للمنصف وهيثم ..الثورة السورية ليست كاتشب واكشن

الياس س الياس :

لا أظن أن المنصف المرزوقي، الذي قرأ من كتاب هيثم مناع، كان يقصد شخصيا ما قاله عن “الحصانة” لسفاح الشام… بالتأكيد الحقوقي   “مناع  ” لا وقت لديه للتفرغ لجرائم بشار الآن بقدر انشغاله بالإطلالات المملة على قناة   “العالم  ” ليحدثنا عن   “الجرائم في البحرين  “… خيار وفقوس … هناك من يظن أن المرزوقي يطرح شيئا ما فوق   “العدالة  ” بعقلية هيثم مناع التي ظلت تتحدث عن أحلام خيالية لا تمت للواقع بصلة:
– في تونس يا أيها الرفيق المرزوقي لم تقصف سيدي بوزيد بالدبابات… ولم يجري في رديف دك المنازل بالمدفعية لمجرد أن مظاهرات كرامة خرجت…
مقاربة المرزوقي ومناع لوضع الثورة السورية مقاربة رومانسية من عصر غير عصرنا:
توحد المعارضة؟ فهل كانت معارضة تونس موحدة كشرط ثوري؟ هل كان المرزوقي نفسه في تونس حين اندلعت الثورة التونسية؟ هل كانت معارضة تونس موحدة؟ وهل شهدنا هذا التوحد في مصر؟
إن الاستثناء التعجيزي في الثورة السورية انطلق مع تسخيف   “أعداد وحجم المشاركة  ” فدخلت الثورة السورية في بازار إثبات أن لا قرية بقيت إلا وشهدت حراكا ثوريا رغم الأسلوب الصهيوني المستوحى من المستعربين في استهداف وقتل الناشطين…
عام كامل تقريبا ولم نشهد في الثورة السورية حرقا   “لمراكز الأعوان  ” كما تسمى في تونس، ولم نشهد الثوار يحرقون مراكز الاستخبارات والشرطة وتجمعات الشبيحة كما حدث في القاهرة… ولم نشهد هجوما شاملا على مراكز السلاح والمخازن كما جرى في ليبيا…
عام كامل من الثورة السورية والمولوتوف لم يكن مستخدما… وعام من محاولات الإخضاع بكل صنوف السلاح من درعا حتى ادلب ومنها إلى دير الزور… دوس على الكرامة البشرية.. وخروج أسبوعي ويومي رغم معرفة المصير المحتوم برصاص عصابات الأسد…
ما تم ارتكابه لم يستطع لا المرزوقي ولا مناع ولا أدونيس ولا نعيسة ولا كل الرهط الذي لاذ وراء الديكتاتور برومانسية يسارية غير مجدية مع ديكتاتور يرى شعبه عصابات مسلحة وجراثيم وتهويل قناة الدنيا وفبركاتها التي تثير السخرية… لم يستطع هؤلاء أن يوقفوا قتل الضحايا، بل انبروا يخافون ويخوفون من القادم… فطالما أن القادم مخيف فيصبح سقف الوطن هو   “الأسد أو لا أحد  ” قولا وفعلا… ممارسات بهيمية ووحشية منهجية يعرف الحقوقي أنها لا تسقط بالتقادم… ورغم ذلك يقوم السفاح يوميا بخوزقة تلك النخب التي تقف مفرشخة ( كما وصفتها سابقا) مدعية حرصها على الثورة، رغم أنها ثورة   “رعاع وعشوائيات ومتخلفين  ” إذا ما استعرنا توصيف الرفيق شريف شحادة والرفيق طالب ابراهيم صاحب اختراع   “خلصت مبارح  “!
يراد من السوري الذي يرى ويحس بالرصاص ويتلطخ جسده بمخ زميله حين بتم تفجيره بقناص   “مجهول  ” ويراد من هؤلاء الذين يرون مقتنيات عمرهم تباع في   “سوق الحرامية وسط دمشق  ” (على ما تناقلت الصحف) مع تدمير بيوتهم وحرقها وقتل وحشي يومي في طقوس الديكتاتور الذي يستمتع بتصوير شبيحته لمدى ولائهم له بعد تسليحهم بدءا من المزة ووصولا إلى الساحل مرورا بحمص وحماة وكل زاوية من خلال التهكم والضحك حين يقتلون ويعذبون بوحشية…
يراد من هؤلاء أن   “يتعقلوا  “! ويحتلوا الساحات العامة مثل القاهرة وتونس… ليكون   “التغيير  ” على طريقة تونس!
