زكي الأرسوزي وأنطون سعاده إن حكيا أو بكيا?

في زمن «التقارب السوري التركي»، تمّ التغاضي عن مسألة اسكندرون أو «اللواء السليب». لم يعلق حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي شارك في تأسيسه الأرسوزي، على هذه المسألة وكذلك الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي اعتاد ترويس مراسلاته الحزبية بعبارة: «اذكروا كيليكية واسكندرون وفلسطين…» فهذان الحزبان كانا الوحيدين المناديين بأزلية أحقية سوريا في هذه المسألة لكنهما اختارا الصمت. أما اليوم، وبعد أن تبيّن لمن كان جاهلاً أم متجاهلاً دور تركيا في المنطقة وخاصة في سوريا، فسينبري من يذكرنا «باللواء السليب وبأطماع العثمانيين». وهكذا لم نطرح إشكالية الاستراتيجية مع بلد جار وصديق حيناً وخصم أو عدو أحياناً وفي الوقت ذاته مستولٍ على أرض لم تكن له ولكنها هي اليوم حُكماً ملكه. وكيف تُعدّل الايديولوجيا أو لا تعدل وفقاً للمصلحة القومية؟ وهل المسألة هي الأرض أم ما ترمز له أو الشعب وما يصبو إليه؟ ألم يحن الوقت لمناقشة عميقة وصريحة في أفكار وطروحات ومنهجية وسلوكية هذين الحزبين العريقين؟
زكي الأرسوزي، المنظّر المُعَتَمْد رسمياً من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، ترعرع في «سنجق الإسكندرون» إبان الحقبة العثمانية، ودرس في إنطاكيا وكونيا وكان مديراً للتعليم في أرسوز (لواء اسكندرون).
في أواخر العشرينيات من القرن العشرين أسّس مكتبة باسم «البعث العربي» وفي عام 1938 «البعث العربي» كتجمع سياسي، ليعمل في عام 1945 مع ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار كمؤسسين لحزب البعث الذي لعب ولا يزال يلعب دوراً مهماً في المنطقة.
ولقد اشترط الأرسوزي على الراغب في الانضمام إلى تنظيمه ما يلي:
«كتابة أو ترجمة كتاب يساهم في بعث الثقافة العربية». وقد تُذكّر هذه العبارة بأنطون سعاده وتشديده على الثقافة والموسيقى والرسم، وفلسطين واسكندرون أيضاً. ولقد انتقد أنطون سعاده الأرسوزي لدعوته قيام قومية على أساس الدين أو على أساس «السامية». فالرجلان لم يكونا مغرمين أحدهما بالآخر.
ولعل الأرسوزي حين جاء جنوباً الى وادي قنديل – اللاذقية كان يذهب من هناك شمالاً الى الحدود السورية – التركية التي رسمها الفرنسيون، بعد سلخهم اسكندرون، حيث بلدة السمرا (وهناك يصوّر اليوم المسلسل الشعبي «ضيعة ضايعة»)، ويجلس ناظراً في اتجاه أرسوز حالماً بالعودة إليها يوماً ما.
ماذا إذاً؟
حزبان يأبيان التقاعد أو التجدد، فلا الحزب السوري القومي الاجتماعي يطرح شيئاً عن سوريا فهو مشغول في لبنانيته، مرحباً بسفارتين ودولتين رغم نفيه «اللبننة»، ولا حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد حكمه لسوريا والعراق، يطرح تجربته بنجاحاتها وإخفاقاتها ولماذا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. والاهم من كل ذلك، أين حالة الإبداع فكراً وفناً وصناعة في هذين الحزبين؟ واين سُلّم القيم فيهما؟
ألم يحن الوقت لنهضة ما ونفض الغبار؟
وماذا أيضاً؟
ماذا لو حكى زكي الأرسوزي أو ماذا لو بكى؟ وماذا لو شاركه أنطون سعادة بدمعة أو إثنتين؟ ولعلهما جلسا معاً فحكيا وبكيا! «ضيعة ضايعة؟» وأكثر!
جواد عدرة

زكي الأرسوزي وأنطون سعاده إن حكيا أو بكيا?” comments for

  1. علينا بالمبدأ عدم تجاهل المحيط الإقليمي والدولي الذي مازال يحاكي بتناغم شديد الأحداث التي تجري في المنطقة,ومع ربط هذه الأحداث ضمنا بالحالة الراهنة ,لا يمكن للأي شكل من الأشكال تجاهل اللواء و كيليكيه وغيرها وهي ليست من أدبيات هذه الأحزاب فحسب لكنها أهم قواعد بنيتها العقائدية,ونظرا لشده وحده الأحداث وعلى كل الجبهات, قد تكون قد غابت من الواجهة الإعلامية السياسية لتلك الأحزاب,غير متجاهلين”الحاجة السياسية الآنية””تشرتشل سلم لفترة بحتمية نصر هتلر ولم يسلم باحتلاله للأي جزء من أوروبا,حتى الفرنسيين والطليان سلموا بهذا الواقع دون أن يستسلموا له”وانطلاقا من هذه النقطة”التسليم بالمناورة وليس الاستسلام لها”فالقادم أعظم “قد تكون لها صياغة تشبه هون كونج “ولا يسعنا سوى الحيلة أو جزء منها”لن نخسر سوريا لنربح اللواء”كذالك لن نسلم اللواء”سياسيه الوضع الراهن”أما مسألة هي حكما ملكهم فهذا من وجهه نظرك,ليس المهم كم هم مغرمان بعضهم البعض”للان من الغرام ما قتل””إنها حقيقة الاختلاف وليس الخلاف”,أما لناحية التقاعد أو التجدد,فالتقاعد شديد الاستبعاد,أما التجديد فلا أراه أكثر من حاجة للتنفيذ” وما تراجع البعث عن جمله من الأفكار كان مسلما بها منذ أشهر إلى شكلا من أشكال التجديد”ولو متأخرا”,وما للحزب القومي من إعادة النظر في نظامه الداخلي سوى خطوه نحو الأمام,حتى لو دخلنا في صلب مبادئ الحزب نجدها مبادئ أساسيه “ثوابت”وإصلاحية رهن المرحلة,لقد كلم سعادة أجيالا لم تولد بعد,لا بل ذهب أبعد من ذالك وقال من يدري قد يصبح العالم امة واحدة,إن النهضة ليست رهن أدبيات الحزب أو المحازبين وليست ما يمكن صنعه “كما تصنع سيارة”النهضة شعب وحاله وفهم عميق تحتاج من يقبلها “أو على الأقل من يقرأها”ولكن أجد أن الشارع لأعرض في سوريا لا يذعن سوى للدين,مع بقاء القلة القليلة من المثقفين و المتعلمين على اختلاف أطيافهم “يحفرون الصخر إذا جاز التعبير”لقد أصبح المحازب أو المتعلم أو المنفتح,عندما يجالس أحد أطياف الشارع,يعتبره إنجاز,والإبداع كما ذكرت سابقا له طرفين توفر الأول وصعب الثاني إذا لم أقل استحال,والموضوع أكبر من الرد ويستحق المزيد من البحث المتأني.

  2. زبدة الموضوع الذي أراد الكانب طرحه يتلخص في عبارته الأخيرة “حزبان يأبيان التقاعد أو التجديد”, وفي هذه المقولة ,بشكل عام, الكثير من الصحة ,والتعبير “يأبيان” مصيب جدا , وهذا التعبير يعني رفض حالة”التقاعد”الموجودة قسرا , قبل أن يتقاعد حزب البعث وقبل أن يتقاعد الحزب السوري القومي ,تقاعد الفكر “القومي” بشكل عام, فالأممية تطغو الآن تحت جناح الليبرالية الرأسمالية الديموقراطية , وذلك بالرغم من الغياب السياسي الكبيرللأحزاب الشيوعية , التي جعلت من “الأممية” ايديولوجية, في هذا الخصوص ,أصبح العالم شيوعي بدون الحزب الشيوعي .
    مايخص الأرض واسكندرون ثم غيرها من المناطق , أعتبر تصرف الأحزاب القومية براغماتيكي ومتنكر للقدسية , لاقدسيةالا للانسان ولا قدسية للأرض , وخاصة الأرض …فقد آن الأوان للانعتاق من التشنج ..أهل اسكندرون يعيشون تحت العلم التركي بشكل ليس أسوء من عيشتهم الافتراضية تحت العلم السوري ..والوضع لايمثل كارثة انسانية أخلاقية , وانمااشكالية حقوقية تاريخية , ولطالما ليس بالامكان استرداد اسكندرون بالقوة ,وهذه القوة غير متوفرة الآن , وسوف لن تتوفر من الستقبل المنظور , لذا ليس من الخطأ الاستفادة من جيرة الجار حتى ولو جار , وهذه الاستفادة تمت تحت غطاء المنفعة المتبادلة بين الجيران (دول وشعوب), الا أن الخلل حدث بعد أن ابتعد طرف من الجيران بشكل مؤلم وفاجر عن مايمكن تسميته” شرعية “وحدث تفاقم في التباين بين مصالح سورية ومصالح النظام السوري ,انكماش شعبية النظام هو تعبير عن هذا التباين المتواجحد والمتزايد منذ عقود , هنا يجب التفريق بين موقف الترك من النظام وبين موقف الترك من الجار سورية , والنفور من النظام لايعني النفور من سورية , وليس من المنطق أن يلمح البعض الى “المطامع “التركية الآن , خاصة بعد فترةاتسمت بالوفاق والود والتحابب حيث لم تكن هناك على مايبدو مطامع ..انتقاد النظام وتصرفاته ليس حكرا على الأتراك , ونظرة على موقف أكثرية العالم تكفي , , ولايمكن تخوين الأتراك واتهامهم بالطمع لمجرد معارضتهم لمسلكية السلطة السورية , التي فقدت كل أو الكثير من شرعيةتمثيلها للشعب السوري ..سوريةكانت ولا تزال شيئا يختلف عن السلطة السوريةالمتواجدة من أكثر من أربعين عاما , ولو لم يكن الأمر كذلك , لما عكفت السلطة على ايجاد صيغة جديدة لتمثيل الوطن , هذه الصيغة ,تعني تطبيع وشرعنة تمثيل السلطة السياسية للوطن السوري , وذلك من خلال عدة تغييرات ,من أهمها التعددية الحزبية .
    تقاعد الأحزاب المذكورة تم تلقائيا وذلك بسبب ثقاعد الفكر عند هذه الأحزاب , خاصة حزب البعث , الذي تحول الى هيئة من الموظفين , لا رابط يربطهم بما يسمى”حزب” الا الامتيازات , لقد أفرغ الحزب نفسه من أي مضمون فكري , وكما قال أدونيس ,لم ينتج الحزب مثقفا واحدا خلال أربعين عاما, هناك علاقة طردية بين فراغ الرؤوس من الفكر , وامتلاء الجيوب بالمال ..لقد تنخر الحزب بشكل مريع , ولم يبق منه الا الاسم وشعار وحدة حرية اشتراكية , وحتى الشعار أصبح تهريجي ..فأين الوحدة وأين الحرية وأين الاشتراكية ؟؟على المستوى القطري أو على المستوى القومي العربي.
    الحزب أخطأ بحق نفسه وجار عليها ,عندما اتكأ على الهيةوأبدية وقدرية المادة الثامنة , منشرحا مستريحا وقابضا , والحزب السوري القومي لم يقبض , وانما تقوقع في شرنقة سعادة , ولم يتمكن من الانعتاق من فكر المؤسس عن طريق فكر جديد , كان له أن يوجد لو بقي سعادة موجود ,الحزب السوري القومي اعطاكم عمره ..مات ومات البعث , والموت واحد وان تعددت الأسباب .

  3. قد تكون الأحزاب التي ذكرت انحسرت أو تقوقعت ولكنها لم تمت كما وصفت لا بل مازالت هي الموجود الوحيد على الساحة إذا جاز التعبير أن المفسدة التي وقع بها البعث لا تعني انه تخلى عن ضميره العقائدي وإنما هذا الضمير يبحث عن أصحاب الضمائر الحية ولا يمكن بشكل من الأشكال سحب هذا التصور على القومي,إن النهضة ليست مجرد حبر على ورق أو هي ملك لمن أوجدها أنها نتاج تفاعل الشارع المثقف العقائدي المؤمن بقضية مع شارع ثاني يفترض تفاعله بشكل أو بآخر مع الأول ولكن الحقيقة الطرف الثاني لا يستمع لا للثقافة ولا لغيرها”ويبقى يطبل ويزمر على ألفاضي”الوعي الشعبي من أهم شروط نشر العقائد بكل إشكالها وهنا السلبية المطلقة يا عزيزي, لم ألاحظ نشوء إي حزب منذ عقود و لا حتى إصلاحي ولا حتى مجرد تيار “أتعتقد بسب عدم وجود مثقفين لا وألف لا لأن حجم الشارع المعاكس الشعبي ابعد ما يكون عن تلك الثقافة علينا أن ندرك الحقائق ونقيسها لنضع لها الحلول,انه شارع ديني بشكل أو بأخر بالنسبة للقدسية “فأقول إذا لم أقم الصلاة هذا لا يعني أني غير مؤمن أو قد أضحي بنفسي للأجل إيماني”كما أن كل حزب يستطيع الدفاع عن نفسه فأن أرى البعث في مخاض ولادة جديدة والقومي يعمل ما عليه عمله وهو ادري رغم متابعتي للأغلب إعماله ليسعني سوى القول إلى الأمام ,ولن أتوسع لكي ابتعد عن الجدل

Leave a Reply to reyad Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *