المؤامرة والمؤمنين ..

سمير  صادق  :

    المؤامرة حاقدة وتهدف الى  تشويه الاسلام  والى اجهاض مشروع  النهضة العربية    واقامة  الدولة الاسلامية , المتآمرون هم نفسهم , انهم  من  تآمر على الخلافة العثمانية وقضى عليها  وأتى بالسكير العربيد  العميل   أتاتورك , وهم نفسهم من   أتى بداعش والفساد  لالحاق الضرر بنا  ولنهب ثوراتنا  وافقارنا…هذه   نماذج  عن  ماتدعيه ثقافة  المؤامرة,  التي غابت  بعض السنين عن   الوجود الثقافي والسياسي  العربي  , ثم عادت  بعزيمة   أقوى , في الوقت الذي ازداد به  الفشل   العربي  ,  ازدادت وتيرة   تصور وتخيل  المؤامرة ,  وكأن هناك علاقة طردية بين حجم المؤامرة وحجم الفشل. 

بالرغم من  أن   البشرية تعرف المؤامرات  , الا  أن   الابداع    الشرقي   العربي    تخصص في انتاج تصورات  بمنتهى الخيالية  حول  مسؤولية  المؤامرة   عن الفشل  ,التصورات  أبدعت  أيضا  في انتاج التبريرات  اللازمة   لتقبل  الفشل , وفي  الترويج  اللاشعوري   للاستكانة  والاستسلام  له  …   مهزومون   لأننا  لانقتدر على مجابهة المؤامرة التي يقف ورائها  كل قوي  في العالم ..لاحول لنا ولا  قوة ..أعذرونا  وتفهمونا  واسمحوا لنا بالاستمرار   بممارسة   المظلومية    ثم  التسول   والتطفل  والاسترزاق  ..
 
ولكن من  أين   أتى كل هذا الخيال  في تصوير  مقدرة المؤامرة  ,هل سقط ذلك على العرب من السماء ؟ , أو أنه من انتاج الخيال ,  وذو علاقة  بالتراث   والتجارب  والقيم  والدين  والغيبية ؟لاسقوط من السماء, انما صناعة على  الأرض , وعلى الأرض  ازدهرت مفاهيم   ولدت   في  ظل العادة والعرف  والتقليد والدين ,   فالغيبية  تحتاج  الى فضاء  وجدته   عند   هذه   الشعوب  ,  وفي ظل  الغيبية   ازدهرت  الحجج النقلية, التي  ساعدت  تخيلات     وتصورات المؤامرة  على الظهور , النقل   حذف الحاجة للعقل , وحياة بدون عقل   فاشلة  , لذلك   فشلوا   بسبب تعطيل  الانتماء الى الحاضر وازدهار  الانتماء الى الماضي .
 النقل  ليس  الا  وسيلة لاسقاط  الماضي على الحاضر,  لذا  فان  فشل  حاضر  ومستقبل من ينتمي الى الماضي حتمي ,نقل ذلك الكم   الهائل  والتراكمي من الاشكاليات  الى  الحاضر ,  والانشغال  العقيم باشكاليات كان لها  أن تموت ,  استنزف  مقدرات الحاضر  وعرقل  اعطاء  اشكاليات الحاضر  مايلزم لحلها من  اهتمام   , ماضوية  تحتكر مقدرات الانسان  واهتمامامته  بشكل  مطلق   أو شبه مطلق , هي ماضوية قاتلة  للحاضر .
الملاذ  كان   التبرير  الوهمي   ,لذا   تم  اللجوء   الى تجنيد التصور والخيال  , في  اكتشاف  العلة وتبريرها ,الخيال   خصب  ومن منتجاته  تصورات عن القوى  الشريرة  الخارقة التي  تتآمر  وتخطط من الخارج   …امبريالية  ..صهيونية .. مخابرات ..  مسيحية  متهودة … ..جماعات سرية وماسونية تريد القضاء على الاسلام  ,ففي  المناخ والجو الغبيبي   يصبح  تسويق الفرضيات   أسهل من تسويق النظريات  , وذلك  لابتعاد  الفرضية  عن الواقع الموضوعي واقترابها من  المناخ الغيبي  بعكس النظرية التي  تبتغد عن الغيب وتقترب من الموضوعية  , تصورات تبريرية للفشل  وتبرأة من المسؤولية  , تبريرات تستخدم  مظلومية  الانسان المحطم  ثم الوهم والخرافة  والتكاذب ,  انها   اشكالية خلل  فكري  سياسي اجتماعي  تاريخي في  التفاعل  والتعامل مع  الواقع  ,كل ذلك   كان   مقدمة  لكارثة  نراها    اليوم   بالعين   المجردة .
 لقد وعد الله الأمة بالنصر  لأن هذه الأمة  هي “خيرأمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون …ان تنصروا الله ينصركم ويثبت  أقدامكم”, خير  أمة   التي    ستنتصر  , انكسرت   ووقعت  في مطب  الانحطاط والتأخر  والهزيمة والفقر , فكيف  ينصر  الله  خير  أمة ,   ثم   يسمح   للغير   باحتلال    ارض   هذه   الأمة , ويسمح   للغرب    أن   يذلها   ويطعنها   في   كبريائها ,  عن   طريق   ايواء   مشرديها   وتقديم   الماء  والغذاء  والدواء   لهم , فكيف  يمكن للمؤمن  تحليل وفهم  هذا الواقع المتصدع ؟؟؟ هنا لابد من انفلات  الخيال , الذي عليه  اختراع  التبرير المؤامراتي,  الذي  يعيد تأهيل الذات,   واعادة   الاعتبار   الشكلي   لها,  لقد  وصلتم   الى   التسول  والتطفل  والاجرام  والانتحار   والاندثار  ,  ماذا  بعد  ؟ والى   أين  ؟

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *