
الحجاب بين الدين والسياسة
في الأصل، يُفترض أن يكون الحجاب خيارًا شخصيًا يعكس قناعة دينية، لكن في بعض السياقات يُفرض قسرًا على النساء، إما عبر التشريعات كما في إيران وأفغانستان، أو عبر الضغوط الاجتماعية كما في بعض المجتمعات المسلمة المحافظة. هذه الفرضية تجعل منه أكثر من مجرد لباس، بل أداة للسيطرة على جسد المرأة وتحديد دورها في المجتمع.
عبر التاريخ، استُخدم الحجاب كأداة سياسية في الأنظمة التي تتبنى الإسلام السياسي، إذ يُروج له كرمز “للهوية الإسلامية” في مقابل “الانحلال الغربي”. في بعض الدول، مثل تركيا وإيران، خضع الحجاب لمراحل متباينة، حيث فُرض في فترات وقُمع في أخرى، ما يعكس شدًّا وجذبًا بين القوى الدينية والعلمانية.
القمع خلف الحجاب
تحت ستار “العفة” و”الحشمة”، يُستخدم الحجاب أحيانًا كأداة لقمع المرأة وتحديد شخصيتها وسلوكها، حيث يُفرض عليها أن تكون كائناً “مستورًا” لا يُسمح له بالظهور بحرية في الفضاء العام. في بعض المجتمعات، يُجبرن النساء على الحجاب ليس فقط بسلطة القانون، بل بسلطة العائلة والمجتمع، ما يخلق شخصية مكبوتة، خاضعة، محرومة من الاستقلالية.
هذا القمع لا يقتصر فقط على الدول الإسلامية، بل يمتد أحيانًا إلى المجتمعات المسلمة في الغرب، حيث تُجبر بعض الفتيات على ارتدائه منذ الصغر، مما يقيد نموهن النفسي والاجتماعي.
الحجاب كأداة لأسلمة أوروبا
في أوروبا، يُروج للحجاب في بعض الأوساط الإسلامية كرمز “للهوية المسلمة” في مواجهة الثقافة الأوروبية. بعض الحركات الإسلامية تستغل قوانين الحرية الدينية للدفع بوجود الحجاب في المدارس والمؤسسات، ما يؤدي تدريجيًا إلى تطبيع وجوده في المجال العام.
هناك استراتيجيات واضحة لبعض الجماعات المرتبطة بالإسلام السياسي لجعل الحجاب مقبولًا اجتماعيًا، منها:
1. الترويج له كخيار حر رغم وجود أدلة على إجبار الفتيات عليه.
2. الضغط على الحكومات الأوروبية لسن قوانين تجرم “الإسلاموفوبيا” بحيث يصبح أي انتقاد للحجاب مرفوضًا.
3. التأثير عبر المؤسسات الأكاديمية والإعلامية لطرح الحجاب كجزء طبيعي من التنوع الثقافي، متجاهلين الأبعاد السياسية له.
4. استخدام الحجاب كأداة لتوحيد المسلمين ضد ما يُسمى “التغريب”، مما يعزز الانفصال الثقافي عن المجتمعات المضيفة.
خاتمة
الحجاب ليس مجرد قطعة قماش، بل أصبح في بعض السياقات أداة سياسية واجتماعية تُستخدم لقمع المرأة أو فرض هوية معينة في المجتمعات. في أوروبا، يتم الدفع به ليصبح جزءًا مقبولًا من الثقافة الغربية، وهو ما يثير جدلًا حول حدود الحرية الشخصية والتأثيرات السياسية للإسلام السياسي على المجتمعات الديمقراطية.
المواجهة الحقيقية لهذا الأمر لا تكون بمنع الحجاب، بل بكشف الأجندات التي تستخدمه لأغراض سياسية، والدفاع عن حق النساء في ارتدائه أو خلعه دون ترهيب أو ضغط