في خطابه أمام مجلس الشعب السوري الجديد قال الرئيس : “إن البعض يطرح في نفس هذا الإطار ومنذ بداية الأزمة أن الرئيس يجب أن يكون لكل الشعب ، وأنا أقول : كي أكون دقيقاً ، إن الرئيس هو لكل من يقف تحت سقف الوطن والدستور والقانون ، وإلا ساويت بين العميل والوطني ، وبين الضحية والجلاد ، وبين الفاسد والشريف ، وبين من يخرِّب وبين من يبني ” .
لاشك بجمال الكلام , الا أن الجمال لايكفي , وانما يجب البحث الحثيث عن المضامين , فالرئيس هو رئيس الكل ماعدا من لايقف تحت سقف الوطن والدستور والقانون , ولنركز على كلمة الدستور والقانون , وهنا ينتابني الكثير من الدهشة والعجب , فالرئيس يبدوا وكأنه ليس رئيس نفسه ولا رئيس مؤيديه ولا رئيس حزب البعث وليس رئيسا وقائدا عاما لحماة الديار , لماذا ؟
لأن أول من داس القانون بنعل حذائه هو الرئيس شخصيا ,وقد افتتح , كما يقال بدويا ,”ولايته” برفسة قوية للدستور والقانون , وذلك بتعديل السن الضروري للرئاسة , ناهيكم عن الكثير من الأمور الصغيرة والكبيرة ,منها مثلا نتائج الاستفتاء ,التي لايمكن لعقل بشري هضمها .. المخلوق البشري , الذي ينال 99% من الأصوات في استفتاء ولد في سوريا ..بلد العجائب والمصائب , ثم عن النمو الأسطوري لمؤسسة الفساد , ولم يكن لهذه المؤسسة أن تنمو بهذا الشكل لولاخروقات فاضحة للدستور والقانون تحت سمع وبصر الرئيس , ورئيس الجمهورية هو المسؤول عن البلاد وعن تطبيق القانون والدستور بها , فموضوع الترقية الى فريق هو أمر غير دستوري أو قانوني , وترقية الأخ والصهر وغيرهم الى عميد أو لواء هو خرق فاضح للقانون والأعراف العسكرية , وهل يمكن القول على أن السرقات هي تطبيق واحترام للدستور ؟؟, وكيف يمكن لشخص أمي مثل جميل الأسد أن يتبرج بلقب “الدكتور” , اضافة الى تجميعه لثروة يقال على أنها بلغت الخمسة مليارات دولار, وكيف يسمح لشخص مثل معد محمد أن يتبرج بلقب حامل لماجستير في العلوم السياسية ( معد محمد يقول , ان الشهادة هي هدية من الرئيس ) , ومن أين أتت مليارات رستم غزالة ومليارات اياد غزال وشهادة الدكتوراه لرستم غزالة , وكذلك للواء بهجت سليمان , ومن أين جاء اللواء بهجت سليمان بالمليارات وكذلك علي دوبا والأولوف المؤلفة من المبتزين السارقين الممتهنين خرق القانون ودعسه بالبوط العسكري , كل هذا واضافة له ماحدث في الشهور الأخيرة من قتل وتشريد وسجن واعتقال وتعذيب وفضائح لايتسع المجال لذكرها , والخلاصة هي التالبية : هل احترم المواطن بشار حافظ الأسد القانون والدستور ؟ واذا كان الجواب نعم , اعتذر عما قلت , واذا كان الجواب بالنفي فعلى الرئيس الاعتذار وترك الكرسي لمن هو أكثر جدارة بالوقوف تحت سقف الوطن والدستور والقانون .
الرئيس لايريد أن يساوي بين العميل والوطني , وهذه فكرة جيدة , وليقل لنا الرئيس من هو العميل ؟ , لقد اطلق هذا اللقب على كل من لايتملق للسلطة , وكانت محبوسيات من عارض السلطة عملاقة , من ثماني سنوات مع الأشغال الشاقة وما فوق , لأن المقالة تتضارب مع اهداف الثورة , ,وأي ثورة هذه ؟,انها ثورة الثامن آذار !,واذا كان الدستور حقا يعاقب كاتب مقالة بالسجن ثماني سنوات وما فوق لتضارب المقالة مع أهاف ثورة الثامن من آذار , فسأكون من الرافضين للسقف الدستوري الرئاسي , وبذلك أتحول الى عميل .
لايريد الرئيس مساواة الضحية مع الجلاد , وهذا هو أمر في منتهى الحضارية والانسانية , ولكن يجدر هنا السؤال عن هوية الضحية وهوية الجلاد , القتيل هو بدون أي شك ضحية , والقاتل هو بدون شك الجلاد , ماهو اسم القتيل في سوريا , ومن يقتل في سوريا منذ أكثر من أربعين عاما ؟؟لله در هذه الرئاسة !
ينتقل الرئيس الى نقطة أكثر أهمية , وهي نقطة الشرف والفساد , أي أن الفساد هو النقيض للشرف , والسؤال الذي لم يتفضل الرئيس بالاجابة عليه هو , من يفسد ؟؟ وقد تحدث الرئيس عن ضرورة مكافحة الفساد , فمن هم الفاسدين ؟؟هل كاتب هذه السطور هو المفسدة والفاسد , أو أن السلطة التي يترأسها هي نبع ومنبع الفساد , وهل رجال السلطة والسلطة بكاملها ليست شريفة , وماذا عن شرف رئيس هذه السلطة ..أسئلة تدمي القلب ..تؤلم وتوجع فالى أين وصلنا ياسيادة الرئيس ؟؟
عن التخريب والبناء وعدم المزج بين المخرب والذي يبني ! , فسوف أصمت , وبالتالي امارس الأصعب من لغة الكلام , الصمت هو أفضل جواب على الكثير من الأسئلة , واذا تألفت الحكمة من عشرة أجزاء , فتسعة منها الصمت , والعاشرة قلة الكلام هكذا قال علي ابن أبي طالب ومعه حق 100%