيل   الذي قدمه لافروف ..الهدف هو وقف حقن الدماء , والهدف الروسي هو  أن يقرر السوريون مايريدون   , هو عبارة عن ذر الرماد في العيون , ولو كان الهدف الروسي هو حقن الدماء   لتوقفت روسيا عن تقديم السلاح  للسلطة , في حين  انها تطالب  بتوقف تسليح المعارضة , أي أن روسيا تريد  أن تستفرد السلطة بالمعارضة   والسلاح الروسي  ينجز ماتبقى , ناهيكم عن اصرار الجانب الروسي  على الاسراع  بعملية الفتك بالمعارضة ,  حيل قذرة ومكشوفة  , ثم يقول لافروف  على أن هدف روسيا هي تمكين الشعب السوري من  تحقيق ارادته , الأصح هو تمكين السلطة السورية من تحقيق أهدافها ..تبا لك يالافروف , لم فتتغير  وكأنك لاتزال في خدمة ديبلوماسية السوفييت .

وما هو معنى قول لافروف , على أن  اسقاط النظام  يهدد حيزا مهما من المجتمع السوري , حيزا يعتمد على النظام في أمنه ورخائه ,وماذا عن الحيز الآخر  الأكبر أو الأصغر  ؟ ,أليس له حاجات أمنية  ومتطلبات ؟ ولماذ  سيقود تحقيق العدالة الى حرب أهلية ؟ هل يعني ذلك  وجود استغلال فئة لفئة أخرى ؟ والعكس هو الصحيح فتحقيق العدالة الاجتماعية والديموقراطية هو الذي يمنع نشوب حرب أهلية ,والحرب الأهلية اشتعلت  بسبب فقدان العدالة والديموقراطية والحريات , أمور بسيطة الفهم , والعجب كيف يعصى ذلك على عقل لافروف !

عصيان المفاهيم  السياسية البسيطة على عقل لافروف , لايعني عدم  محاولتة فهم أمور أخرى , فقد حاول لافروف  اضفاء بعض الملامح الثقافية على مقالته ,  توغل في  موضوع صراع الحضارات , ولو سمع صاموئيل هانتنغتون طروحات لافروف  بهذا الخصوص لنهض من قبره  وصفعه على وجهه  ايمن وأيسر , وتصرف جورج أورويل  سوف  يكون شبيها , ولا أريد التعرض الى شطحات لافروف الثقافية , لأن ذلك هو خروج عن الموضوع السوري , وفلسفته بخصوص نقاط عنان الستة  لاتستلزم أي توقف ,لأن النقاط توقفت عن الحياة  واعطتكم عمرها , وبعد العرض الثقافي عاد لافروف الى المجازرالسورية   مطالبا   باكتشاف المسؤول عنها  لمعاقبته , وهل يعني ذلك على أن لافروف لايصدق ماقاله التقرير الحكومي السوري  ؟ الذي  ألقى المسؤولية  كاملة على العصابات المسلحة  للمعارضة ؟ فحسب التقرير الحكومي  الأمر في منتهى الوضوح , ولماذا  لم يعتمد لافروف هذا التقرير ؟ وماذا يقول لافروف عن منع السلطة السورية  للجنة للتحقيق من مجلس حقوق الانسان بالدخول الى سوريا , لافروف لم يبخل بالدجل بقوله على أن روسيا لاتدعم الرئيس السوري , لأن الشعب السوري  هو الذي ينتقي قيادته السياسية , ولم يقل لنا  كيف يمكن للشعب السوري انتقاء قيادته السياسية في ظل الديكتاتورية المطلقة ؟ ولم يقل لنا  شيئا عن عواقب الأخطاء العديدة التي ارتكبها النظام السوري  , ومن ضمنها  اطلاق الرصاص على  المتاهرين المسالمين في بداية الأزمة , وهذا مايعترف به لافروف  حهرا ونهارا . قبل الختام يقول الوزير  على أنه غير مهم بالنسبة لروسيا من يحكم سوريا ,الا من يحكم سوريا هو أمر حياتي شديد الأهمية بالنسبة للشعب السوري .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *