اعترض ميشيل كيلو , وأعترض أنا أيضا على ماقاله فيصل المقداد نائب وزير الخارجية من «إن الهدف من كل ما يجري في سوريا هو إيصال الإسلاميين إلى السلطة», الكلام غير موثق بأي واقعة .. خشبي الطبيعة , ومعظمه ثرثرة سياسية , الثورة لم تحدث لأسباب دينية , وانما لأسباب مادية ومعنوية ومعيشية ..الثورة حدثت لانعدام الحرية وانعدام العدالة الاجتماعية وانعدام الأمان وسيطرت الخوف من اجهزة الاغتصاب السلطوية , انها ثورة الفقراء وليست ثورة الفلاسفة المثقفين والضباط والجديد من الأثرياء , مع أنه لايمكن القول على أن المثقف هو رجل امتيازات وشاعر بلاط , لذلك لم يثور كالفقير المعدم !…المثقف ثار ويثور ودخل السجون وعذب وذاق الأمرين ..الا أنه استطاع في الكثير من الحالات الهجرة , بعكس الفقير الذي لايستطيع, هاجر وترك البلد , واليوم يطلق عليه أسم معارض الخارج , ولا أعرف مجتمعا آخر بهذه الخاصية ..معارضة خارجية!! , ثم أنه لاعجب من وجود معارضة “خارجية” , عندما نعرف ان عدد المغتربين (وجزء كبير منهم قسرا) يتجاوز 9 مليون سوري , والبعض يقول انه يوجد في الخارج أكثر من 17 مليون سوري.
لا أظن على أن أي انسان في سوريا يقبل الموت من أجل ايصال اسلامي الى السلطة , فالذي يقبل الموت , هو بالواقع قريب منه , وذلك لأن الحياة في ظل الحزب القائد والقائدالى الأبد ليست بعيدة جدا عن الموت الفيزيائي .. هذا ناهيكم عن الموت المعنوي وعن موت الكرامة وموت العقل وموت الضمير والوجدان , الذي ألحقته السلطة بالانسان السوري, الذي يكافح من أجل لقمة العيش ومن أجل الحرية والكرامة , وليس من أجل الدين , مع أنه ليس من المستغرب أن يلجأ البعض الى الدين كامكانية للمواساة وتنظيم امور الحياة في دولة خربت بها السلطة حياة البشر وعاملتهم كالبقر , وليس من المستغرب أن يطالب البشر بالحرية والعدالة الاجتماعية في دولة قضت السلطة بها على الحرية والعدالة الاجتماعية ..ما مايريده الانسان السوري ليس من ” الكماليات ” وانما من “الضرورات” , ولايملك أي مستبد أو متسلط الحق بأن يطلب من الانسان السوري مزيدا من الصبر بعد نصف قرن من تحمله للتخريب المتعمد لحياته ..لايمكن لأحد من رجال السلطة أو العائلة أن يقول على أنه فقير أو انه معدوم الحرية , انه ثري ومنفلت تماما , يأخذ مايشاء ولاحدود لحريته التي تعتدي كل لحظة على حرية الآخر .
ثم أنه ليس من حق المقداد أن يحدد الشعار أو الوسيلة التي يراها المواطن مناسبة للحصول على حقوقه , وحتى العنف مشروع في الكثير من الحالات , والعنف ضروري جدا للتعامل مع سلطة لم تعرف طوال أربعين عاما في تعاملها مع الغير الا ممارسة العنف , الذي قضى في العقود السابقة على كل معارضة.
السلطة عنيفة كانت وما زالت , وما الانقلابات والتنظيفات والتصفيات والسجون والمجازر ..حماه ..تدمر .صيدنايا. الا أقصى أنواع العنف , ومن العنف أيضا الاعتقال السياسي بدون محاكمة لمدد تصل الى ثلاثين عاما ..تعذيب في السجون وعدد لاتعرف دولة أخرى مثيلا له من المساجين أبناء الوطن ..هناك مايسمى “مفقودين ” , وعندما أسمع هذه الكلمة يقشعر بدني ..انسان يفقد في سجن سوري ..تبخر واندثر ..ابتلعته الأرض أوصعد الى السماء …مع جبريل, هل سمعتم عن سجين مفقود في السويد أو في المانيا الشريقة سابقا ,نها خصوصيات من الابداع السوري ..تبا لكم ولسجونكم ولبعثكم ورئيسكم !.
نزل ميشيل كيلو الى مستوى المقداد , محاولا طمأنته على أن الثورة السورية لم ترفع في الأشهر الأولى أي شعار اسلامي , وهنا اريد طرح السؤال التالي :من يعطي المقداد أو غيره الحق في تحديد الشعارات التي يريد البشرطرحها ؟ , وما هي عواقب استهجان شعار سلطوي يقول ..الله ..سوريا ..بشار ..وبس ؟ أو استنكار شعار مطرح مابتدوس نصلي ونبوس أو غير ذلك من الشعارات التأليهية .الاستنكار او الاستهجان له نتيجة واحدة هي الاعتقال والسجن , حتى بدون أمر قضائي حسب المادة 85 من الدستور السوري الجديد , الذي يحرم الاعتقال من قبل أي جهة الا بأمر القضاء .. لاشيئ جديد في الوطن بالرغم من الدستور الجديد ذو الصلاحية التي بدأت يوم 28-2-2012 .
لقد تطور الشكل والفعل الثوري بعد أشهر من اندلاع الثورة بعد السابع عشر من آذار , وبعد أن تقدمت السلطة كثيرا في ممارسة العنف , اذ دخل على الخط الثوري استعمال الكثير من التعابير والمفردات ذات المنشأ الديني , وكثير من التكابير واستخدام الرموز التي لها علاقة بالدين ..جمعة خالد ابن الوليد ..الخ , وكيف يمكن لذوي العقل استهجان ذلك عند معرفتنا على أن الدستور الجديد يقول على أن الاسلام هو المصدر الأساسي للتشريع وان دين رئيس الجمهورية هو الاسلام (المادة الثالثة ) ؟؟, واذا سمح للدستور أن ينهل من الاسلام , فلماذا لايحق للفرد ذلك ؟؟
الحقيقة هي أن العامل الذي فجر الثورة , ليس الاسلام , وليس الاسلام السياسي ,وانما سوء الحاكمية الموجودة في الدول العربية منذ عشرات السنين , ودور الاسلام السياسي في حركات الربيع العربي أصلا هو دور هامشي بحت , ونجاح الحركات الاسلامية في الحصول على قدر كبير من الممثلين في المجالس النيابية , لايمثل الا ارتكاسا حادا لسوء الحاكمية , المشجع على انتخاب الاخوان لم يكن اليقين من جودتهم , وانما الحافز كان التأكيد على أن الشعب يريد التخلص من زمرة مزمنة لاتقل عنهم سوءا , لابل أكثر سوءا منهم ,الاسلاميون حصدوا بعض ما زرعه غيرهم , هذا هو الحصاد الأول , ومن المتوقع أن تكون نتائج الانتخابات القادمة في كل من تونس ومصر مختلفة تماما عن نتائج الانتخابات السابقة .
للسلطة مصلحة كبيرة في أمرين , الأول هو وضع الثورة تحت الوصاية الأصولية الدينية , وذلك لتسهيل التنكيل بها , ولتأليب الطوائف الأخرى ضدها , والثاني هو عسكرة الثورة , وذلك لتسهيل القضاء عليها عسكريا , ذلك لأن الصدام العسكري مع كتائب الأسد سيقود الى انتصار الكتائب , الا اذا حدث تدخل خارجي عسكري فسينقلب السحر على الساحر , والتدخل الخارجي حاليا غير وارد , لأن المرشحين للقيام به خاصة أمريكا مصابون بنوع من بالانفصام , لايريدون تعريض الهدوء والأمان الحدودي مع اسرائيل الى الارتجاج , ولا يريدون البقاء بعيدا عن حركات التغيير في سوريا , فخلق نظام ديموقراطي في سوريا يمثل تهديدا لهيمنة اسرائيل , وابقاء الديكتاتورية في سوريا هو من أفضل السبل لبقاء الهيمنة الاسرائيلية , لطالما تحمي دولة الديكتاتورية الضعيفة الحدود مع اسرائيل أفضل حماية , كل مايضعف سوريا يقوي اسرائيل , والعكس صحيح ..اسرائيل تريد تلك الحماية لحدودها ..اسرائيل تريد أن تكون سوريا دولة مارقة ومنبوذة من المجتمع الدولي , اسرائيل تريد اضعاف سوريا اقتصاديا عن طريق حكومة فاسدة وعن طريق نهب اللصوص لمقدرات الشعب السوري , اسرائيل لاتريد دولة محترمة قوية ديموقراطية موحدة متحدة ذات قانون وتمثيل صحيح ,ودولة البعث أو سوريا الأسد حققت لاسرائيل عمليا كل ماتريد ..عن دراية أو عن غباء ..لافرق !!
لايمكن نفي اللمحة الدينية عن انطلاق التظاهرات من المساجد , ولايمكن نفي الناحية العملية من انطلاق التظاهرات من المساجد , ففي الحالة الأولى يوكد الدستور على شرعية اللمحة الاسلامية , وفي الحالة الثانية يؤكد الواقع ضرورة استعمال المساجد كنقاط انطلاق , ذلك لأن المساجد هي مكان تجمع آمن نسبيا , كان للسلطة الباع الأكبر في تشجيعه , اذ بنت السلطة ما لايقل عن 7000 مسجد ا , وأعطت رجال الدين الكثيرمن الصلاحيات والامتيازات , والمؤسسة الاسلامية هي دولة ضمن دولة عن طريق وزارة الأوقاف , وكل رجل دين يتملق قليلا يحصل على مايريد من طلبات ..ان كان اعادة المنقبات الى المدرسة , أو انشاء الفضائيات الدينية او المعاهد الشرعية ..الخ والحلف بين السلطة ورجال الدين قوي وثابت ..السلطة ترافق البوطي بعملية الاستسقاء , وتصدر المراسيم الخاصة بذلك , والحسون منغمس في السلطة ومستنقعاتها حتى الأنف و بشكل واضح جدا, ويقال على أنه استخباري أيضا .. قانون الأحوال الشخصية صيغ كما يريد المشايخ والخوارنة …كل ذلك يوحي على أنه لاتوجد مطالب “اسلامية ” دينية , وذلك لأن كل المطالب الدينية تحققت , المطالب هي مطالب مدنية تتعالق بالحياة اليومية ماديا ومعنويا , وليس من المنطق القول على أن المطالبة بالديموقراطية هو مطلب “اسلامي” في حين أن بعد الاسلام عن الديموقراطية يوازي بعد السلطة عنها , وهل يمكن تصديق السلطة عندما تنادي هذه بالديموقراطية والحرية ؟؟؟
يأتي الأستاذ كيلو الى دور الشيوخ , وما يقومون به , لا يريد كيلو القول على أن هذا الدور يصبغ الثورة بصبغة دينية , والحق معه ,فالسلطة التي تعترف بالاسلام مصدرا أساسيا للتشريع , عليها تقبل تدخل المشايخ في الحدث اليومي , المشايخ هم قيمون على الاسلام , وعلى السلطة التي تشجع الحسون المغرد لكي يطلق صيحاته باتجاه أوروبا مهددا بالقنابل ومتوعدا بالارهاب , أن تتقبل صيحات ارهابي آخر ان كان العرعور أو القرضاوي …السلطة هي التي تحشر رجال الدين في الحدث السياسي قسرا , وهذا مانراه على طريقة تعاملها مع رجال الدين المسيحي ..الأفضلية لمن يغرد منهم للسلطة , والطرد خارج البلاد ليس فقط لمن يعارض السلطة , وانما لمن لايغرد لها .
يتحدث كيلو عن تزايد نفوذ الاسلام السياسي , ويقول , ان استخدام العنف من قبل السلطة هو السبب , الذي حرم المجتمع المدني من انتقاء خيار غير خيار العنف والتطرف , قد يكون بهذا الطرح بعض الصحة , وسبب الشك في ماقيل هو ان الاسلام السياسي كان دائما “عمليا” شريك لكل ديكتاتورية خاصة في ممارسة العنف , لذا أقول ان تزايد فاعلية ونشاط الاسلام السياسي يعود الى الجو السياسي العام في نصف القرن الماضي ,الذي هو ديني ومحافظ بنيويا , لابل متطرف دينيا ..حتى التعابير الدينية الاسلامية الصحراوية وجدت طريقها الى ادبيات السلطة المنافقة علمانيا في السنين الماضية ,سمعنا في السنين الماضي عن “ولاية” الرئيس , سمعنا عن “البيعة ” سمعنا عن ” التوريث ” ..رأينا التأليه والسلطة المطلقة , حيث يتصرف الرئيس بالدولة كما تصرف أمير المؤمنين قبل 14 قرن من الزمن , زوجته تهب النساء اموالا , وكأننا بخصوص بيت المال , كل ذلك مشجع للاسلام السياسي , وبالنتيجة يمكننا رؤية تطور تصاعدي للاسلام السياسي في نصف القرن الماضي ..في الخمسينات كان تمثيلهم لايتجاوز 5 الى 10% من الشعب , الآن أظن أنه يتراوح بين 30 الى 40% وذلك في ظل حاكمية البعث والأسد , ولايمكنني هنا الا أن أنوه ألى عوامل عالمية ساعدت أيضا في حصول هذا التطور مثل تراجع الشيوعية السياسية , الا أن الدور الأساسي كان للعوامل المحلية وليس للعوامل العالمية .
الاستاذ كيلو يلقي بعض العتب أو اللوم على المجلس الوطني , ويتحدث بلهجة تذكر بلهجة الحاكم المطلق , الذي يمنع ويسمح , يعيين ويفصل ..يسرح ويمرح كما يريد ..قال “في هذا السياق، كان تشكيل المجلس الوطني السوري خطوة مهمة على طريق وضع قيادات إسلامية على رأس حراك ليس من صنعها، لدفع الأمور في اتجاه مغاير تماما للاتجاه الذي بدأت منه، وإحداث انقلاب تدريجي في أهداف الحراك يحوله من حراك سلمي يطلب الحرية، إلى حراك تستجيب فصائل منه لما عمل النظام على زرعه فيه من نزعات مذهبية تقوض وحدته الوطنية وطابعه السلمي والحر، في رهان أرادت له أن يقلب ثورة الشعب، من جهد مجتمعي يحمل قيم الحرية والعدالة والمساواة، إلى اقتتال أهلي متزايد الوحشية والحدة، يقوض كل ما هو وطني ونبيل في سعي المواطنين السوريين إلى نيل حقوقهم. وللأسف، فقد تبنى بعض المعارضة هذا النهج متوهما أنه نهج مضاد لسياسة النظام، مع ما صحب ذلك من تراجع تدريجي عن خط الثورة الأصيل: خط المواطنة والحرية ووحدة الشعب والمجتمع والسلمية والمدنية.”
عندما ننطلق من تمثيل متوقع للاسلاميين حول 30% , ونسبة التمثيل ذات أهمية فائقة في الوضع الذي يريده كل ديموقراطي , ولما كان هدف الجهود ليس فقط اسقاط النظام , وانما اسقاط النظام وتأسيس نظام جديد , والنظام الجديد عليه أن يكون ديموقراطي , ومن يريد ديموقراطية لايستطيع الغاء وجود 30 % من ارادة البشر في سوريا , لذلك فان وجود الاخوان في المجلس الوطني هو انعكاس للواقع ..ان كان مر أو غير مر , ولايملك أحد حق الوصاية على غيره ..الاخوان هم كتلة سياسية لها وجودها في كل نظام ديموقراطي , والتجربة تقول ان الديموقراطية هي السم الذي يقتل الأصولية , لذا لا أفهم كيف يتطاول الأستاذ كيلو على الحقائق التي تقول انه على المعارضة بكامل أطيافها العمل على أن تكون بديلا للنظام , وسوريا الجديدة لاتعرف الاقصاء , كما انه هناك بعض الحقائق التاريخية , التي لم يعطيها الأستاذ كيلو مايكفي من انتباه , فلو راقبنا ماحدث في أوروبا الشرقية لوجدنا على انه لكل مجموعة دور تقوم به ثم تذهب , ففي المانيا الشرقية اختفت المجموعة التي اسقطت السلطة هناك بعد فترة قصيرة من انتهاء الثورة الحادة , وأتت مجموعة أخرى نجحت في الانتخابات , ولا يمكن القول هنا , على ان المجموعة الثانية سرقت الثورة ..لكل دورا يلعبه ويذهب ..وهذه هي الحقيقة الديموقراطية , وذات الأمر حدث في مصر , وسنرى في نتائج الانتخابات التالية في مصر وجوها جديدة جدا , وهذه الوجوه الجديدة سوف لن تكون لها “اسلامية ” الوجوه الحالية .
الأستاذ كيلو على حق عندما يرى , على أن الوضع ازداد تعقيدا وانفلت من اليد السورية ليستقر في اليد الدولية , التي تتجاذبها اهتمامات ومصالح لاتمثل المصلحة السورية أهمها ,كما أن الاستقرار في اليد الدولية لم يرض أحد , فالمعارضة تريد تدخلا خارجيا صاعقا ينهي الأمر كما أنهاه في ليبيا , السلطة تقول انها لاتريد تدخلا خارجيا , وهي في الواقع مصابة بالهلع من التدخل , الذي سيقضي عليها بدون أي شك , الا أنها عملت مافي وسعها لتحقيق موجبات هذا التدخل , وهي عمليا أول من سبب التدخل اذا حدث فعليا , وفي الجو الدولي كل يغني على ليلاه , الشرق يريد اعادة اعتباره ويريد العودة الى الأقطاب المتعددة , وأمريكا حائرة ..لاتستطيع التفريط بالنظام الذي أمن لاسرائيل أفضل حماية وذلك بشكل مباشر , وبشكل غير مباشر , لأن النظام الذي قضى على سوريا اقتصاديا وسياسيا وعسكرياواجتماعيا هو النظام المناسب لاسرائيل , نظام ديموقراطي قوي حديث لايناسب اسرائيل اطلاقا ,واسرائيل تقبل نظاما كوريا شماليا على حدودها الشمالية , وتفضل هذا النظام على نظام كوري جنوبي , وهي مستعدة لأي عمل من أجل منع تطور في بلد عربي يوازي التطور الكوري الجنوبي ..حتى الحرب ..اسرائيا مرتاحة جدا في ظل التأخر السوري والفساد السوري والديكتاتورية السورية ونهب البعض لمقدرات الشعب السوري ومرتاحة جدا لتقتيل الجيش لأفراد الشعب لأن ذلك يخرب العلاقة بين الجيش والشعب , كمأ انها مرتاحة جدا لتحويل الجيش الى كتائب الأسد , التي تنحصر مهمتها بحماية عائلة الأسد ..كل هذا الانشراح والسرور والرضا الاسرائيلي سينقلب الى عكسه عند وجود سلطة ديموقراطية تمنع الفساد وتحافظ على مقدرات البلاد , وتنعش العلاقة بين الوطن والمواطن .
الحالة السورية بلغت طورا حرجا جدا , ما تعيين كوفي أنان لحل المشكلة من قبل الأمم المتحدة ومن قبل الجامعة العربية الا دليل على استعصاء حل الاشكالية , واذا فشل انان في حلها ضمن اطار الجامعة العربية والأمم المتحدة , فستجد السلطة نفسها في وضع مشابه لوضع يوغوسلافيا ووضع العراق , وسوف لن تحدث حرب عالمية ثالثة من أجل الأسد , ومن يظن على أن الصين وروسيا سيدخلان غمار الحروب الكونية من أجل القائد الأسد فهم واهمون , وأكثر مايمكن توقعه بعد امطار سوريا بالقنابل هو مذكرة استنكار من قبل روسيا والصين , ومن يظن على أن ايران ستدخل الحروب الكونية من اجل سورية فانه يتوهم .. ومن يظن على أن الناتو سيلقى حتفه على يد حزب الله فقد ارتكب الخطأ المميت … والأشهر القادمة ستظهر خطأ أوصواب توقعات كل من الأطراف .
الأستاذ كيلو يطلب من اسلامي المجلس الوطني القيام بمراجعة وطنية وبانجاز بعض الأمور , التي قد تساعد على حل المشكلة وتمنع تطور الاقتتال الداخلي الى ماهو أسوء منه , وكما يقول الأستاذ كيلو , لامصلحة لمن يطالب بالحرية وللتيارات الاسلامية المعتدلة بذلك , وهذا حقيقة , ثم يقول الاستاذ كيلو , ان مفتاح الجواب على السؤوال : من سيأتي بعد الأسد هو بيد الاسلاميين في المجلس الوطني , ويقترح الاستاذ كيلو بندين :واحد يعلن استعداد هؤلاء وتاليا المجلس للتوافق على وثيقة تتضمن موضوعات من شأن التفاهم عليها توحيد مواقف المعارضة من راهن سوريا ونظامها والمرحلة الانتقالية المطلوبة لها، على أن يتم توقيعها في فترة قصيرة نسبيا – من أسبوع إلى أسبوعين – وآخر يتعهد هؤلاء فيه أن لا ينفردوا بحكم سوريا ولا يوافقوا على انفراد أية جهة بحكمها منفردة، وأن يبدوا استعدادهم للمشاركة في حكومة وحدة وطنية تدير شؤون البلاد والعباد لفترة طويلة – خمسة أعوام مثلا- تحظى بدعم جميع أطراف الطيف السياسي ومن ثم البرلمان، بغض النظر عن نسب التمثيل الحزبي فيه، تقنع العالم أن الديموقراطية هي خيار جميع السوريين مهما اختلفت مذاهبهم ومواقفهم، وتقدم ضمانات طويلة الأمد بخصوص الاستقرار في سوريا والمنطقة، ليس فقط لأنها لن تأخذ أحدا من أية طائفة كانت بجريرة النظام الحالي، بل لأنها ستضمن أيضا مساواة جميع المواطنين أمام القانون وفي الواقع، ولن تعيد إنتاج نظام الحزب الواحد والأيديولوجية الواحدة والزعيم الواحد، على أي صعيد كان، وستعمل بالمشتركات التي ستقرها وثيقة العمل الوطني الجامعة، السابق ذكرها.ولا بد من توثيق هذه الالتزامات بحضور وإشراف الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة، ومن توقيعها مع أطراف من النظام تقبل مرحلة انتقالية تأخذ سوريا إلى الديموقراطية على مسار حريات وقانون. من الضروري أيضا أن تسهم في تأسيس هذه المرحلة دول العالم المتصارعة اليوم على سوريا، بما في ذلك روسيا والصين، بالنظر إلى أن الأزمة تعربت وتدولت ولا بد أن يكون لها حل مضمون عربيا دوليا، ويتم بإسهام عربي ودولي.”
لايمكن لأحد أن يعارض أن تتعهد جهة بعدم انتاج نظام الحزب الواحد سياسيا , الا أن طلب هذا التعهد من الاسلاميين فقط , يوحي بقرب الاسلاميين من استلام السلطة استلاما مطلقا , وحتى في مصر أو تونس لم يحدث هذا الاستلام المطلق , فكيف سيكون الحال في سوريا الأكثرتعددية قومية ومذهبية من تونس ومصر …لا أحد يتوقع استطاعة التيار الاسلامي استلام السلطة , الا أن التأثير على السلطة من قبل أي جهة سورية فهذا مضمون ديموقراطي لايمكن التخلي عنه , وعلى من يريد اقصاء الآخر أن ينادي بالديكتاتورية.
لكي لايوضع الاسلاميين في موضع خاص وحالة خاصة , يمكن الطلب من كافة تيارات المعارضة التوقيع على وثيقة تمنع الاستفراد بالسلطة من أي جهة كانت , وبما فيهم التيار الاسلامي ..وثيقة من هذا النوع هي بمثابة “عقد ” سياسي ,يوازي في أهميته مايسمى “العقد” الاجتماعي , الذي تلتزم به كل شعوب الدول الديموقراطية , ثم أن الزام الجميع بالعقد السياسي , أسهل من الزام فئة دون الأخرى .