سمير صادق :
استعمر العرب شعوبا كغيرهم من المستمرين ,بدون أي شك لاوجود لأي دولة أو مجتمعا الا واعتدى على غيره , الشر كان معمم , الا أن عمومية الشر لاتشرعنه وتحوله الى قاعدة للحياة وللتعامل مع ابناء الحياة , فتعميم الشر لايغيير من استثنائيته .
لقد برع كل مستعمر في تبرير استعماره بشكل ما وطريقة ما , أهداف الاستعمار كانت في معظمها ريعية مادية موجهة لخدمة المصلحة الذاتية , بريطانيا استعمرت الهند , ومن مصلحتها تأمين الطريق الى الهند , لذلك كانت السيطرة على قناة السويس ضرورية,استعمر العثمانيون البلاد العربية بشكل غير مسبوق تاريخيا بما يخص الاستغلال وممارسة الاستعباد والاستغلال والتوحش البربريي , بحجة كونهم خلافة اسلامية مقدسة.
“عربيا” لايمكن الخلط بين مفهوم الفتح ومفهوم الاستعمار , “اجنبيا”لا امكانية للفصل بين المفهومين , اللغات الأجنبية لاتفرق بين مفهوم الفتح ومفهوم الاستعمار , عربيا تشير مفردة ” فتح”في المعجم الوسيط إلى “التغلب عليه وتملكه”, أما المفهوم السياسي للفتوحات فهو “ضم البلاد المفتوحة إلى الدولة الفاتحة ليس اداريا فقط , انما تملكا واعتبار الملك الجديد جزءا من املاك المستعمر … ولاية من ولاياته, ليس بما يخص واجبات الفاتح , انما بما يخص حقوقه أو مصالحه الاستغلالية الاستعبادية بالدرجة الأولى , كل ذلك عرف جذورا قرانية -تراثية , يدعي البعض بأن الفتوحات العربية -الاسلامية لم تستهدف استعمار الأراضي والسكان, وإنما كانت تستهدف نشر الدعوة والجهاد في سبيل الله , الدعوة هي التي تمييز الاستعمار الاسلامي عن غيره , ولكن الغزاة لم يكونوا دعويين , لقد كانوا ذباحين , همهم الأول والأخير كان الغنائم والسبايا والجزية وخطف السبايا ثم ممارسة التحارب , لقد كان استهدافا للارض ولسكان هذه الأرض ,
لا صحة لما قيل ويقال بخصوص عدم استهداف الأرض والسكان اسلاميا , فاعتبار الأرض ولاية والعمل على أسلمة الناس أو دفع الجزية , ثم خلق المجتمع الطبقي هو استهداف للأرض والبشر , استهداف غير انتماء الناس الديني والاجتماعي والحضاري , لم يكن شعار لكم دينكم ولي دين سوى مخاتلة , فمقابل لكم دينكم كانت هناك ضرورة الأسلمة او دفع الجزية عن يد او الحرب …أسلم تسلم , وليس فقط أسلم تسلم , انما تعربن , لأن العروبة اسلام , والاسلام عروبة , وحتى انه على من أسلم من شعوب المناطق المفتوحة ان يتحول الى العروبية ويصبح عربيا , مع أنه لايشعر بأنه ينتمي الى عرب الجزيرة كالكردي والأمازيغي وغيرهم من الذين خضعوا الى برنامج التعريب الحديث , الذي تمت ممارسته بالطرق القديمة المعروفة , حيث كان السيف وسيلته وأداته , ممنوع عليك ايها الكردي ان تتحدث وتغني بلغتك , انما بالعربية لغة القرآن , كل ذلك مثل الفرق الشاسع بين الاحتلال والفتح , لذلك منعت عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى استخدام مفهوم الفتح , لأن الفتح من أقذر اشكال الاستعمار , انه ليس استيطاني فقط , انما تملكي , وبالرغم من ذلك لايزال هناك من يفخر به ويعتبره أمرا مقدسا أمر الله به, يكذبون باسم الله , الذي يدعون عبادته واجلاله.
الهدف من بحث هذه الاشكالية هو التشديد على ضرورة التصالح مع التاريخ , والتصالح مع التاريخ لايتم الا بالمصارحة والاعتراف بالخطأ , لقد تصالح الشعب الألماني مع التاريخ , بعد أن أجرم يقيادة القيصر وبقيادة الفورر وأشعل نار حروب عالمية , اعتذر الألمان وتمت تسوية وضعهم عالميا , وأسسوا لدولة جديدة , تمكنت من تصدر العالم علميا وحضاريا وانسانيا , أما العروبيون الاسلاميون فلا يزال معظمهم او البعض منهم يعتبر فتح سوريا كان لتحريرها عن طريق استعبادها وتملكها واذلال شعبها , لايزال البعض يعتبر طرد العرب من اسبانيا عملا شريرا , فاسبانيا عربية وعليها العودة الى الاسلام , ليس فقط اسبانيا وانما الهند أيضا , حيث خرب ذلك “الوغد” غاندي طبيخ الدولة الاسلامية , التي كان لها أن تتأسس في الهند , كاستمرار لحكم المغول المسلمين , لقد تحولت مشاريع العديد من الدول الى الفشل بسبب العروبية الاسلامية , ومن هذه الدول سوريا والعراق وغيرهم
الاعتذار ضروري , ولكن الصغار يستصعبونه , الاعتذار من شيم الكبار ,والكبار وحدهم يملكون الرصيد المعاوض , يملكون من الحسنات مايغطي السيئات , وأين هي حسنات العروبيين الاسلاميين , التي يمكنها أن تعاوض عن أخطائهم , لم يعتذروا , بل بالعكس يبشر بعضهم بعودة الفتح , ويساعد تركيا على فتح شمال سوريا , كخطوة تقربهم من الخلافة , تبشير بمنتهى الاجرام والجلافة.
الأمر أصبح جلي واضح , لامكان في سوريا سوى للسوريين انتماء وهدفا ومصيرا , ولا وجود لدولة أخرى داخل الدولة السورية , لاوجود للدولة الاسلامية ولا وجود للخلافة كما أنه لاوجود للدولة العربية , ومن يحاول خلق ذلك داخل سوريا انما هو جزء من الطابور الخامس , الذي سوف لن يسمح له بممارسة تخريب سوريا بشكلها الجديد المرتقب .
Post Views: 172