يراد بتعبير “السلطوي” الدلالة على رجال السلطة , ورجال السلطة مصابون هذه الأيام بنوع يشبه الهلوسة أو الهسترة أو الانفصام , حيث ينجز أحدهم الاكتشاف تلو الآخر, ومن اكتشافات عماد يوسف , اكتشاف فذ,, هو اكتشاف الصعاليك في الفيسبوك , وقد قرن السلطوي الكريم هذا الاكتشاف باكتشاف آخر ألا وهو اكتشاف كارثة الارتداد الحضاري الفكري والعقلي لدى غالبية شرائح البشر , وهنا يعمم عماد يوسف , اذا أن القول “غالبية البشر” ليس بالدقيق , الأفضل لو قال البشر السوري , على كل حال فان هذه الهفوة عديمة القيمة مقارنة باكتشافه الآخر , الذي وجد من خلاله ان البشر السوري تدنى في حضارته الى المستوى الغريزيي أي الى الحيوانية ,,وقد كان على الكاتب واجب التوضيح… ..كيف حدث ذلك ؟؟, ولما كان عماد يوسف لايجرأ على الاجابة , لكونه سلطوي , لذا فمن واجبي تقديم المساعدة له , تدني الانسان السوري الى المستوى قرب الغريزي , و اصابة عقله بسرطان الحيوانية واللاخلاقية عائد الى التربية التي نالها في الخمسين سنة الأخيرة , تربية قضت على الأخلاق والعقل , وأوصلت الانسان بالواقع الى مستوى حيواني.
السلطوي وجد التفسير لموضوع التدحرج باتجاه الحيوانية, والتفسير ذو شقين , الشق الأول يقول , ان الانسان جاهل بطبيعته , والشق الثاني يقول ان الجاهل تجاهل نصائح وارشادات أولياء الأمر .. وهم ادرى بحال الجاهل .. الذي لايعرف كيف عليه أن يتصرف في بعض الحلات , كالحروب والأزمات مثلا , الوصاية هي الدواء للداء الذي اكتشفه الكاتب الكريم ..الوصاية من قبل المرجعيات , كما يقول السيد يوسف من قبل كبار القوم ومثقفيهم وعلمائهم وخبرائهم , والسيد يوسف لم يقل لنا من هم هؤلاء العلماء والخبراء والمثقفين ؟ هل هم رجال الدين ورجال السلطة ؟؟ , اني متأكد من أن المقصود بالعلماء هم رجال الدين , والمقصود بالمثقفين هم رجال السلطة , وذلك لأن السلطة لاتقبل تحت طائلة العقاب بأي ثقافة الا ثقافتها السلطوية الريعية الاستزلامية الاسترزاقية …كل ثقافة أخرى ممنزعة منعا باتا ومن يروج لثقافة أخرى عليه البقاء في الماخور ١٥ سنة على الأقل ..هذا هو ميزان الحق والعدالة الذي تستعمله محاكم أمن الدولة للحكم “باسم الشعب” على من يشكك ثقافيا بثورة الثامن من آذار المجيدة من عام ١٩٦٣ وبالحركة التصحيحية من عام ١٩٧٠ , ومن يدعي على أن الثورة المجيدة أخطأت أو من يدعي على أن الحركة التصحيحية لم تصحح يذهب الى السجن لأكثر من عقد من الزمن .
فير هذا الجو الماحق للعقل والفكر والمستعصي على كل انسانية والغارق بالحيولنية حتى الأنف , وجد الانسان العربي والسوري خاصة منفسا يتنفس من خلاله , حيث يتمكن هذا الانسان من ممارسة التواصل اجتماعيا وسياسيا مع الآخر , وهذ المنفس هو الفيسبوك , الذي ينشط الكاتب الكريم به أيضا , وبالرغم من ذلك لم يجد الكاتب في الفيسبوك الا الصعاليك , الذين “يتنطحون” للرد على كل فكرة , أو أي موضوع على اعتبار انهم “جهابذة ” وعلماء في الأمر , وهذا لايروق اطلاقا للسيد الكاتب , لأن هؤلاء يمارسون التنفس من انابيب ليست سلطوية , معاذ الله ! كيف يمكن لانسان أن يكون بتلك الوقاحة , التي تسمح له بأن يفكر دون رقيب وحسيب وبانفلاتية لاتحمد عقباها ..انهم يشكلون كتلا اجتماعية ” تتطفل” هنا ,”تماحك” هناك وتمارس الموبقات … حتى مخالفة عماد يوسف في الرأي ,”تماحك من أمضى حياته في القراءة والدراسة سنين وسنين” , وما شأن الصعلوك بالقراءة والدراسة .. لايفهم ماذا يقرأ ولا يدرك مضامين مايدرس ..غبي بالفطرة مقارنة مع السيد الكاتب الذكي بالفطرة , انه ذو العلم اليقين , كما يصف نفسه , ثم يستشهد بالآية التي تقول “وهل يستوي الذين يعلمون , والذين لايعلمون ” ؟ ثم يردف بالقول ” لكن عند صعاليك الفيسبوك يستوي كل شيئ , فلا حظوة لكبير قوم , ولا رفعة لمثقف , لا امتياز لصاحب عقل , أو فضيلة في أمر البلاد المنكوبة “.
الكاتب يرى على أن ثقافة صعاليك الفيس بوك” لقيطة”من هنا وهناك. جملة هنا، تعبير هناك، معلومة اعلامية من هنا، وأخرى مسروقة من هناك. ويظنّون بهذا أنهم أصبحوا كِباراً، ويُمكن لهم أن يلعبوا دوراً خطيراً وحاسماً في مجريات الأمور. وهم بهذه المعلومات، والثقافة السطحية اللقيطة، يظنّون أن الواجب الأعظم يتطلب منهم الرد على أي طرح، أو أي موضوع أو فكر مهما بلغ عمقه، واتسّعَ معناه وبعده المعرفي. وإذا ما خالفت رؤيتهم، تجدهم يزبدون ويرغون، كما كلاب الصيد التي أضاعت صيدَ مُعلمّها، ولم تأتِ به بسبب خطفها من كائن آخر. وهكذا هم هؤلاء، يتنطحون لشغل موقع العارف، المحلل، الضارب، مالك الحقيقة، وصاحبُ الرؤية التي لا تخطىء أبداً. وهم لا همَّ لهم، ولاعمل لهم، ولا شُغل لهم، وغالبا لا قضية لهم، فهم يميلون حيث تميل الريح، ويذهبون حيثُ تجنحُ السفين. هؤلاء؛ يكمن خطرهم بأنهم يستنزفون طاقات الآخر، العارف، المفكّر. المحلل الكاشف للمستور، والعالم بالإمور. فيحاولون توريطه في سجالات عقيمة، بلاوعي منهم بنتيجة قصورهم المعرفي، وادراكهم السفلي. فيأخذون من الوقت، ويهدرون من الأعصاب، ويحرقون من الحسرة ما لا طاقة لهؤلاء بها.” وقعة مسخمة يا أستاذ عماد أفندي .
الكاتب منزعج جدا من هؤلاء الصعاليك , تصوروا مراهق جاهل في الثامنة عشر يكفر رؤية عالم مثل الابوطي …حيث يقول الكاتب في أطروحته السقيمة” صعاليك الفيس بوك، كُثرُ، ويتواجدون أينما كان، وفي كل زمان ومكان، وعلى كلّ الصفحات. وفي كل المناسبات والقضايا، ويمارسون أعتى أنواع الترّهات، وخاصة في الأوجاع والأزمات. هنا بالضبط يكمن خراب الأوطان، فلو استمع هؤلاء لمثقفيهم، وعلمائهم في كل حقل لما وصلوا، إلى ما هم فيه، فمثلاً، يأتي مراهق جاهل في سن الثامنة عشرة مثلاً، ويُكفّر رؤية عالم مثل البوطي ويحاول دحض رؤيته ونظريته. ويأتي آخر وهو يعمل ميكانيكي مثلاً، أو موظفاً بسيطاً لم يقرأ جريدة في حياته كلّها، ليكّفر رؤية باحث عالمي كبير مثل فراس السوّاح أو أدونيس. أو غيرهم من الرعيل الثاني والثالث. وهكذا.” فمن يريد بناء الأطان عليه بالبوطي , وعليه بلوي رقبة المراهق والميكانيكي , فعلى البوطي وعلى القطقوط صاحب العلم اليقين الاتكال , هكذا بعونه تعالى تبنى الأوطان !!
أخيرا لم يبق لصاحب العلم اليقين الا الولولة على الوطن “ويلُ، لأمةٍ لا تستمع لمفكرّيها، ولا تعمل على خطى مثقفيّها، ولا تأخذ برأي علمائها، ومتعلميّها. ويلُ لوطن ٍ، تُرك أشلاءً في أحضان صعاليك الفيس بوك والتويتر وغيره. ويلُ لبلدٍ، لا يأتي بعلمائه ليشرحوا له حاله، وإلى أين يسير ترحاله. ويلُ لهؤلاء. صعاليك الفيس بوك، الذين لا يفيدون من كبارهم، بل يحاولون أن يكونوا أكبر منهم. هم حُثالة القوم الخاسرة. ولكنهم اذا ما اجتمعوا، سيصنعوا كارثة على الأمة، والوطن. وهذا ما حصل في الكثير من البلدان..؟؟!
سأل صحفي الرئيس المخلوع مبارك عن السبب المباشر لسقوطه أجاب: انه الفيسبوك , ويمكن القول ان آلية سقوط بن علي والقذافي مشابهة , والكاتب صاحب العلم اليقين أخطأ بشكل واضح في تسميااته , الأحرى به كان تسمية الرؤساء العرب بالصعاليك ,وليس شباب الفيسبوك , لو كان شباب الفيسبوك بالواقع صعاليك , لما كان بامكانهم اسقاط اعتى الديكتاتوريات في العالم , وسلسلة الاسقاطات لم تنته بعد …وهذا مايؤرق حقيقة السلطوي صاحب العلم اليقين !!