جميل وجيد، لكن السؤال الذي يجب أن يطرحه المنصف وهيثم ونضال وأكثم: أية ساحات؟ هل الخالدية؟ أم الساعة الجديدة؟ أم العاصي؟ أم العباسيين؟ أم الأمويين؟ أم ساحة الأشمر في الميدان؟
والسؤال الأكبر: السيد حسن عبد العظيم ( الذي كانت مصر تعج بأمثاله أيام مبارك) وعبد المجيد منجونة والرفيق قدري جميل و و و… ماذا يفعلون ليمكنوا الشعب السوري من الوصول إلى ساحة من الساحات؟
الضحية في هذه الثورة السورية، وهيثم يعرف مثلما يعرف نبيل فياض، لن نحصيه فقط بأرقام الشهداء والمغيبين والمفقودين والجرحى… الضحية هنا هي الإنسان السوري الذي تعمقت فيه أعراض ما بعد الصدمة وهي أعراض تحتاج كل معالجي الكرة الأرضية لإخراجهم، أو التخفيف منها، وهو أمر لا يخطر ببال من يرى قصف المدارس والمساجد وسحل الآباء والأبناء والزوجات والأخوات… عدا عن المعتقلين في مسالخ آل الأسد…
بات جليا أن الرفاق يعيشون في حالة انفصام عن الواقع… يتماهون مع خطاب   “المؤامرة الكونية”… وبات واضحا أن الثقافة التي خانوها هي ثقافة   “علاك مصدي  ” لا أكثر ولا أقل… لا قدسية عندي لا للمنصف ولا لهيثم ولا لحسن ولا لبشر مهما كان هذا البشر أمام جثث أطفال يعدمون ببرودة دم مع عوائلهم… وأمام صبرا وشاتيلا ودير ياسين يومية في سوريا بات واضحا أن “الرفاق” من كل المستويات “البروليتارية” والبرجوازية والراكبة للموزين في زياراتها لبلدها… يتحدثون بما لا يضمرون… أتنطبق هنا متلازمة ستوكهولم؟ ربما وربما أخطر منها ” ألم نقل لكم؟” وهي مستنيطة مما أطلقت عليه ” ثقافة فرشخة الساقين” وإستحمار العقول ظانين أن الجماهير “حثالة ورعاع” ( كاستعارة من رفيقهم بسام أبو عبد الله… الأستاذ الجامعي)…. أو   “متآمرين وأولاد كذا وكذا” كاستعارة من مفتي تلفزيون الدنيا أبو فلاشة علي الشعيبي…
يبقى حقيقة واحدة: هل نبارك للرفاق بالدستور الجديد الذي سيحصل على نسبة تتراوح بين 60 و68 بالمئة؟
لا أدري إن كان هؤلاء قد سمعوا بمظفر النواب وهو يقول   “الكلبة حتى الكلبة تحرس نطفتها… والنملة حتى النملة تعتز بثقب الأرض  “… فهل يريد الرفاق الخائفون والمخوفون على مشروعهم   “العلماني  ” أن يفنى الشعب السوري ليقتنعوا أن للشعب حق في الدفاع عن نفسه بكل السبل والوسائل باعتبارهم بشرا وليسوا “كلابا ضالة”…
السيد المنصف المرزوقي، ليتك بقيت مثقفا وحقوقيا… ليتك بقيت ذاك الذي بشر بالثورات ويبشر الآن الشعب السوري بحصانة للقتلة…. قل لي سيد منصف: كم قتل زين العابدين الهارب من الشعب التونسي؟ يكفيني أنه قتل واحدا … واحدا فقط في ثورة الكرامة… أسألك: هل أهالي الضحايا في تونس تم إنصافهم بمحاكمة سخيفة وغيابية بينما يستجم القاتل في جدة بما سرقه مع ليلى؟ ثم لماذا الغضب على السعودية التي استقبلته إذا كنتم تظنون أنه بعد عشرات الآلاف من ضحايا سوريا يمكن للعدالة أن تتنازل أمام السفاح الأسد وأنتم تعرفون أصلا أنه سفاح ولن يتنازل… إلا بما يمكن أن تحمله الثورة السورية المستمرة رغم كل الهراء التنظيري… ولا أحد في هذا الكون يقرر مصير الطغاة سوى شعوبها وعندما تقرر الشعوب على البقية من مدعي النضال في الصفوف الخلفية أن يبدوا إعجابا ودعما للثوار لا أن يطالبوا الضحية بالسماح للجلاد بالخروج بعد تدمير وتقسيم البلاد وفق خطة جهنمية يعرفها بائع على بسطة خضار في كل زاوية من شوارع سوريا!
عل ما أردت ايصاله وصل للرفاق,,, وما أظن أنه سيصلهم… فقد فات الوقت…

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *