الوحش السوري والدبكة على الجثث…
ميرا البيطار :
ذكرتني حرارة هذه الأيام , بحرارة يوم من أيام تموز عام 2013 ,ذكرتني بالوحش السوري وجرائمه, بالتراث وتوحشه , بالقدوات المنحطة والساطور والغاز والسارين في بلاد مروعة ….
من بين قتلى الحرب العالمية الأولى كان هناك مليون قتيل تسمما بالغازات , ولما كان الغاز لايميز بين العدو والصديق , لذا صدر عام 1925 مايسمى بروتوكول جينيف الذي يحرم استخدام الغازات في الحروب , سوريا لم توقع على هذه البروتوكولات , الا أن عدم التوقيع لايعني عدم العقوبة في حال استخدام هذه الأسلحة الكيماوية (الغاز).
لايوجد من يشكك في واقعة التسمم بالغاز في الغوطة عام 2013 ,ولايوجد من يشك بعدد الضحايا ,الذي يقدر بحوالي ١٤٢٢ قتيل ,منهم حوالي٥٠٠ طفل , الا أن النظام السوري نفى مسؤوليته عن الفاجعة , والمعارضة كذلك ,وكل منهم اتهم الآخر بالفعلة الشنيعة, التي كانت مفرحة للبعض , الأفراح عمت في حي المزة ٨٦ والورور وغيرهم , حيث وزعت الحلويات وتشكلت حلقات الدبكة على أنغام علي الديك , ضجت السماء بالعيارات النارية , وحتى المدفعية شاركت في الابتهاج , ولما سألنا عن سبب هذه الأفراح ,قيل لنا ..النصر . النصر … انتصرنا في الغوطة الشرقية , بعد الاستفسار عن موضوع النصر تبين التالي , آلاف الجثث دون جروح أو رضوض, ذبح بدون دم .. ! انه الغاز اللعين الذي تسمم به آلاف البشر من أطفال ورجال ونساء وشيوخ ودواجن وابقار ومواشي وقطط وكلاب وذباب , وكل من استنشقه , ثم سألنا عن فاعل الكارثة الممنوعة دوليا , في البدء قيل لاتوجد كارثة ولايوجد تسمم أو غازات , بعد أيام أكدت الجهة الحكومية وجود الكارثة , مباشرة طلبت لجنة التحقيق الدولية التوجه الى مكان الكارثة للتحقيق ..ممنوع التوجه الى مكان الكارثة وممنوع التواجد في مكان الكارثة !!, بعد خمسة أيام قيل مسموح , وفي هذه الأثناء زالت معظم آثار الكيماويات والقتلى دفنوا , ادعت اللجنة الدولية بأن تأجيل التحقيق بموضوع الغازات لمدة خمسة أيام لم يكن له من هدف سوى التمويه .
انفلت الوحش السوري , وحش أحفاد ابن الوليد في العديد من الحالات والمناسبات , وبعد كل انفلاتة انتشرت صور الموت بدون دم أو رضوض أو كسور , او برضوض ودماء ورؤوس مبتورة , التوحش بقي على عهد ابن الوليد … الكيماوي مجددا , والساطور مجددا , وحرق الأحياء في الاقفاص مجددا , وبيع النساء مجددا , وبتجدد الموت النظيف والموت القذر ,تجددت مواويل الديك والقاشوش والساروت وغيرهم , وكأننا نطوف بالرؤوس المبتورة والمرفوعة على الرماح في كربلاء وغير كربلاء , التبس عليهم أمر الموت مع الحياة , قيل يجب تموت في سبيل الله لكي تحيا مع الله والفاتنات , ولماذا لايرقص عندئذ الوحش في أعراس الموت ؟؟ وهل هناك من أعراس في هذه المنطقة سوى أعراس الموت , واعراس التثكل والترمل ,اعراس النزوح واللجوء والهروب , أعراس تحول القاتل المقتول الى شهيد بامتيازات مغرية في جنان الله , انه التوحش , الذي لم يفارقنا , ولن يفارقنا بسهولة,
المجرم معروف جدا ,انه الوحش السوري , الذي يطلق الرصاص ويميت البشر جوعا ومرضا , انه البلد الوحيد , الذي يموت الانسان به عندما يتنفس , الوحش السوري يبتر الرؤوس ويحرق الأحياء ويبيع النساء , وكل ذلك برسم بناء دولة , وبرسم الحرية !, هل يحتاج بناء دولة للرصاص والغاز والساطور ؟؟ , وهل الوطن وحياة المواطنة بحاجة الى الفتك بالأحياء من قبل الوحوش الكاسرة ؟؟؟؟ , وكيف ولد التوحش ؟ وما هي علاقة التوحش بالتراث , الذي يصر البعض على ضرورة استمراره وضرورة ابقائه حيا…ايقاظه ؟؟؟ ,
سوريا مدفونة تحت شبح التوحش , وهل يمكن القول بوجود قضية سورية تستحق كل مانراه على أرض هذه البلاد من انحطاط وحيونة وتوحش ؟,
Post Views: 176