بين التعددية البشرية والتعددية الالهية ……

  التوحيدية  هي المنطلق  الأساسي للعقل الديني ,هنا  نتحدث عن   هذه   المنطقة   وعن   اديان   هذه   المنطقة ,لاوجود   للعقل الديني  الابراهيمي   بدون مفهوم  التوحيد , الذي هو  مسلمة  عقيدية مستولية على العقل   والهدف والفهم والقيم  ,وأساس  هذه العقيدية  البديهية هو الايمان المطلق  بالخالق   الواحد  .

في سياق البحث في   اشكاليات الثقافة العربية وانسدادها  وتقلص مقدرتها الابداعية واستهلاكها لذاتها  وغربتها وغرابتها   وعدم مقدرتها على التواصل  والانفتاح  ,  نجد  لذلك  العديد من الأسباب  الافتراضية  ,  أحد هذه الأسباب المفترضة هو  التوحيد   , الذي   بشر  به  الوحي الديني  , والذي   سقط  مع   الوحي  على  الأرض   ,  ليصبح  ماهو  على  الأرض ,كما  هو  في   السماء , التوحيد   يمثل  الرؤية الواحدة لكل شيئ  ,  التي  حلت  محل تعددية   الرؤى  ,   ومهدت   الطريق  في  معظم   الحالات  لاقامة  الديكتاتورية, استلبت  الانسان حريته  ,وحولته الى عبدا  يتعبد   ويعبدها  , توحيد  حاصر الانسان ,  ومنع عنه ماعداها من روافد فكرية أو ثقافية ,توحيد   مستعبد  ومستبعد للفكر    الآخر  , شمولية مؤسسة على المطلق  الواحد  , فكرة   واحدة ,وما عداها  زندقة وهرطقة, يجب لوي رقبتها   بسيوف   الرسل   وسواطير   الآلهة .

اليس من المنطقي   والضروري , والحال  كذلك  اخضاع الشموليات  والأصوليات والتوحيديات  لعملية   تفكيك,  بحثا عن  مصادر العبث بالعقل والرأي الآخر  والتعددية الفكرية  الضرورية  لكي يبقى  المخلوق البشري مبدعا حرا   بدون  عبودية وسلاسل تقيده   وحجاب  يعميه  ونمطية  واحدة  تحوله  الى  نوع  من المعلبات .

لقد انتصرت   التوحيدية  على التعددية , الا  أنها لم تنجح الا في التأسيس لأنظمة الواحد الأرضي كنظير  للواحد السماوي , ثم ماهي انجازات  هذا الواحد السماوي  لحد الآن ؟ كثر الحديث عن الحروب والديكتاتوريات والقتل وابادة البشر  والعنصريات  التي كان محركها  المطلقية والنظرة الواحدة  للحياة وقوانينها ,كل ذلك قاد الى تعارك  بدون نهاية في سبيل الله  الواحد   الأحد ,  أي في سبيل   التوحيد  , الذي   لايسمح   بالتسالم   بين   البشر  بدون   تأسلم  ,    وكما   شرح   الشيخ   الشعراوي العلاقة  بين   المسلم  والكتابي   قبل    اسابيع   في   شريط   نشر  على  هذه   الصفحة , فللتوحيدي     الشيخ   الشعراوي   شروط   على  الآخرين , اما  دفع   الجزية   عن   يد  وهم  صاغرون  , أو  التأسلم  أو  القتل,  بشكل  عام   اخضاع  مطلق    مع  مصير  كئيب    للمعترض  على  هذا  الاخضاع ,  اخضاع   يتضمن   العديد  من  معالم    الاحتقار  ,  حتى   لو  قبل  المخلوق   البشري  الآخر  دفع   الجزية,  فدفعها    عن  يد وهو   صاغر  اذلال  ,   وحتى  في   دفع  الجزية   ثمة  ضرورة للاذلال  ,   أنه   تكريس  حيواني  للاستعباد   ولعبودية   احتقارية   اضافية  ,  لاتقل   انحطاطا   عن    الأولى   ,

باسم التوحيد   ومن  أجله   تم  اخصاء الثقافة   وتدمير  المعرفة في هذه البلاد  , ومن منا لايعرف شيئا عن الرازي  أوالخوارزمي  أو  الكندي  أو  الفارابي  والبيروني وابن سينا وابن الهيثم  ثم ابن رشد  وابن باجة وابن طفيل  والطبري وابن المقفع  وعمر الخيام  والحلاج والجاحظ وابن بطوطة  وابن خلدون والمعري ..الخ ,لقد تمت تصفيتهم جميعا  بطرق مختلفة  ,والسبب كان  خروجهم عن  التوحيد  وممارستهم   للنقد  أو تبنيهم  لفكر  آخر .

لابد في هذه المناسبة ,وبعد انتقال  معظم الانتماء   الديني  البشري من الوثنية  التعددية  الى     التوحيد   من طرح السؤال التالي  ,هل كانت الوثنية  وتعدد الآلهة  قاحلة  حضاريا  ؟ وهل   استفادت    الشعوب   التي     لاتزال   تتنكر   للتعددية   الناقدة   الخلاقة من    انتصار   التوحيد    ؟ وهل يمكن مقارنة  وضع المرأة وثنيا مع  وضعها   توحيديا  ؟  أين هي عشتار  وأفروديت  وزنوبيا  ونفرتيتي ,  وفي   ظل   التعددية   الوثنية  كان  هناك  حمورابي وكانت  هناك  الألعاب الأولومبية ثم  سقراط  وأفلاطون  والفلسفة الاغريقية اليونانية وحضارة مابين الرافدين والحضارة الفينيقية  والفرعونية  , وهل  انجب  التوحيد شبيها  لكل ماذكر   ؟

  بالنسبة  لسوريا  هل يمكن مقارنة ماتم   انجازه   في  ظل  حضارة تعدد الآلهة  مع حضارة    التوحيد ؟؟, يمثل  تعدد   الآلهة   انسجاما  مع   تعددية   البشر ,   تعدد   الآله    هو    الملائم  لتعددية   البشر ,  لذلك كانت   سوريا   مزدهرة   مع    التعددية   الالهية , ومتأخرة   مع    التوحيدية  الالهية  ,  التي   لايمكن   لها   سوى  أن  تكون   قسرية ,لأنها   مخالفة   لطبيعة   البشر !