سوريا مقبرة بحجمها ….

مها   بيطار  ,  عثمان  لي :

 

العودة إلى ما قبل الربيع العربي.. سورية نموذجاً    كما هو حال الرقي والتقدم , كذلك حال الانحطاط , كلاهما  لايولد  ويتطور في ساعات أو ايام , وانما يلزمه عشرات السنين , ومن يريد جديا  نفي أو انكار حالة الانحطاط  التي  ارتمت سوريا بها ؟ فسوريا وللأسف أصبحت  حكومة وشعبا  معيارا للانحطاط  ومقياسا له .

  تتواجد   سوريا   في حقبة سوداء  , مظلمة وظالمة , خرجت من التاريخ ومن عملية  الاشتراك في  صنعه   ,استبدلت   الفاعلية بالانفعالية , ولو لم تكن هناك حقبة الخمسينات  ,التي تحولت رماديتها  بفعل المقارنة مع الحقبة الحالية الى بياض ناصع , لما كان بالامكان  القول على أن الانحطاط أمر مكتسب  , ولقلنا  ان الانحطاط  ولادي ,فالانحطاط  حقيقة  مكتسب  , والسوريون  انس كغيرهم ,  ألا أن  التراث   والماضي والقيادة   المزمنة   ليست كغيرها , وبما انه من المنطقي والقانوني  أن تكون القيادة مسؤولة عن   ذلك  , خاصة تلك القيادة التي بيدها مطلق  الحل والربط , لذايمكن القول  على أن السلطة بالشراكة   مع    التراث   العقيم   المتأخر  هم  من أوصل   البلاد  الى  قاع  الانحطاط   , حيث لاقاع اعمق منه ,القاع حيواني  بامتياز !
   الحديث   عن  حاضر   البلاد      هو  حديث   عن   الماضي   بالنيابة ,  فالحاضر    لايختلف   عن   الماضي  ,  ولا   فرق   بين   الرئاسة   والخلافة,   ففي   الماضي   القريب  وبعد  نصف قرن من التربية الاشتراكية وباشراف   قائد  الدولة والمجتمع , وبعد مئات الألوف من مسيرات الوحدة والحرية والاشتراكية,  وبعد ولادة شبيبة الثورة  وشبيبة البعث وشبيبة الأسد والمادة   الثامنة   تفاقمت   الأزمة   المزمنة  , ووقع   كثيرون   في   مطب   الاخونجية  , تبين   ايضا  أن ادعاء العلمانية  من   قبل   السلطة  ليس الا وهم  ونفاق  ,وتبين    أنه   لا   أثر   للاشتراكية   ولا للوحدة  ولا للحرية  , تبين   أن   الحاكم    لص قاتل ومحترف اجراميا  , تبين   أن هناك مخلوق  سوري  يقول , اما أنا أوتحرق  البلاد , عبارة لم يفصح عنها حتى  نيرون , تبين ايضا   أن  البلاد  أصبحت  مستنقعا للفساد , والدولة  فقدت كل  معالم الدولة ,   لاقانون  ولا   أمن  ولا  حريات ولا  مساواة   ,البلد  هو الأسد , الذي تطاول في غروره حتى  على لويس الرابع عشر , الذي ادعى على أنه القانون  وليس الدولة   فقط  ,   هكذا   هي  سوريا الأسد  ملك لأسد سوريا.
لقد اكتشفنا أن   السوريون  لم   يفعلوا   شيئا للوطن طوال نصف قرن من الزمن  ,  وقبل   ذلك    لم   يفعلوا   طوال    اربع   عشر   قرنا ,  الخوف كان   الممارسة    الوحيدة    لهم  ,والآن   انفجر   الناس    , لقد   كان   عليهم   التصدي    للأسدية    قبل    عقود   من   الزمن, وكان   عليهم   التصدي     للفاتحين  القريشيين     وللعثمانيين  قبل   قرون ,تعلم    السوريون    من     الاستعمار   القريشي -العثماني  التلفيق والدجل والكذب   ومارسوا    الخنوع  ,  اضافة   الى   انتقال    اخلاقيات   القريشيين   والعثمانيين الى    المواطنين  ..عنف ..قتل ..سحل ..طائفية ..فساد ..محسوبية وطفولة سياسية ,  تجذرت    القابلية   للاستعمار   في   النفوس  ,  لذا  لم   تكن   هناك  ثورات   او   اعتراضات   تذكر طوال   ١٤٠٠   سنة.
قبل   ١٢   سنة  انفجر    الوضع   على  يد     ثورة   مشوهة    بدون   برنامج    ومنهجية ,  لذا   قضي   عليها   خلال   أشهر على   يد    الاصولية  الدينية   والفصائل   المسلحة  ,انتصرت   هذه   الفصائل للسلطة   المنافسة   لها  , والتي    لاتتميز   عنها    بشيئ ,  لابل   يمكن    القول   ان   السلطة    أفضل   من   الفصائل  بالعديد    من    النقاط  , كلفت     هذه   التجربة الفاشلة   البلاد   وجودها , ومن   ضمن   هذا   الوجود    مقتل   وتشريد   الملاين   وتخريب     البلاد عن  طريق   الهدم  والانقسام والفساد  ,  لم   تنفرد السلطة  في   القضاء   على   البلاد  ,   الجميع   شاركوا في   القضاء   عليها   والجميع  حولوا   البلاد   الى ذكريات .
  منذ  أشهر    هناك  انفجار   جديد    وضروري   ,     هذا   الانفجار   معرض   كانفجار   ٢٠١١    للانطفاء ,وقادر  ايضا  على  النجاح  ,تعود   مخاطر الانطفاء   الى   أمراض    هذا   المجتمع   ,  منها   ثقافة    الطاعة   والانصياع    الدينية     ,  الدين    لايثور   لأن   الثورة     والتمرد   ليسوا   من   خواصه  ,   هناك   بوادر    ارتشاح    الحراك   الجديد   بنشاطات    رجال    الدين وتوجيهاتهم ,  وهذا   يعني    تقديرا      الفشل , اذ   لولا   التراث   الديني وأسلمة    الثورة اواخر عام ٢٠١١  لما    كان   هناك   ذلك   الفشل   بعد   ٢٠١٢  .
  اضافة   الى الطاعة  والانصياع   هناك  عنصر الخوف    المتجذر   في   النفوس    والمترسب    في   اللاشعور , ثم  الفقر   المتزايد   والجوع المتعاظم  والفساد   المستشري والجهل   السياسي  ,النتيجة  كانت  موت   الشعب  السوري   جوعا   ,  بعد   أن  مات   اخلاقيا   ومواطنة ,   الشعب    المدمن   على   الخنوع لايشعر   بالحاجة   الى    استنشاق   هواء   الحرية,  لو   لم   يكن   الانسان   السوري   ناقص   الخواص   الانسانية ,  لما   تقبل   سوى   الديموقراطية  والمساواة ليس    فقط   في  نصف  القرن  الأخير   انما   في  القرون   العديدة قبل   ذلك .
هناك   من  يؤيد  البعث  ومن يؤيد  الأسد ,عندما  يصبح  الفساد في بلد ما  عرف  وعادة وفضيلة ,تصبح معرفة أسباب تأييد هؤلاء للأسد والبعث  سهلة  ,فهؤلاء ينتمون   الى المستفيدين من الفساد , ولا يستفيد من الفساد الا الفاسد , لذا  يمكن تسمية الأسد والبعث ومؤيديهم  “جبهة الفساد والافساد ” ,ليس   من   الغريب   ان   تندثر    البلاد وتسقط   من   الوجود   الانساني    عنما   تديرها   جبهة   الفساد  والافساد ….رحمة  الله   عليك   ياسوريا  !
 
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *