البربرية,والتصور المرعب

ماذا يسمى وصول أكبر عدد من الجثث الى مشافي حمص (94 جثة بينهم16 عسكريا)  في يوم التوقيع  على الاتفاقية  بين سوريا والجامعة العربية ؟؟؟اتفاقية يراد منها السير في طريق السلم ونبذ العنف , لايمكن أن يسمى هذا الا بربرية …ولترمي سوريا شعبا وسلطة  ماتدعيه من حضارة  فائتة في المرحاض ..شعب وسلطة  ذات جذور حضارية لاتفعل  هذه الفعلة  المنكرة , التي تعتبر مؤشرا على أن القتل في سوريا أصبح مادة  للتلذذ , لقد تقيأ الاجرام  السلطوي -الشعبوي  مايقارب من مئة جثة , ومن يصدق مايقال بشكل غير رسمي , يجب ضرب هذا الرقم على الأقل بعشرة ..أي 1000 قتيل  من البشرالسوري  ,  هذا ماعدا التخريب والتدمير ,  وما عداالقضاء على وحدة الشعب , وما عدا خلق شرخ كبير بين الجيش والشعب , فمن يرغي ويزبد ضد مشاريع التقسيم , يقسم   ويفتت بضراوة ونشاط كبيرين , ومن لايريد حرب أهلية   يحارب الأهل , والأهل يحارب بعضه البعض …  والرفض هو النتيجة المباشرة للتنكر للوعد , الذي تم  عن سابق  عمد , ومن ظن  على أن تقتيل من هذا الكيف والكم  هو عبارة فرض لأمر واقع التفوق السلطوي على الاحتجاج  , فقد أخطأ  خطأ فادحا ,ومن هنا فالأجدى  بالواقعيين والعمليين  والمفكرين والناشطين والحقوقيين والمسالمين من هذا الشعب أن يتسلحوا بالتشاؤم , التفاؤل هو سابقة لحلم سوف لن يتحقق , والتشاؤم هو نهاية لحلم لم يتحقق !.
لقد كان على الأطراف المعنية باأمر  فبل التوقيع  على الاتفاقيات  وقبل التطبيل والتزمير لها , طرح عدة أسئلة , ومن أهم هذه الأسئلة , مدى امكانية تنفيذ بنود اتفاقية ما , والاتفاقية تقول بانهاء المظاهر العسكرية  في المدن والأحياء ..فكيف يمكن لهذا الانهاء أن يتم ؟؟الجامعة العربية قصدت من ذلك  أن تقوم السلطة رسميا بتسليم هذه المناطق للثورة ,  والسلطة قصدت  من ذلك كسب بعض الوقت ,يتم خلاله ارسال الجيش التابع رسميا الى وزارة الداخلية  الى هذه المناطق   بلباس آخر يغلب عليه اللون الأزرق  ومعدات خاصة زرقاء اللون , وكأن قتل المدني عن طريق الأزرق هو غير قتله عن طريق الأسود !
الاعلان عن انشاء الفرقة الزرقاء المؤلفة من 4000أزرق  , هو اعلان عن عدم عزم السلطة على ترك العديد من المناطق دون تواجد  عسكري مؤيد لها  ومناهض للمحتجين والثوار  ,  وهذا يعني الاستمرار في منهجية  العنف, فليس من المنتظر أن يستقبل الثوار  الفرقة الزرقاء بالورود البيضاء , ومن المنتظر أن يزداد الحشد الثوري الاحتجاجي  بعد أن ظهر وكأن السلطة تراجعت عن الكثير من مواقفها ..الاحتجاج لايتناقص بتقديم التنازلات   , وأي تراجع  وتنازل  من قبل السلطة , هو تشجيع على المطالبة بتراجع  وتنازل أكبر ..هذا هو عرف الثورات والاحتجاجات , عرف ذو طبيعة ديناميكية , عرف ينتهج غريزيا   مبدأ التدرج  في تحقيق المطالب , وقد كان على السلطة ادراك ذلك , وكان عليها قطع الطريق  على تآكلها التدريجي  السريع , وذلك بالقيام بتراجع عملاق  …لقد كان عليها انتهاز هذه الفرصة  وتسليم زمام الأمور الى تيار ثالث مدني , حيث تضمن الجامعة العربية في هذه الحالة أمان  وسلام رجال السلطة , وحيث تتمكن السلطة من الاحتفاظ ببعض المفاتيح الثانوية , بعض الشيئ أفضل من لاشيئ.
 أحد بنود الاتفاق يلزم السلطة بفتح الأبواب  أمام الاعلام العالي  ومن يصدق ذلك لايعرف السلطة السورية  تماما , فكيف تسمح السلطة بحدوث معركة اعلامية بين اعلام رسمي مهلهل وبين اعلام عالمي  يكن العداء للسلطة حتى النخاع ..النتيجة هي بهدلة لاتوصف ..وشرشحة لامثيل لها , ولما كان الأمر كذلك فسوف لاتسمح السلطةة لهذا الأمر أن يحدث , كيف ؟؟توجد عدة طرق برعت السلطة في ممارستها سابقا …ولا حاجة لبحثها تفصيليا , فعرقلة عمل الصحافة الأجنبية عمل سهل بالنسبة للسلطة .
أما عن الحوار  الذي  سيجري في القاهرة , فأظن على أن السلطة ستعطي المبادرة الى المعارضة ,معتمدة على  وجود تيارات عديدة  فيها .أي أن السلطة تأمل أن تستطيع القول , لايوجد من نحاوره  , وبالتالي لاتوجد معارضة …حلم سلطوي من الصعب تحقيقه …ففي صفوف المعارضة الكثير من الذين يملكون مايكفي من الوعي والمعرفة السياسية .
ما يخص اطلاق سراح المعتقلين السياسيين , فهذه ليست المرة الأولى , التي تنكص السلطة بوعودها , والسلطة تعتمد هنا على سلوك العديد من الطرق الجانبية لتحاشي ذلك , كما فعلت في الماضي , الا أن الماضي مضى , والحالة اليوم تختلف عن سابقاتها .. ولوبي السلطة عالميا وعربيا ضعيف جدا , فاذا لم تنفذ السلطة ماوقعت عليه  , فسيكون لها حساب مع الجامعة العربية , وحساب الجامعة العربية  سينتقل الى حساب  مع مجلس الأمن , وماذا سيحدث بعد ذلك  هو في عالم  الغيب , الا أنه بالتأكيد  غير مفرح …, في تعليق على الأحداث  السورية في يوم التوقيع على الاتفاقية مع الجامعة العربية  قال أحد القراء في مجلة أوروبية مرموقة , النيتو  يصول في المتوسط ويجول عاطلا عن العمل  وباحثا عن عمل ..تصور مرعب !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *