” (القرونوسطيون) الجدد …الجزيرة بعقلية القرون الوسطى!”

(القرونوسطيون) الجدد …الجزيرة بعقلية القرون الوسطى!

جريدة الوطن السورية: 24 نيسان 2011.

منذ عرفت محطة (الجزيرة) ثمة شكوك تدور في ذهني حولها وكنت دائما أتمنى لنفسي أن أكون مخطئا وأجد لها تبريراً ومنطقاً يصب في نهاية الأمر في مصلحة شعوب المنطقة.

ثم تأكدت بعد حين من ميولها القرونوسطية ذات اللون الواحد “السلفي” الذي لا يمكن للمرء الخطأ حوله: فهي معادية للفكر القومي العربي والعلماني وإن تبدى بعض ما تقدمه على أنه عروبي بشكل ما ولكنه في حقيقة الأمر ليس إلا من منظور إيديولوجي يحلم في عودة بسراب «الخلافة العثمانية» البائدة.

أما اليوم فقد تبين لي تجييشها الذي لا يصب في مصلحة أحد إلا مشروعها القرونوسطية الذي لو تحقق فلن يحصد سوى المزيد من تشرذم وتابعية الشعوب العربية للآخرين غربيين كانوا أم «عثمانين جدداً» أم تتاراً مستجددين أم مماليك مستنسخين.

ولم يعد خافياً علينا اتخاذ (الجزيرة) للقرضاوي أباً روحياً لها وهذا ما يبرهن ويثبت معطيات قرونوسطية (الجزيرة) فهو الذي شرّع الاغتيال السياسي في أكثر من مرة ومنها حين شرعن اغتيال القذافي والذي ورغم إدانتي لنظامه الهزلي فلن أقبل بشرعنة اغتياله لأني رافض لمبدأ القتل لتسوية الخلافات السياسية أو غير السياسية.

القرضاوي هذا لم أستسغ يوما الاستماع إليه، أرجو المعذرة لصراحتي الزائدة ولا حتى النظر إليه، فأسلوبه مشتت ولغته سقيمة الإيقاع والوقع وإذا كان أهل مصر صاحبة 80 مليون إنسان يبهرونك بأسلوبهم اللغوي وطرافة روح الفكاهة لديهم أصحاب القنابل والمفرقعات اللغوية في كل شيء يفعلونه من النكتة وحتى علوم الفضاء فكيف أصبح القرضاوي واجهة علماء الدين لديهم؟ كيف صار الناطق باسم الإسلام والأمة العربية والإسلامية؟ أعترف أنه ليس لدي أجوبة دقيقة ومحددة ولكني متأكد أن في العالم العربي وفي مصر بشكل خاص من هم أكثر علماً وأكثر إخلاصاً، لو كان لديه إخلاص أصلا، وأكثر قدرة على التخاطب وجذب القلوب وإقناع العقول ولكن وبعد تحريضه المتكرر على القتل وبعد هذيانه في إرضاء من لا يزال على أرضهم، لم يبق لي إلا أن أرجح أنه لم يصل إلى ما وصل إليه لو لم يسخر فتواه و«علمه» لأصحاب البترودولار ومن يسوسهم.

أعرف أنه يمكن للكثيرين أن يتطوعوا للدفاع عن القرضاوي ورفض كلامي عنه جملة وتفصيلاً لا لشيء يستحقه الرجل ولكن فقط لأنه رجل دين والبعض يؤمن أن رجل الدين له حصانة أو قداسة ولكني أقول وبعد هذه الأخطاء القاتلة منه أنه لم يعد له حصانة ولا قداسة أرفض إلباسهما لأي فرد من المجتمع ذلك أني أؤمن أن لا أحد فوق النقد والمساءلة ومن أراد الديمقراطية وبناء مجتمع مدني فعليه أن يعرف أن الأمور لا تستقيم مع أحد فوق القانون بمن فيهم رجال الدين وإلا رجعنا إلى العصور الوسطى التي لا عودة لها مهما افتعل المجرمون من مسوغات دموية لعودتها.

قد تكون معركتنا القادمة نحن مثقفي هذه البلاد العربية مع (الجزيرة) وأمثالها، من «عبرية» وغيرها، ممن طلقوا الروح المهنية الصحفية وامتهنوا التجييش وأعطوا لأنفسهم حق الوصاية العقائدية القرونوسطية على حاضرنا ومستقبلنا.

 

رياض متقلون – مدرّس جامعي

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *