طوال نصف القرن الأخير وسوريا تحارب نفسها ,وقبل ذلك ولمدة ١٤ قرنا حارباها واحتلها وانتصر عليها آل قريش ثم آل عثمان ,لايستحق الانتداب الفرنسي الذكر لأنه دام ربع قرن مقارنة مع القرون الأربعة العثمانية ثم القرون العشرة الحجازية , اضافة لهؤلاء كان تيمور لنك واشباهه وغيرهم, كل هؤلاء لم يتركوا أثرا حضاريا على الاطلاق , بالرغم من فترة بقائهم الطويلة جدا خاصة فترة بقاء العثمانيين والحجازيين الذين عربوها وبدونوها ثم عثمنوها وجمدوها وأخرجوها من تاريخها الناصع , الذي تميزت سوريا به قبل الفتوحات الحجازية . يأتي السائح الى هذه البلاد ليرى مايستحق الرؤية فيلتصق بتدمر واوغاريت وماري وبصرى الشام وحصن سليمان والمسارح وقنوات الري والكثير الكثير غيرهم ,معظم مايراه ويدهشه عمره عشرات القرون , على كل حال عمره أكثر من ١٤٠٠ سنة , نعجب جدا من فراغ القرون الأربع عشر الأخيرة من اي انجاز يستحق الرؤية والمشاهدة , فماذا فعل الأعراب وماذا فعل العثمانيون طوال تلك الفترات ؟ لانرى اي أثر لبنيانهم ولا أثر لمسارحهم او قنوات ريهم او جسورهم, ولا نعرف شيئا عن مهنهم وعلمهم واختراعاتهم , بالمقابل نعرف من مؤريخيهم العديد من الابادات الجماعية وتلون مياه الأنهار بالأحمربسبب سيول دماء مذابيحهم, التي يفخر العلماء المشايخ حتى اليوم بها ,خاصة بخالد ابن الوليد , الذي برع في الذبح , قال الشيخ وجدي غنيم مفتخرا ان ابن اوليد تمكن من ذبح ٤٠٠٠٠٠ انسان في بلاد الشام خلال بعض الأشهر!!!.
اتى العربان بالسيف وبالدين الجديد وبالعهدة العمرية , وما هي فائدة الجديد بوجود دين أقدم؟وكلاهما الهي , وهل تقدمت حياة البشر مع الدين الجديد مقارنة مع الجماعات التي عملت بالدين الأقدم , وهل سوريا القريشية او العثمانية كانتا أكثر تقدما ورقيا انسانيا من سوريا الرومانية ؟, وهل تمكن سوري ان يصبح خليفة في مكة او المدينة او سلطانا في الاستانة ؟, بينما تمكن العديد من السوريين من اعتلاء الكرسي القيصري الروماني , لذا يتحث التاريخ عن روما السورية وعن سوريا الرومانية , وبالتحصيل يذكر التاريخ “الشراكة” السورية-الرومانية , وهل كانت هناك شراكة سورية – حجازية أو سورية ـ عثمانية ؟ , فالرومان لم يغيروا دين الناس ولم يغيروا لغتهم ولم يأتوا بالعهدة العمرية , السوريون والرومان بنوا في بلاد الشام كل ما نشاهده من انشاءات عملاقة, وكتبوا بالاشتراك مع حقوقيين سوريين مثل بانيبال قانونا يسمى لحد الآن القانون الروماني , الذي تعمل به حاضرا اوروبا وكل العالم المتقدم , وللعالم المتأخر الجائع ايضا قوانين, لكنها احكام الشريعة أو مشتقة من الشريعة !.
هل يمكن مقارنة السويد مع سوريا أو المانيا مع اليمن او السعودية مع فرنسا او ليبيا مع ايطاليا او مصر مع سويسرا الخ ,على كل حال تعرضت هذه البلاد للتعريب لغة ودينا وتعرضت للعثمنة ايضا قسرا ,والى حضارة القتال والاقتتال , الذي دمر حتى بيوت السيدة زنوبيا في تدمر من أجل السيدة زينب ,ماذا بنى القريشيون وماذا بنى العثمانيون؟,الآن “يفتحون ” حسب تعبيرهم سوريا من جديد تحت رايات وشعارات داعش , ما نعرفه عنهم لايختلف بشدة عن مانعرفه عن أسود العروبية البعثية , أفرحنا سقوط الأسدية العروبية في اصلها وفصلها , انها عروبية بالدرجة الأولى , لأن ممارساتها لم تختلف عن ممارسات صدام العراقي , وصدام العراقي كان عروبيا بالمطلق ولم يكن أسديا بالمطلق .
