ثقافة الأزمة وأزمة الثقافة , في سبيل الصنم الأكبر !
مها بيطار,ممدوح بيطار :
تعيش شعوب هذه المنطقة في ثقافة الأزمة وأزمة الثقافة , في الانغلاق خارج العالم , والانعزال عنه , تعيش هذه الشعوب في تعثر مستمر , الفجوة بين التقدم وبين حالة الجمود والتأخر تتوسع , صناعة معارف علمية عصرية شبه معدوم , وحتى امتلاك المعارف العصرية والتفاعل معها أصبح مشلول .
ثقافة هذه الشعوب موجهة ورائيا , وغارقة في شباك الماضي , الذي يأبى أن يزول , ثقافة “مأسورة” من قبل “الهوية” والتمني الخلاصي , عرب ونفتخر !! وبماذا يفتخر العرب ؟ وليس عندهم أكثر من الكذب , ليس ذلك فحسب ,البعض يريد البقاء بدويا يمارس القطيعة مع المستقبل , وبذلك يستفز البعض الآخر لممارسة القطيعة مع الماضي !
معظم مشاكل هذه الشعوب ذات مصدر ثقافي , كل انواع الثقافة متأزمة ,ثقافة سياسية ,ثقافة نقدية,ثقافة دينية , ثقافة الاجتهاد وثقافة الجهاد , ثقافة النقل والغاء العقل , ثقافة اللاعقلانية ,ثقافة الايمان , ثقافة القطعية , ثقافة العنف , ثقافة التقاتل الخ , لاتقدم في حل المشاكل , لذلك حلت التراكمية , وبذلك ازدادت المشاكل كما وكيفا , الحياة تنتج المشاكل طبيعيا ولكنها في هذه المنطقة لاتنتج الحلول , وهذا هو اللاطبيعي .
اجترار وولع بالنقل والتكرار وتسيد ثقافة الالغاء والاستعباد والتكفير والتخوين والغرور والعدائية والانعزالية , وأوهام امتلاك الحقيقة , ثم هذيان التوحيدية , وانعكاس العلاقة بين الخادم والمخدوم , السماء التي عليها ان تخدم تحولت الى مخدوم , جوهر حياة معظم هذه الشعوب أصبح تخديم الغيب , واعلاء شأنه , وليس اعلاء شأن الانسان ,الانتصار للغيب ,الموت في سبيل الغيب , يقال الغيب السماوي حارب الصنمية , ولا أرى سوى اقامة الأصنام والترويج للصنمية , الغيب هو الصنم الأكبر .
كل او معظم ماتقوم به اغلبية هذه الشعوب هو ممارسة الضدية للمنطق والعقلانية , يريدون الغاء الاختلاف عن طريق التعريب وبذلك تحقيق التجانس , ولماذ ذلك التجانس ؟, ولماذا الكل واحد كما هو الله واحد والمصطفى واحد ومصدر العلم والمعرفة والقيم والأحكام هو الكتاب الواحد, لم ينتبهوا الى نتيجة كل ذلك , فالنتيجة كانت الديكتاتور الواحد ,والحزب الواحد, والاستبداد الواحد , والعدو الواحد , وتبخير الواحد , والبعد الواحد , والانتماء الواحد ….واحد واحد , كالله الواحد الأحد الأوحد ,لايسأل الهوس ” بالواحد” الى أين وصلوا مع هذا الواحد , الذي ابعد الحياة عن الأرض ووضعها في السماء , الحياة ايضا واحدة في السماء وليست على الأرض !
سمعوا مفردة حرية وديموقراطية , تناقلوا هذه المفردات دون ان يفهموها , عدم الفهم هو شرط من شروط النقل , فمن أجل الحرية اقاموا النمطية ومارسوا التحنيط وأقاموا معابد الاستبداد للصلاة على الأفكار الميتة القاتلة وعلى الصنم بصورة نبي او زعيم تقي ورع أو ضرورة ( صدام) او ملك ملوك افريقيا (القذافي), ومن أجل الديموقراطية هناك الشورى والشريعة , هنا لايجوز للمثقف أن يقلق أو يتساءل , بوجود المنقذ , ووجود ثقافة الخلاص في النصوص , لاتفكر ياصاحبي !, اقرأ وردد الآيات وتوكل على الله وعلى المصطفى , آمن والغي عقلك , لابل اسجنه أو اقتله واقبره بين دفتي الستمئة صفحة , انك حر في خيار واحد هو الموت لاغير , الذي يعني الحياة في الجنة , خيار لاغبار عليه ,انعموا بالجنان والغلمان والنسوان , وفقكم الله !
Post Views: 180