استباحة المرأة المشاع !

مها    بيطار  ,   سمير   صادق :

بعد أسابيع من تهديدها.. طعن وسرقة رسامة كاريكاتير في أعزاز     يصر البعض في هذا المشرق البائس على وصف أو تعريف الحياة الجنسية ,التي لاترتكز  على قواعدوأحكام  الدين  بأنها حياة جنسية اباحية وبأن المرأة تتحول عندها الى مشاع , المتهم بالاباحية والمشاع هنا هي الحياة الجنسية في معظم انحاء العالم خاصة في أوروبا .

تكمن في هذه النظرة مغالطة منطقية قصدية , فالحياة الجنسية في أوروبا ليست اباحية والمرأة ليست مشاعا , انما هناك حرية جنسية , والحرية الجنسية لاتعني الاباحية اطلاقا , وانما تعني بلوغ المحبة, التي تحول ممارسة   الجنس  الى اسمى صوره   ,الحب  الملازم  للتناسلية   الجنسية  هو  بمثابة الغاء للاباحية , فمن يعرف أوروبا يتعرف على ممارسات جنسية بين ذكر وانثى يحبون بعضهم البعض ويتوافقون مع بعضهم البعض ويمارسون الجنس الراقي مع بعضهم البعض ,  هذا الحب الذي يتقدم على    الجنس  هو الذي يرفع التناسلية  الجنسية  من مستواها المتوضع في حيز الأعضاء التناسلية الى مستوى حيوي انساني اجتماعي , يتمثل في الوحدة مع الآخر رغبة وطوعا وحبا ثم قبول الآخر والتفاعل الطوعي الارادي معه , التناسلية الحبية الارادية شكل من أشكال الحياة الاجتماعية بوسائل أخرى ..

لو انتقلنا   الى   مجتمعات    هذه   المنطقة  حيث  يتمركز   الجنس  في  الأعضاء   التناسلية   حصرا , وحيث تمنع محدودية الاختلاط   عموما  من قيام تعارف وتآلف سابق للعمل الجنسي , والوصول الى مرحلة التناسلية أو العمل الجنسي يخضع الى محادثات واتفاقيات ومفاوضات معظمها متعلق بالناحية المادية , كالمهر والمقدم   والمؤخر , امكانية عقد الاتفاقية على ممارسة حياة جنسية  في اطار زواج مع طرف من العديد من الأطراف , واختيارهذا  الطرف يخضع  الى   قواعد  البازار,  أي للعوامل    المادية    بشكل رئيسي ,عموما لانرى    قبل  ابرام   عقد   النكاح مايكفي   من   التعارف  وبالتالي    التقارب  والتحابب  والتآلف , تبدأ الحياة الجنسية بمجرد تم الاتفاق على النواحي المادية , والاتفاق يتم عادة بين وكيل المرأة  لعقد اتفاقية التناكح ,  أما   الذكر   فيكون   ممثلا    بشخصه.

خضوع عقد اتفاقية    النكاح  للعامل المادي يعني استباحة المادة للقرار من مع من !, هنا يمكن ويجب تعريف هذه العلاقة الجنسية بأنها علاقة اباحية, فمن يدفع أكثر ينال المرأة , انها اباحية لأن العامل الذي يحددد قيامها هو عامل مادي ليس شخصي, وهذا يعني تحويل المرأة الى شيئ مستباح لأحكام العرض والطلب …انها سلعة !.

تشييئ الانسان يعني تبخيسه الى مرتبة الشيئ الذي يشترى ويباع , االتشييئ مفهوم احتقاري عدمي , لو مارسته قطاعات كبيرة من البشرية لزال المخلوق البشري من الوجود , التشييئ مفهوم مخجل ومذل ومستهجن ومرفوض , من هو المتهم في هذه البلاد بتبخيس المرأة الى الشيئ الذي يشترى ويباع كمادة استهلاكية ؟؟؟؟ هل هي علاقة الحب المسبقة للمرحلة التناسلية-الجنسية  أو انها الاتفاقية التي تحدد وتجمع الأطراف الموقعة عليها ؟ .