لم تتوقف محاولات تقزيم عمر سوريا ب١٤٠٠ سنة , وما قبل ذلك وجب الغائه , وعملية الالغاء مستمرة حتى اليوم ,لقد كان للبعث ولداعش المستيقظة حديثا اليد الأطول في تدمير تاريخ سوريا القديم الناصع ,فعلوا بسوريا كما فعلت القاعدة مع تورا بورا , وما لم يدمروه من آثار نفيسة سرقوه وباعوه واشتروا بالمال ادوات قتل وهدم وتخريب وجواري وسبايا وغير ذلك ,الآن تقف بعض المسروقات شامخة في مختلف المتاحف خارج البلاد كشاهد على التوحش ,الذي دمر البلاد بشر وحجرا باتقان مريع .
لقد كانت هناك عدة محاولات عروبية” لبرطلة ” الشعور العام السوري , منها محاولة زرع قلب اصطناعي للعروبة في سوريا , التي حولوها الى قلب العروبة النابض, ولكن لاوجود في سوريا لأي اثر عروبي باستثناء اللغة , التي فرضها البدوي عمر ابن الخطاب والبدوي عبد الملك على مستعمرات المنطقة , وسوريا كانت احدى هذه المستعمرات , وحديثا اتى تغيير آخر بما يخص الاسم الذي أصبح الجمهورية العربية السورية تيمنا باسبانا , التي حولوها الى الأندلس , ولكي تتمكن سوريا من الاحتفاظ بلقب تكريمها عن طريق القلب النابض , كان على جسد هذا القلب النابض أن يدخل في حروب مع اسرائيل , لأن أهمية فلسطين العربية كأهمية دمشق , التي زودت بالقلب النابض , والقلب النابض ينبض من أجل جميع أجزاء الجسد العربي من المحيط الى الخليج , من نتائج زرع قلب العروبة في صدر سوريا كانت خسارة الجولان , هنا يجب أن لاننسى خسارة الكهرباء وخسارة الماء والغذاء والحرية ايضا , كل ذلك كان ضروري من أجل تمويل الجيش “العربي ” السوري الشجاع والعظيم , الذي كانت حصته ٨٠٪ من الميزانية العامة , وبذلك عاش السوريون في العتمة المتقطعة بداية , والعتمة المتقطعة تحولت الآن الى دائمة بسبب العروبة , لقد كان ضروريا من أجل العروبة أن ترتب الأولويات بشكل آخر, فالمعركة أولا وما أخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة ثم كانت لاءات الخرطوم الثلاثة عقب هزيمة الجيش العربي السوري المنكرة عام ٦٧ ,لم يكن الجيش عظيم وشجاع , لأنه لم لم يكن جيش مقاتلين , انما كان جيش مقاولين !!!.
الحديث عن قلب العروبة النابض المغلف بعلم قريش المسمى العلم السوري, وبنشيد قريش المسمى النشيد السوري يطول , لم يكتشف الشعب السوري اللعبة مباشرة , اللعبة اتت من المستعربين اولاد الزنا وأولاد السبايا والجواري وملك اليمين , الذين ارادوا استعمار البلاد كما استعمرها عمر ابن الخطاب , اي استبدال الاستعمار الخارجي باستعمار داخلي , لقد كان لهؤلاء المستعربين قلب اصطناعي عربي في دمشق , وبواسطة هذا القلب حكموا سوريا بالشراكة مع الاخونج لأطول مدة من القرن الماضي , ماذا كانت النتيجة ؟ انظروا الى سوريا وكيف تم تدميرها على يد العائلة في نصف القرن الماضي وانتظروا لتروا كيف سيستمر التدمير يد الاخوان .
