اعتاد السوريون منذ أيام حافظ الأسد على المشاركة في المسيرات المؤيدة للنظام وتربوا على ذلك جيل بعد جيل واستمر الأمر على هذا المنوال حتى بعد انتقال السلطة إلى ابنه بشار، وبعد انطلاق الاحتجاجات في سورية ارتفعت وتيرة تلك المسيرات لإعطاء صورة أمام الرأي العالمي والداخلي على السواء أن الشعب السوري مازال يؤيد نظام بشار الأسد.
ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية التي انطلقت في مثل هذه الأيام ضد نظام بشار الأسد والتي يسميها إعلام النظام بالمؤامرة تارة وبالأزمة تارة أخرى. دعا إعلام النظام كافة السوريين إلى المشاركة في “المسيرات العفوية العالمية ” لمدة ثلاثة أيام وهو مصطلح جديد يستخدم لأول مرة ، ولم يفهم أحد من السوريين لماذا مسيرات عالمية .؟ هل هي دعوة لكافة شعوب العالم للمشاركة في المسيرات العفوية؟ أم سميت كذلك لأنها ستستمر لثلاثة أيام متتالية..
قالوا خلصت… ومازالوا يقولون كذلك منذ الشهر الرابع من العام الأول للثورة… وفي مسيرات التأييد التي جرت اليوم قالوا جئنا لنحتفل بالانتصار المبين .. ومؤكدين وجازمين أنها خلصت.. خلصت .. خلصت يا شباب. وللتأكيد على أنها خلصت دأب الإعلام السوري الذي يوصف “بالكاذب” على إظهار مشاركة أهالي درعا الذين أشعلوا فتيل الثورة وأهالي حمص التي توصف بأنها عاصمة الثورة السورية ولم ينسوا طبعاً أن يظهروا مشاركة أهالي حماه ودير الزور وقرى ريف دمشق المنتفضة بتلك المسيرات احتفالاً بانتصار نظام بشار الأسد على ثورة الشعب السوري.
من يضحك على من؟ أهو النظام يضحك على نفسه ويصدق أن الشعب مازال يؤيده؟ أم هؤلاء المشاركين في تلك المسيرات شاركوا لإبعاد خطر المواجهة مع مخابرات النظام وشبيحته التي لا شغل لها سوى نشر الإرهاب بين مختلف أطياف الشعب السوري. ؟
سأفترض جدلاً أن النظام قد انتصر ، وسأفترض أنها خلصت كما يروجون منذ سنة ، فلماذا إذا عمد إعلام النظام على مدار الأيام الماضية على المشاركة في المسيرة العالمية ؟ ولماذا وجهت نقابة المحامين والفنانين والأطباء والمهندسين والأطباء البيطريين والحرفيين ونقابة العمال والفرق الحزبية أعضائها، للمشاركة الأكيدة في هذه المسيرة؟ ولماذا وجه الوزراء ومدراء المؤسسات والشركات العامة في الدولة وحتى بعض المؤسسات الخاصة ” رامي مخلوف ” إلى ضرورة المشاركة في هذه المسيرات… ولماذا ألغت وزارة التربية ووزارة التعليم العالم يوم عطلة عيد المعلم ووجهت بضرورة أن يداوم جميع المدرسين والعاملين والطلبة في المدارس والمعاهد والجامعات..؟ حتى عمال النظافة تركوا أعمالهم ليشاركوا في المسيرة بناء على توجيهات عليا… ولم تكتفي أجهزة النظام بذلك بل سخرت كافة وسائط النقل العامة لنقل الموظفين والطلبة وأعضاء النقابات إلى مكان المسيرة فيما تمتنع عن نقل الموظفين إلى أماكن عملهم تارة بحجة ترشيد الإنفاق وتارة بحجة عدم وجود مازوت ، أو خوفاً من استهدافها من قبل عناصر الجيش السوري الحر.
أين هي العفوية في هذه المسيرات التي يتضح من اسمها أنها مسيّرة..؟ حقاً إن لم تستح افعل ما شئت.! الثورة لم تنته بل ماضية حتى تحقيق أهدافها في إسقاط نظام الاستبداد وإقامة نظام ديمقراطي.. وإن غداً لناظره قريب..