اضافة الى كلمة “الشبيحة ” التي لايسعد الكثير من السوريين دخولها الى سياق التدالى اللغوي في البلاد , فقد أعطى العصر “الأسدي” بعض الكلمات المعروفة معاني أخرى , فكلمة “حوار ” تعني عادة الحوار مع الآخر , والاستماع الى رأيه , ثم التوصل الى يقين مشترك , اما المضامين الأسدية لكلمة “حوار ” فتعني الحوار مع الذات , حيث يمارس الآخر (المحاور) , الاستماع ثم الانصياع الى بنود المحاضرة التي القيت من المحاور الى نفس المحاور , حديث “ذاتي” شبيه بممارسة “الاستناء” الجنسي , ولا ينطبق على هذه الحالة ماسمي قديما بحوار الطرشان , لالزوم هنا للطرش ,وانما فقط للتنصط والانصياع .
ولكي يتم الحوار الذاتي بنجاح , لابد من تنظيمه وسقفه , حتى لايتطور بشكل لاتحمد عقباه , لذا فان الحوار الذاتي يجب أن يتم تحت سقف , وقد أفرز العصر الأسدي لهذا السقف عدة اشكال وأسماء , هناك سقف الوطن , هناك أيضا سقف السيادة الوطنية , هناك أيضا سقف القيادة , وهذا الأخير محبب جدا من القيادة السياسية وأذيالها , هناك الحوار المسقوف في خيمة الرئيس , ولهذه الخيمة بعض النواحي الرومانتيكية , كخيمة القذافي , فالأصيل يعود الى الأصول , كنا من قديم الزمان في الخيمة , وعلينا أن نعود , بحمده تعالى , اليها .
هذا عن الحوار , أما عن الاتفاقيات , فشأنها تقريبا شأن الحوار , وليس لي هنا الا أن اقدم مثالا عن الحاضر , حيث جاء السيد عنان الى سوريا موفدا من المجتمع الدولي , وذلك لايجاد حل للخلاف بين بعض السوريين , وقد وضع السيد عنان تصوراته في ستة نقاط , كان قد وافق عليها المجتمع الدولي بشكل جماعي , وقد لاقت هذه النقاط موافقة السلطة السورية , وهذه النقاط الستة التي وافق عليها الرئيس الأسد بدون أي تعديل , هي غير النقاط التي وافق عليها الرئيس الأسد بدون أي تعديل , ذلك لأن موافقة الأسد كانت على نقاطه , وليس حقيقة على نقاط عنان !.
والبرهان على أن النقاط التي وافق الأسد عليها هي نقاطه , وليست نقاط الأمم المتحدة , وجدته في جريدة المانية اسمها ( die zeit), وقد كتبت الجريدة مايلي :حسب عنان على كتائب الأسد أن تغادر المدن وتسحب اسلحتها الثقيلة أولا وبعد ذلك تأتمر المعارضة بالنقاط , وحسب نقاط الأسد يجب على المعارضة القاء السلاح اولا , , ثم ان نقاط عنان لم تطالب دول الجوار بأي تعهد , أما نقاط الأسد فتقول على ضرورة تعهد دول الجوار ومنها السعودية وتركيا وقطر بعدم تقديم أي مساعدة للمعارضة …لا مال ولاسلاح !.
بعد الأخذ والرد , طلبت الأمم المتحدة بشكل انذار نهائي ان تتوقف كتائب الأسد فورا عن اطلاق النار وذلك قبل يوم الخميس , الرئيس وافق على ذلك أيضا فورا , الا أنه وافق على نقاطه , التي تنص على الاستمرار في اطلاق النار , الذي كانت كانت حصيلته قتل ما لايقل عن 130 انسان سوري في يوم السبت الذي تلا موعد الخميس , وفي يوم الخميس والجمعة تراوح عدد القتلى بين 50 الى 100 انسان سوري .
من كل ذلك يتضح مدى قوة استقلالية سوريا وحنكتها في عقد الاتفاقيات , ومدى حرصها على القرار الوطني , فهي توافق و توقع على الاتفاقيات “حنكة” , ثم تتصرف حسب الاتفاقيات التي عقدتها مع نفسها , باسم الأمم المتحدة كطرف , والحكومة السورية كطرف آخر , وبذلك يستمر القتل والتقتيل الى ماشاء الله , وينتصر الحل الأمني بعونه تعالى .