الدوامة والدوخان ..دولة ..نظام … سلطة !!

قال المفكر الألماني ماكس فيبر , ان الدولة تملك وحدها  حق  احتكار العنف  المشروع , وفي المجتمع الذي تتمتع مؤسساته بالشرعية  , لا شرعية  لما يسمى العنف الخصوصي , ولا يمكن لأي دولة احتكار العنف , الا اذا احتكرت الشرعية ,والطرق التي تؤدي الى احتكار الشرعية واضحة جدا , هناك سلطة مركزية  منتخبة بشكل  ديموقراطي ودوري  , وهذه السلطة هي سلطة الشعب , هي التي تعرف  الحق والباطل , وفي سياق حماية الحق وزهق الباطل   تلجأ  السلطة الى العنف .. وللعنف بشكله الشرعي أشكال متعددة .. تحصيل الضريبة  هو عنف , عقاب من اعتدى على القانون  ومن يهدد النظام  هو عنف مشروع , ولا يجوز لأي سلطة احتكار المسؤولية عن النظام , الا اذا ا كانت هذه السلطة منتخبة انتخابا  ديموقراطي

أحب في هذه المناسبة  ان أنوه الى معاني  بعض التعابير التي يستخدمها المواطن بكثرة , ولنأخد سورية   ..فالدولة السورية هي كامل الكيان السوري أرضا وشعبا  , ومن يريد القول  ان هناك متآمر على الدولة السورية  , فهو يبالغ جدا ..من يتآمر على الدولة السورية يتآمر على نفسه .. وهذه الدولة تحتضن النظام والسلطة , والنظام السوري هو جمهوري برلماني (نظريا) , له دستور ..أي نظام دستوري , والمتآمر على النظام , هو الذي يريد مثلا تحويل النظام الجمهوري الى ملكي وراثي , أو الى  خلافة اسلامية ….والمراقب للأحداث والتطورات يستطيع  ادراك بعض معالم التآمر على النظام ..الاخوان يريدونها خلافة , والسلطة مارست التوريث ..كل هذا يعتبر مؤامرة على  النظام , الذي تحتضنه  الدولة , والذي يحتضن بدوره السلطة   , التي تتغير بفترات معينة تختلف من دولة لأخرى

المشكلة في بلدنا ليست في استخدام السلطة  للعنف, بل في عدم شرعية السلطة , وبذلك عدم شرعية استخدام العنف من قبلها , وبذلك تتحول ممارسة العنف في سورية الى  شيئ خصوصي, ولا أحد يستطيع القول انه يطبق ماقاله ماكس فيبر .. والأمر بكامله خاضع الى درجة كبيرة من التشويش والخربطة ..الدولة   أصبحت ملكا شبه شخصي  , وذلك لانعدام وجود قانون يحمي ملكيتها للشعب ..عندما تجري سرقة الدولة عينك عينك  , وعنما يذهب الخارج عن القانون رفعت الأسد متأبطا حوالي ثلاث مليارات دولار   ليتمتع بالحرية بدلا من المكوث في السجن … والأمثلة المشابهة كثيرة , فهذا يعني وجود خلل في تعريف الدولة على أنها  مجمل الأرض والشعب  وكل شيئ هو ملك للشعب ,عندما يجري ارغام الشعب على تمويل الفرق العسكرية الخاصة … سرايا الدفاع …الخ  فهذا يعني خلل كبير في تعريف وادراك فكرة “الدولة” ولا أريد هنا الاستفاضة كثيرا , اما النظام  فهو كما قلت جمهوري  برلماني , الا انه لايوجد برلمان منتخب , واسلوب التوريث  المتبع في الملكيات تسلل  الى النظام الجمهوري  وبشكل فاضح وفج ..حيث كان من الضروري تعديل الدستور لكي يتناسب مع ضرورات التوريث , هذا يعني بشكل عام  وجود شوائب كثيرة في النظام ..حيث الوضع الجمهوري غير خال من الخلل , وعن موضوع الانتخابات  فحدث ولا حرج ..ماحدث في سورية من هذا القبيل لايستحق اسم “انتخابات

اما السلطة التي يجب أن تنبثق عن انتخابات نيابية  , فأمرها معكوس تماما .. فهي التي تحتضن النظام والدولة  بآن واحد , والمادة الثامنة تؤكد بشكل صريح على ذلك , وملخص الحديث هو ان كل شيئ معكوس في هذا الوطن المنحوس  , فلا السلطة سلطة ولا النظام نظام ولا الدولة دولة

ترددت في الفترة  الأخيرة انباء عن تسليح فئة  أو طائفة معينة , والمراقب للحدث ظن للوهلة الأولى ان هذا الأمر جديد  ولا سابقة له , الى أن تحليل الأحداث في القامشلي من عام 2004  يدل على أن هذه الممارسة قديمة , فالسلطة لم تكتف آنذاك بالتحامل على الكرد , وانما وزعت الأسلحة  على بعض العشائر وخاصة على فروع  حزب البعث , وتسليح فئة  لكي تستطيع هذه الفئة مواجهة فئة أخرى , هو برهان على أن السلطة لم تتصرف كسلطة يحتضنها النظام , الذي تحتضنه الدولة ,وانما كطرف اجتماعي فئوي , كان له الباع الأكبر  في تفتيت النظام والدولة أيضا …ولا أظن على أن السلطة عرفت وأدركت تماما دلالات ماقامت به , ليس لدى السلطة فهم كاف لموضوع الدولة والنظام والسلطة  والتداخلات بينهم

السلطة يجب أن تتدخل  في كل شيئ ..انه واجبها , الا أنها يجب أن تكون منتخبة , ويجب عليها الاقرار بالدورية والتبديل والتغير ..كل ذلك غير متوفر في ظل المادة الثامنة , التي خف الحديث عنها  مؤخرا ..والتي سوف لن تلغى طوعا  .. اننا نعيش الآن  وضعا سابقا , من يملك بعض الأوراق والمقالات  والتحليلات من الأعوام 2004 و 2005  لايجد أي فرق بين الوضع الحالي وبين الوضع السابق ..لانزال  في الدوامة والدوخان

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *