سمير صادق :
وفر النظام مع الفصائل الاسلامية افضل ارضية لتورم النزاع وتطوره الى اشكال قضت على البلاد , والى شكل مميت من الطائفية المدمرة المزمنة والمتواجدة منذ العديد من القرون بالتناوب بين شكل كامن وشكل ظاهر ,
استيقظت الطائفية من كمونها النسبي , واطلق عليها زورا اسم صحوة , رعاها القرضاوي وغنيم والحويني والعرعور والحسون المغرد والنابلسي والسباعي وغيرهم , كلهم كانوا شغوفون بالعنف والقتل والجهاد, كلهم قتلوا وأمعنوا في القتل والتهديم , كلهم فشلوا في امتحان الوطنية , ليس هذا فحسب , كلهم برهنوا عن عدائهم لسوريا الدولة-الوطن , حتى خالد ابن الوليد وزميله هولاكو لم يفعلوا بسوريا كما فعلت كتائب الأسد بالشراكة مع الفصائل الاسلامية المقاتلة بها .
لايمكن أن يكون كل ذلك بدون عواقب, ومن هذه العواقب استدعاء الاغر اب , ومنها تقسيم السوريين طائفا ورسم حدود مذهبية بين فئاتهم , قدوم الأغراب الى سوريا في هذه الحالة كان من البديهيات , فكل اقتتال داخلي يقود الى تدخل خارجي , والتاريخ لايعرف استثناء لهذه القاعدة , قاد الاقتتال الداخلي , لسبب ديني وبدون اي موجب موضوعي , الى فضح المقتتلين وتعريتهم , أفلس الاسلاميون وأفلس الأسديون , ولم يعد لهم اي رصيد شعبي طوعي , يفرضون وجودهم بالرصاصة والمدفع وبرطيل الامتيازات لا أكثر ولا أقل.
تأثر مكانة الدين سلبيا , كان من نتائج كارثة الصحوة , الحديث عن الجنة وجهنم والقيم الدينية والايمان والغيب والاعجاز …الخ تحول الى نوع من الثرثرة التهريجية , التي حاول المهرجون اضفاء شيئا من الجدية عليها , وذلك بواسطة تمظهرات التدين الشكلي , الذي مثل النزاع الأخير قبل الموت, لقد تمت البرهنة عن خداع شعار الاسلام هو الحل , ثم خداع الأسدية هي الحل , لابل تمت البرهنة عن أكثر من ذلك , تمت البرهنة على أن أعداء هذا الشعب هم من صلب هذا الشعب , الذي تآمر على نفسه وحارب وجوده وانتهى الأمر به الى اغتيال الدولة , التي مثلت شرعية وقالب هذا الوجود ,
استنزف الحديث عن المؤامرة الخارجية كل مفردات اللغة الخشبية , وتحول الى نعيق نشاذ , لاتفاعل معه ولا انشغال به , انما تجاهله , في الوقت الذي برهن به المحاربون من الجهتين عن كونهم قتلة مجرمين , لم تعد الآذان تسمع اتهام جهة لجهة أخرى بممارسة البربرية , كلهم برابرة بامتياز.
اكل جراد النزاعات الطائفية الأخضر واليابس ,ووقف الشعب امام الموت من أجل عقيدة مارست الترغيب والترهيب عن طريق الجنة وجهنم , عقيدة منحت المقتتلين صك قتل الهي مشروع , فئات الشعب المتحضرة الواعية والرافضة للاقتتال , دفعت ثمن ممارسة هواية العنف من قبل حملة البندقية والمدفع , بالرغم من كل ماقيل عن الجهاد والثورة والشرعية كتبرير لأعمال القتل , تحول شركاء التقتيل الى شركاء في الجريمة .
تكمن سخرية الزمن السوري بكونها منحت النظام الأسدي كينونة وديمومة لا تستقيم مع قواعد المنطق , فكيف يمكن لتظام من هذا النوع أن يعمر نصف قرن من الزمن …؟؟؟؟ سخرية الزمن سمحت بالمقابل لفئات اسلامية اجرامية محاربة بانتحال اسم ثورة , لايعرف التاريخ عملية غش واحتيال كعملية الاسلاميين والاخوان المسلمين , الذين قذروا مفهوم الثورة وعكسوه الى اجرام والى ورائية انحطاطية , التردي لم يكن يوما ما ثورة ,
تتواجد سخرية الزمن على أواخرها , لايغركم صراخ الله أكبر او صراخ لبيك ياحسين ثم اللطم ونزيف الدم أو صراخ معك معك .. الخ كل ذلك معاوضة منتظرة قبل الموت النهائي لأشرار البلاد , لقد ماتوا انتحارا وتآكلا , اقتتلوا وقتلوا بعضهم البعض واستنزفوا دماء بعضهم البعض , بانتحارهم فعلوا حسنا .