الانتهازيون يغتالون الوطن؟

    ما نشهده اليوم من تضحيات بشرية مشرفة تقدم أرواحها في سبيل رفعة وطنها وتمثل الصورة المثلى للتضحية من أمن وأمان شعبها ووطنها. في المقابل تتوضح لنا صورة منتكسة متمثلة في الفئة الانتهازية التي تعرض قضايا أمتها للمزاد في سوق النخاسة السياسية وتضحي بمصالح مجتمعها في سبيل منفعتها الخاصة ومصلحتها الشخصية. هي صورة مظلمة ونموذج قاتم للبشرية.
إنه نموذج آخر لشخصيات استفادت من النظام بشكل كبير ولكنها اليوم تتنكر بعمق لكل ما قدمه لها النظام وهذا التنكر لا يتعدى كونه ترجمة للمستوى التربوي المتدني الذي نشأت عليه تلك الشخصيات التي تعودت أن تأكل من الصحن ثم تتفل فيه. إنها نموذج لعقليات تمثل المستوى الضحل من المجتمع رغم أنها تمثل بعض المؤسسات الأهلية التي دخلتها من أبواب الانتهازية، ومن خلالها اعتبرت نفسها أنها تشغل المواقع المحترمة في المجتمع متجاهله أن من يجعل من الموقع محترماً ليس الموقع بعينه وإنما من يقوم بشغل الموقع. ونحن نعتبر من ظاهره شيئاً وباطنه شيئاً آخر فهو شخص غير جدير بالاحترام.
في الواقع هم اخطر من المعارضة السلبية التي تعلن عن نفسها لا بل تحاور بأمور قد تكون فيها على صواب أو خطأ فهي بالنهاية معلنة. ولكن أن تواجه أشخاصاً يتظاهرون بأنهم ضد ما يحصل في البلد وبنفس الوقت تراهم يقذفون الاتهامات بشكل عشوائي وينكرون لما يحصل بل يحملون المسؤولية على مؤسسات لطالما قدمت لهم خدمات كبيرة وساعدتهم على الظهور كونهم من قامات المجتمع وهم في الواقع ليسوا أكثر من انتهازيين يحاولون اغتيال الوطن بتصرفاتهم وحياديتهم في العمل على الحلول أو التهدئة بل من خلال الانطباعات التي يتركونها حين الاجتماع بهم. شخصيات ابتزوا ما استطاعوا بطرق غالباً ما كان عنوانها الفساد والضحية الوطن ومقدراته.
إنهم متملقون امتهنوا لعق الأحذية للوصول إلى مآربهم، لعقوا الأحذية لتغطية ملفاتهم القذرة وسرقاتهم ومخالفاتهم، وكانوا كالذباب الذي اجتمع على قطعة من الحلوى يرتشفون عسلها ولكنهم للأسف عندما أتى من يسرقها وقفوا متفرجين خانعين متخاذلين متناسين ما قدمته لهم هذه الحلوى. التي تحتاج اليوم لجهودهم من أجل أمنها وأمانها وأمان ما يحيط بها من مجتمع. إنه المحك الذي أظهر لنا قصراً في نظرهم لما دون أنوفهم. ووضح لنا أنهم ليس لديهم الكثير ليقدموه ولكنهم قادرون بجدارة على إعاقة الآخرين وإيقاعهم في المآزق. وجدنا معيار تفكيرهم ما يلج لجيوبهم وما يشبع غرائزهم ونزواتهم البهيمية. وجدناهم لا يقيمون وزناً لمثل أو قيم ولا يسعون لتحقيق منفعة عامة أو رفعة لوطنهم أو مجتمعهم. إنهم ليسوا أكثر من شرذمه. خطرها يعظم بما تشغله من مراكز للتأثير ومنابر للدعاية والضجيج. وجدناهم يعبثون بعقول الناس ويستغلون حاجاتهم. فعندما تلتقي مصالحهم معك تراهم مخلصين ومتعاونين ولكن ينقلب كل شيء عندما تفترق حاجاتك مع حاجاتهم ويتحولون إلى وحوش كاسرة. إنهم انتهازيون لدرجة التطبيع، إنهم مثار للسخط والاستهجان بل التقزز والاشمئزاز. إنهم بتصرفاتهم ولونهم الأسود يغتالون الوطن الذي ضمهم وجعل منهم رجالاً ولكن أي رجال خرجوا عندما احتاج لهم الوطن ظهروا لنا أشباه الرجال.
هذا هو المستوى الذي بتنا نتعامل معه أو نعتمد عليه في حل مشاكل اجتماعية وطنية. والطامة الكبرى أنه لا يزال هناك مسؤولون مقتنعين بقدرة هؤلاء على تقديم شيء للوطن دون أن يدركوا أنهم يشحذون سكاكينهم متهيئين لطعن الوطن عندما تسنح لهم الفرصة التي يقفون خلف تحقيقها.
إنهم ليسوا أكثر من منافقين لا يمكن الوثوق بهم كطبول فارغة. لا بل إنهم ميالون لتعميق الفوضى ويعملون على استمرارها استناداً لما يحتويه باطنهم من قذارة. ولما يحتويه تاريخهم من أمور لا تمت للأخلاق الإنسانية بصلة. يتعاملون مع المحيط وكأن ذاك المحيط يجهل تاريخهم وملفاتهم القذرة المملوءة بالفساد وسرقة المال العام. الشعب اليوم يريد تعريتهم ومعهم وكل من ساعد في طي ملفاتهم القذرة. الشعب اليوم يريد أن يفتح تلك الملفات التي تخص شخصيات اعتبرت نفسها داعمة لاقتصاد الوطن من جهة وسارقة لمقدرات الشعب من جهة أخرى. الشعب يريد اليوم محاسبة الانتهازين الوصوليين الذين كانوا منذ وقت قريب ليسوا أكثر من متعيشين على فتات الموائد ولكن أحسنوا امتهان الانتهازية والفساد حتى وصلوا إلى ما هم عليه. فلنعمل على بتر من يحاولون اغتيال الوطن فالوطن أكبر من انتهازيتهم المكشوفة، أكبر مما احتواه باطنهم من قذارات، فلنقف جميعاً في وجه من يحاولون اغتيال الوطن.

عامر الياس شهدا

الانتهازيون يغتالون الوطن؟” comment for

  1. الكاتب تحدث عن فئة انتهازية ,استفادت من النظام بشكل كبير , وهذا يعني ان هذه الفئة تميزت بحصولها على امتيازات , فعلى حساب من اقتنصت هذه الفئة تلك الامتيازات ؟وهل كان اقتناص هذه الامتيازات قسرا ؟أو انه كان طوعا ؟السلطة أعطت هؤلاء امتيازات على حساب المواطن , لذا فهي شريكة في انتهازية الامتيازات , ولحد الآن لانعرف تدحرج أي رأس انتهازي من الذين يقصدهم الكاتب بسطوره وما بين سطوره , هذا هودليل على أن الشراكة لاتزال قائمة ..في اغتيال الوطن طبعا !!
    توصيف الكاتب لشريك في الانتهازية , ينطبق على الشريك الآخر ..الكاتب يصف الانتهازي بأنه متملق ..يلعق الأحذية ..سارق ..مخالف للقانون ..قذر كالذباب ..بهائم ..وحش كاسر ..أشباه رجال …منافق ..طبل فارغ ..فوضوي ..كل ذلك ينطبق على الشركة بكاملها …أضم صوتي الى صوت عامر الياس شهدا .. فلنقف جميعا في وجه من يحاولون اغتيال الوطن ..وانا أول من يقف الى جانبه

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *