لافرق بين سورية الأسد أو سورية البعث , انها سورية العقود الأربعة الأخيرة , وسورية الجديدة ستكون سورية السوريين , الا أنه سيكون لسورية هذه شكل سوريالي , وسورية السوريالية هي نتاج لسياسات المئة سنة الأخيرة , ومن أهم اللاعبين على ملعب هذه السياسة هم الأسد والبعث في الأربعين سنة السابقة , العقود الأربعة الأخيرة هي التي ستقرر وضع سورية الأخير , وهذا الوضع سوف لن يكون مشرقا ..أقول ذلك بحزن وأسف شديدين .
لا أعتب على أحد , لأن العتاب لاينفع , الا أنه من الضروري ومن المنطقي القول , ان مستقبل سورية هو من صنع أهلها ..حكومة وشعبا ,والمستقبل المظلم هو من صنع السوريين شعبا وحكومة , لقد فشلت سورية في جهودها لتكوين دولة حديثة ومستقلة ,وفي الأفق تلوح بشائر تقسيم على النمط العراقي..أي أن مصير سورية سيكون مبدئيا شبيه بالمصير العراقي , وبذلك تكون سورية قد انتهت قبل أن يصبح عمرها 100 عام …من توقع ذلك ؟؟
ليس من المتوقع أن تثمر أي معارضة لمسيرة التاريخ , المجتمع السوري هو الذي صنع تاريخ سورية , وفي صناعته هذه حدثت متناقضات كثيرة ..لا شعوريا , يريد شيئا معينا , ويصنع العكس منه , , يريد الوحدة ويصنع الانقسام , يريد الحرية ويصنع العبودية , يريد القوة ويصنع الضعف , يريد السماح بالتظاهر لأانه حق طبيعي , فيمنع التظاهر لأنه ضرورة سلطوية أمنية …هكذا يصور لهم , وهكذا يتخيلون ..وذلك بكل براءة وغباوة وحقارة وحمرنة !
لاحديث في سورية الجديدة عن القومية العربية , التي ماتت منذ زمن بعيد , وقبل موتها قادت الى التناقضات التي ذكرتها , لم تكن قادرة على صنع أكثر أو أقل مما قامت به , فكرة مريضة لم تنتج الا المرض, وهذا المرض قد يكون مميت .
يجب أن يكون واضحا لكل سوري , على أن الاستمرار في الحرب الأهلية وتطويرها الى الأسوء , سيقود الى التقسيم ..والأفكار حول التقسيم وامكانياته موجودة عند الجميع ..شرقا وغربا ..شمالا وجنوبا , وما يمكن استنتاجه باختصار شديد هو التنالي :
الساحل السوري قد يصبح كردستان سورية , حيث ينزح المسيحيون اليه , وينزح السنة منه , وسوف لن يكن للغرب أي اعتراض فعلي على ذلك , أما الشمال وأقصد منطقة حلب , فسيكون لها استقلالية مشابهة , واستقلالية المناطق شرق حلب ,أي دير الزور ستكون أقسى , اذ أن الوهابية تريد ضم المناطق الشرقية من سورية الى المناطق الغربية من العراق , أي الى محافظة الانبار , وذلك لخلق منطقة سنية أكبر , حيث ينقلب ميزان القوى في العراق لصالح السنة ضد الشيعة , والأكراد فأمرهم أشد وضوحا , وامكانية استقلالهم أقل من امكانية استقلالية المناطق الأخرى , وذلك لأن تركيا لاتريد ذلك قطعا , تركيا ستقوم بضم أقسام من سورية اليها , متذرعة بمكافحتها لحزب العمل الكردستاني , وضرورة حمايتها للتركمان .
أمور التقسيم معقدة , ومصير منطقة حلب النهائي غير واضح , هناك من يقول , ان حلب ستؤول الى تركيا , كما كانت أيام العثمانيين ..وعلى كل حال فان استمرار الحرب الأهلية سيقود الى كوارث لاحد لها , وما ذكرمن مخاطر تحدق بالوطن السوري لايدعي الصحة والمصداقية المطلقة , انها أفكار , واستنتاجات مأخوذة من العديد من المصادر القديمة والحديثة ..أردت ذكرها للتنبيه والتذكير بما سيحل بالوطن في حال عدم أيجاد حل للأزمة الحالية .
من المسؤول عن ذلك ؟؟لايمكن حصر المسؤولية بجهة واحدة , وكل منا مسؤول حسب موقعه في الدولة والمجتمع , عامل التنظيفات لايحمل من المسؤولية مايمحله وزير أو محافظ, وبشكل عام فان السلطة هي من أكبر المسؤولين عن هذا التطور , وبعدها تأتي المعارضة المدنية , التي تحظى بتأييد الأكثرية , الا أنها لاتجيد استخدام شعبيتها , أو بالأحرى الشعبية المعارضة للتيار الاسلامي وللسلطة في آن واحد , بعد ذلك يأتي التيار الصامت , الذي لم يتحرك لحد الآن , وأخيرا يأتي التيار الديني , الذي لاتهمه سورية بقدر ما تهمه الأمة الاسلامية , اتحاد بين محافظة الأنبار ودير الزور لتقوية السنة , هو بنظر هذا التيار أهم من اتحاد بين دير الزور واللاذقية ..لهذا التيار تفكير خاص , وهذا التيار هو خارج اللعبة السياسية السورية , لأن يتمركز داخل اللعبة السياسية الاسلامية … انتبهوا ياسوريين قبل فوات الأوان ..سورية في طريقها الى العدم …وأنتم أيضا ! ودمتم بألف خير