ميرا البيطار , سيريانو :
تنقل الارهاب الفردي خلال العقود السابقة من دولة لأخرى ….عربية أوروبية .. وبذلك تحول العنف والارهاب الى ظاهرة عالمية معممة , للارهاب جذور عميقة , الا أنه ليقظته الحادة الأخيرة علاقة بأزمة المجتمعات العربية وأزمة الشرعية , ثم بثقافة الأصولية والالغائية والتكفيرية , التي ازدهرت في الظروف الحالية بغض النظر عن قدمها وتجذرها.
اين يتم تدجين العنف والارهاب ؟ أن لم يكن في المجتمعات العربية وثقافة هذه المجتمعات المرتشحة بالعنف منذ ١٤٠٠ سنة , والمبتلية بالجهل والانسداد ثم انعدام آفاق التعبير والمشاركة ,العنف والارهاب صناعة محلية وليس مستوردا من الخارج , وهل أمريكا أو أوروبا هي التي أرسلت الارهابيين لدهس الناس في نيس/فرنسا أو ذبح المعلم على قارعة الطريق قي باريس\فرنسا , أو تفجير الكنائس في مصر , ثم التذبيح والتحريق في امارة أمير المؤمنين الداعشية ؟
لاتستورد شعوب تمرست في كار العنف والارهاب من الخارج , فزيت هذه المنطقة من زيتونها , وعنف شعوبها وأفرادها من عنف ثقافتها وتراثها , العنف كان ولا يزال نتيجة للاحباط التاريخي , ولفشل الشعوب في بناء دولا مستقلة متماسكة وقادرة على احتكار العنف (ماكس فيبر) , ونتيجة لعدم مقدرتها في الدفاع عن استقلالها وسيادتها واحباط قيام دولة ضمن دولة , فمعظم الدول العربية تحتضن دولا أخرى في جوفها , وما حزب الله الا دولة ضمن دولة ,ثم الشبيحة دولة ضمن دولة , والجهاد الفردي أو الفئوي هو تعبير عن وجود دولة ضمن دولة ..ناهيكم عن الزينبيين والفاطميين وحرس ايران الثوري وغيرهم.
الارهاب ليس عرضا من أعراض المأزق الناجم عن تعطيل سبل الحلول السياسية , بل هو جزء من منظومة أو تشكيلة منظومة النزاعات المرافقة لحالات التوحش والبدائية والعجز عن حل المشاكل , في غياب الدولة ومنطقها وثقافتها واحتكارها الشرعي للعنف.
دخلت سوريا في مرحلة حادة من العنف , الذي لاصلة له بتاريخ النظام ومشاكله , فالعنف والتعامل بالعنف أقدم من النظام بعشرات القرون , النظام مارس العنف انطلاقا من طبيعته, التي هي طبيعة حكام العصور السابقة وطبيعة معظم السوريين , النظام كان استمرارا للماضي وكأنه خلافة بخليفة على رأسها , يفتقد الى صفة الشرعية والمسؤولية عن البلاد والمواطنين , لأنه لم يكتسب تلك الشرعية ولم يهتم بالمسؤولية في أي مرحلة من مراحل تطفله على المجتمع والدولة في سوريا .
لم يأت العنف والارهاب من الخارج , ولو اقتصرت ممارسة الارهاب على 5% من الارهابيين المحليين , لما كان هناك ارهاب محسوس , ف5% من الارهابين , الذين لايملكون حاضنة شعبية لايصنعون ذلك الجو أو البيئة الارهابية التي تعرفنا عليها , وكان علينا معرفتها من خلال دراسة تاريخ البلاد الأخير أي الخلافة وآخرها السلطنة العثمانية , التي كانت كالخلافة العربية مشبعة بروح الارهاب ,فهل مات سلطان عثماني أو خليفة موتا طبيعيا, وهل كان هناك سلطانا او خليفة لم يمارس القتل ,وكم كانت نسبة الخلفاء او السلاطنة , الذين ذهبوا الى القبور بعد وفاة طبيعية ؟؟؟
بالنتيجة يمكن ويجب القول بأنه لاعلاقة تأسيسية بين النظام وممارسات الارهاب , الا أنه كان شريكا نشيطا في الممارسات الارهابية , التي لاتختلف من حيث المبدأ عن ممارسات داعش وغيرها , الاختلاف الوحيد كان بشكل الترهيب , فالنظام لايرهب مشهديا كما فعلت داعش أمام كاميرات التصوير , النظام اختصاصي في ارهاب المواخير والأقبية , وهذا لايشكل فرقا أساسيا عن داعش.
لايقتصر العنف الارهابي على تقيل البشر بالسكين أو الساطور أو البندقية او القنبلة , انما يشمل الارهاب تجويع الناس , ويشمل سرقة مالهم وحريتهم وكم أفواههم , يشمل أيضا تدجين الناس على ممارسة الأرهاب عن طريق تمجيد العنف وتكريس الاعتداء مثل تمجيد الفتوحات والفاتحين وتحويلهم الى رموز وطنية مثل جامع خالد ابن الوليد وشارع ابن الوليد , هناك جامعة سميت باسم ذلك القاتل مغتصب زوجة مالك بن نويرة بعد بتر رأسه .
جوهر الفتوحات كان ممارسة العنف واستعباد الناس واستغلالهم ونهبهم وخطف بناتهم , الفساد هو ارهاب , دولة بدون قضاء هي دولة ارهابية , دولة بوليسية هي دولة ارهابية ,كانت حياة هذه الشعوب مليئة بالارهاب والدين , أليس من السذاجة أن يسأل البعض من أين أتى الارهاب ,وشعوب المنطقة من أنشط صانعيه وممارسيه !
