كل ماحدث ويحدث يبرهن شيئا واحدا ,هو عدم مقدرة السلطة على التغيير الحاسم ,وذلك لوجود ثمة قيادات في النظام السوري تعرقل فعلا الاصلاح , لأن الاصلاح لايتلائم مع مصاالحها , والرئيس ليس مستهدفا من المعارضة بكامل أطيافها ومن بعض الدول العربية والغربية فقط , وانما من بعض اركان النظام البعثية والطائفية , والأمثلة على ذلك ليست نادرة ..منها التباين بين أوامر الرئيس بعدم اطلاق النار , واطلاق النار..منها تثبيط المؤتمر التشاوري ’, الذي أراد لؤي حسن وهيثم المناع المشاركة به , فجأة يعتقل الأمن أقربائهم بدون سبب , وبذلك يمتنه الرجلان عن المشاركة ..قضية السفراء وزياراتهم لحماه أمر مثير للكثير من الشكوك , مايثير الشكوك أيضا تطفل رامي مخلوف على السياسة وتصريحاته المسيئة لسمعة الرئيس , تم تضارب الأقوال حول المادة الثامنة ..الرئيس يوحي بأنها منتهية , ثم يأتي بخيتان والساعاتي ويصرحون بالعكس ..ليس في سياق ممارسة ديموقراطية , وانما عمدا ,اذ ليس للنظام خبرة في ممارسة هذه التناقضات, الرئيس يصدر العفو تلو الآخر , ثم يعترف بعدم فاعلية هذا العفو , كما أن فاعلية الغاء قانون الطوارئ غير ملموسة أو مرئية …كل ذلك يدل على أن وضع الرئيس ليس سهلا , ولا أعرف كيف سيتم له تنفيذ وعوده , هل خصوم الرئيس في داخل النظام أقوى من خصومه خارج النظام ؟؟
صدق ,أو لاتصدق !!
قرأت في العديد من الصحف نبأ ارادة الرئيس القاء خطاب , يعلن به العزم على الغاء المادة الثامنة ,اضافة الى العديد من الأمور ..ومنها انتخابات الرئاسة ..الخ استبشرت خيرا , وقلت ..خطوة كهذه تستطيع البرهان على أن شيئا اصلاحيا سيحدث, وان الاصلاح ليس كلام فقط وانما افعال .
وقد قيل بعدها , ان الأمر غير ذلك ..الرئيس سيعلن عن هذه الخطوات والقرارات من خلال مقابلة مع محطة ل.ب.س. والمحاور سيكون مارسيل غانم, قلنا لافرق كيف يقول الرئيس؟ , المهم أن يقول شيئا بهذا الخصوص .
المرحلة الثالثة من تدني مستوى الانتظارات ,كانت نفي ذلك تماما من قبل الجهات المختصة ..لا خطاب ولا مقابلة ..وانما كلام غير مسؤول من بعض وكالات الأنباء ,لا الغاء للمادة الثامنة , ولا انتخابات ..كل ذلك كلام …اذ قيل , كيف للرئيس الأسد أن يلغي المادة الثامنة ؟, تغيير الدستور هو من اختصاص مجلس الشعب, وليس من اختصاصات الرئيس!.
لايستطيع أحد انكار الحقيقة , التي تقول ان تغيير الدستو هو من مهمات مجالس الشعب أو النواب , الا أن هناك بعض الالتباس ..الكلام هنا عن سورية وليس عن سويسرا , فالرئيس الأسد يستطيع بايمائة منه تغيير المادة الثامنة , وأكثر من الثامنة ..وحتى كامل الدستور , الذي لايزال معطلا منذ عقود من الزمن, والأمثلة على تعطيل الدستور عديدة , والسلطة لاتنكر ذلك اطلاقا .
الآن يتعلق البعض بأهداب الدستور , والقصد من هذا التعلق معروف عند كل مواطن ..الحقيقة هي أنه لاتوجد ارادة بعثية لتغيير هذه المادة , لأن تغيير هذه المادة سيقود الى تغيرات في الامتيازات , التي لايستطيع البعثي عندئذ احتكارها , والموضوع ليس موضوع النجاح في الانتخابات أو عدم النجاح ,فأصحاب الامتيازات غير مهتمون بالنجاح أو عدمه ,بقدر اهتمامهم بامتيازاتهم , التي تؤمنها المادة الثامنة لهم , والمادة الثامنة تؤمن اضافة الى ذلك عن طريق خلقها لجو من عدم المساواة تنكص حزب البعث ومصداقيه , وتخريب السلطات الثلاث ,بالاضافة الى تخريب السلطة الرابعة , التي هي الصحافة والرأي الحر .
الحرية تتعثر جدا , والاعلان عن حرية الرأي لايكفي , لكونه اعلانا فقط …عندما يتظاهر أهل الفن يلقى القبض عليهم , عندما يتظاهر مؤيدوا السلطة ينعم عليهم بالشكر , ولم يحدث ان اصطاد رجل أمن متظاهرا مع أجل السلطة , والسلطة حائرة …تضمن حق التظاهر نظريا , الا أنها لاترخص لمظاهرة , ولم يصدر عن وزارة الداخلية لحد الآن ألا ترخيص يتيم واحد سحب قبل قيام التظاهرة .