نبيهة حنا :
تعقيب على قراءة الصديق أحمد العربي لرواية ،في مقامات ست الشام ،
ييفخر البعض في سوريا بأمن أيام زمان , ويقولون انه لم يكن هناك لصوص وحرامية وكان الانسان يستطيع النوم مرتاح البال , وعند سماع هذه الطروحات ينتاب البعض ايضا بعض العجب , الطروحات ليست صحيحة جملة وتفصيلا ,وأيام زمان لم تكن آمنة على الاطلاق , وهذه المفارقة تثير الشك بأن هناك جهة معينة تقوم بادخال هذه الخرافات في رؤوس البشر بقصد تبييض وجهها الأسود . هذه الجهات تبشر فقط بأمن “رمزي” ينعم به البعض فقط , والأمن لم يكن ظاهرة اجتماعية عامة , وانما استثناء ينعم به الجلاد الذي ينشر الخوف والرعب في البلاد التي تحولت الى “جمهورية الخوف ” ., وكيف للمواطن ان يكون آمنا في جمهورية توصف بحق على أنها جمهورية الخوف .
كل جوانب الحياة في الديكتاتوريات تتقلص وتضمر باتجاه الأشخاص ونهاية بالشخص أو بالعائلة , فمصلحة المجتمع تتقزم لتتحول الى مصلحة الديكتاتور , ومال المجتمع يصبح في جيب الديكتاااتور ,وأمن المجتمع يتحول الى أمن الديكتاتور , الذي يقبض على مفاصل الحياة , ان كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو غير ذلك , فالديكتاتورية لاتعرف الأمن علميا وانما ديكتاتوريا , الأمن هو الاستبداد لدرجة أن العبد لايملك الجرأة للقول على أنه لايشعر بالأمان , والكواكبي قدم وصفا ممتازا لاينسى للاستبداد بقوله ” الاستبداد هو صفة الحكومة المطلقة العنان فعلاً أو حكماً، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين».
كما قلت في الأسطر السابقة على أن الديكتاتورية لها نعريفها الخاص للأمان , تعريف غير علمي , فالأمان علميا هو أولا ضمان حياة شريفة للمجتمع وأفراده , ولا يمكن تحقيق ذلك الا من خلال العدالة الاجتماعية, ومن خلال ديموقراطية تمكن المجتمع من تقرير مصيره وشكل حياته بنفسه , وهذا يتطلب ضمان للحريات ..حرية الرأي والتعبير والانتخاب , الأمان يعني وجود عقد احتماعي تعاوني ووجود حد ادنى من الضمانات الاجتماعية التي تتضمن ايضا الماديات , وكيف يستطيع الانسان السوري أن يشعر بالأمان عندما لايعرف ان كان يستطيع هذا اليوم أن يأكل , يجوع من لايملك المال لشراء طعامه , ومن لايملك ويجوع يسرق ويجب ان يسرق , وتجنب السرقة لايتم بتوظيف عشرات الألوف من رجال الأمن ..أمن سياسي ..أمن عسكري ..أمن دولة ..مخابرات جوية وعسكرية وأمن دولة ..الخ , مئات الألوف يعملون في هذه المجالات , ومئات الألوف منهم تحولوا الى لصوص بترخيص من السلطة , لايسرقون المال فقط وانما كل شيئ , يسرق الحرية ويسرق الكرامة والصبية الحلوة والسيارة , واضافة الى هؤلاء يوجد قطيع من ملايين اعضاء حزب البعث العاملين في قطاع الاستخبارات وخاصة في قطاع الفساد , يسرقون الوظيفة , اذ لايوجد مدير مدرسة ابتدائية الا البعثي ولا يوجد رئيس قسم فس معمل أو في الجامعة الا البعثي ولا قاائد شرطة الا البعثي , اين الحماية من اللصوص ,وقد اعطت سلطة الاستبداد ترخيصا للكثير من زبانيتها لممارسة مهنة اللصوصية . هل هناك أي مانع يمنع المخابرات من نشل انسان من فراشه وجره الى السجن وتعذيبه , وهل هناك أي صعوبة في ابقاء هذا المواطن سنين في السجن دون محاكمة ؟؟؟ .
الانسان السوري مستباح ماديا ومعنويا وأخلاقيا , وحتى قانونيا مستباح , فالمادة الثامنة كانت استباحة , والتوريث استباحة , والمادة 49 استباحة , والمادة 298 استباحة , ومواد الدستور التي تفرض على المواطن الالتزام بمادئ ثورة الثامن من آذار استباحة للحرية الشخصية وتسلط مدستر اضافة الى كونه عنصرية مدسترة, ثم ان تعفن مفاصل الدولة هو استباحة لأمن المواطن , ومن مظاهر تعفن مفاصل الدولة مظهر خصخصة الجيش الذي تحول الى مرتزقة شخصية , كتائب الأسد التي تلقي النار والقنابل على المواطن الذي يمولها ويشتري لها القنابل لكي تحرس الحدود وتسترد الأرض السليبة , الكتائب استباحت حياة المواطن وماله ووطنه , وتحويل سوريا الى مزرعة للأسد ..سوريا الأسد هو قمة الاستباحة للحجر والبشر السوري بشكل كامل ,هو سرقة كاملة وشاملة للوطن بأرضه ودوابه وبشره وأشجاره وجباله ووديانه , ثم يأتي مهبول ليحدثنا عن الأمان الأسدي في سوريا الأسد!!!
نبيهة حنا :syriano.net
رابط المقال :https://syriano.net/2020/03