يخضع معظم أمر التعامل مع موضوع التناسلية  أو    الجنس   بشكل   عام  الى حجم “الأنا” , الوصاية على المرأة حتى الزواج وحتى   بعد    الزواج وابرام عقد النكاح يعرقل وصول  هذه  الأنا الى الحجم الطبيعي الممكن من ناحية الاستقلالية, وبالتالي اتخاذ القرار النابع من ميول ورغبات شخصية ,لذا  فان “أنا” المرأة ضامر في المجتمعات  المؤسسة على نظام المجتمع الأبوي  الذكوري  , ضمور الأنا الانثوي يعني الضعف وانعدام المقاومة , بالتالي تسمح حالة ضمور وضعف الأنا لعقد النكاح أن يبتلع هذه ” الأنا” , ضخامة الأنا تعني العكس من ذلك , ضخامة الأنا لاتسمح بابتلاع هذه الأنا من قبل ماهو خارج الأنا , وبالتالي تتحول الارادة الى عقد زواج , بينما ضعف الأنا يعني عقدا بدون ارادة , فالارادة مسلوبة من قبل منظومة الأبوية الممارسة للوصاية , الصدف هي التي تسمح أحيانا بتطور العقد الى ارادة , عندما تتمكن المرأة بعد العقد من تطوير علاقة العقد الى حب , فمن رحم العقد يولد الحب , وهذه حالات نادرة استثنائية , الأصل أن يولد العقد من رحم الحب , لتكوين جسدا واحدا متجانسا في الحب ومتكاملا , جسدا متناغم الوظائف وموحد الكيان .

قيام الزواج على الحب التالي للتعارف , وبالتالي قيام التناسلية على الحب , يمثل نفيا  قطعيا  للاباحية ,التي تعني تعدد الشركاء جنسيا حيث يمارس الرجل أو المرأة الجنس مع العديد من الأطراف كما كان الحال في العصر الحجري الحيواني , اكبر مصدر للاباحية هو   البيت الزوجي المفروض بدون حب , الرجل المكروه يمارس نوعا من الجنس ,الذي هو في الحقيقة اغتصاب مشرعن بالعقد , زوجة العقد تبحث منطقيا عن املاء ارادي لحياتها الجنسية , وتمارس هذه الحياة الجنسية مع آخر الى جانب حياتها الجنسية القسرية العقدية , هذا هو شكل من أشكال الاباحة الجنسية المألوفة والمعروفة في الأوساط المتأخرة المحافظة, مثلا في أوساط  هذه   المنطقة   .

أمر المرأة المشاع هو أمر الرجل المشاع الذي يبحث عن المرأة مشاعا بغية ممارسة الجنس الحيواني وليس الاجتماعي  البشري  ,  البعد المشاعي للرجل يتطلب تشييد الحصون لحماية المرأة من حيونة الباحث عن الجنس أو بالأصح الباحث عن الفرج , الحماية تتحول   الى شكل من أشكال التملك, المنسجم مع عقلية المجتمع الأبوي الذكوري المؤمم للمرأة, اشكالية المرأة المشاع عمليا هي  اشكالية الرجل المشاع , والمشكلة تكمن في الرجل الذي يستهدفها , وأوضح الأمثلة عن المشاعية هو  السبي في الحروب وتكديس الجواري كأعداد بلغت احيانا العديد من الآلاف , مثلا في كراخانات الخليفة الرشيد ,

المثل الآخر هو الاغتصاب الجماعي للنساء من قبل المجاهدين كما جسدت ذلك امارة أو  دولة خلافة  ابو بكر البغدادي , ففي العديد من الحالات    تم  اغتصاب النساء جماعيا ثم توزيع النساء على رجال الخلافة كتوزيع قطع الحلوى ,المثال   على مشاعية    المرأة  وصفيا كانت   قضية السبية  ليلى   أم   تميم   زوجة  مالك   بن   نويرة  ثم صفية بنت حيي وكثيرات    غيرهن ,  تحولت   صفية  الى واحدة من حريم   ابن   عبد    الله ,وذلك  في    اليوم  الذي   ذبح   به   والدها   ثم    زوجها   وأخاها  وبقية     قومها  ,  المشاع باختصار   كان  خاصة ذكورية بدوية انتقلت   مع   التراث   الى   القرن   الحادي  والعشرين  , ذخرتاريخ   القرون   الأربع   عشر   الأخيرة  بحالات مشابهة وممارسات من قبل  نخبة من  رجالات موعودين    بالجنة  رضي الله عنهم وأرضاهم .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *