مآسي عثمانية, ومآسي أسدية …

سمير  صادق :
        ومن منا لم يسمع بعبارة “سفر برلك” التي كان لممارستها من حيث النتيجة قبل حوالي مئةعام ما لايمكن تصوره من كوارث , افراغ المجتمع من العنصر الشبابي قسرا , ارسال الناس الى الموت الحتمي ..فمن ذهب لم يعود ويقال على أنه قد تم استخدامه كبارود للمدافع , ترافق سفر برلك في سوريا بالمجاعة والافقار والموت , وفلسفة تطاول العثمانيين على حياة الناس تتلخص يتلفيقة الدفاع عن الوطن والبلاد , أي انه من واجب السوري االذي سحقه الاستعمار الخارجي العثماني طوال قرون أن يضحي بحياته من أجل آل عثمان , الأتراك قبضوا على كل شاب وأرسلوه الى مجازر الحرب قسرا , مات ولم يعد , وكثير من الأرامل واليتامى سألوا آنذاك , بأي حق تم ذلك ؟
مئة عام بعد سفر برلك اشتكى بشار الأسد من نقص في العنصر البشري الضروري للحرب والموت , لقد مات مئات الألوف من السوريين منذ عام ٢٠١١ وهجر البلاد نصف سكانها , والنصف الآخر يجوع , الحرب خربت وهدمت أكثر من ثلثي البنية التحتية السورية , وما يلزم لاعادة البناء وازالة الأنقاض يقدر مابين ٣٠٠ مليار دولار و٧٠٠ مليار دولار , والحال بالنسبة للجوع والفقر والموت شبيهة بالحال عام ١٩١٥ , ولا يقتصر التشابه بين مأساة ١٩١٥ ومهزلة ٢٠١٥ على العنصر المادي , العنصر البشري وتدميره كان النتيجة للمأساة العثمانية وللمهزلة الأسدية , وقف أزلام الأسد على الطرقات ومفارقها يفتشون المارة ووسائل النقل بحثا عن البارود البشري . يساق الى الحرب السورية من عمره فوق ال ١٨ عام قسرا ومن يتم ارساله الى الحرب حتى بدون مايكفي من التدريب لا يعود , وان عاد ففي الصندوق حصرا , ليصار بعد ذلك الى ممارسة زعرنة اطلاق العيارات النارية ابتهاجا بانتقاله حيا يرزق الى جوار ربه ..ترملت المرأة وتيتم الأطفال , هنا يسأل البعض , هل من حق الوطن , على أفتراض ان سوريا الأسد وطن مع انها حقيقة ليست وطن وليست دولة , أن يرغم الناس على الموت في سبيل بشار الأسد , وهل يموت الأسد من أجل أحد ؟؟
ذوي الحظ الجيد تمكنوا من الهروب ,ومن الميسورين من تمكن من دفع البرطيل الضروري للتأجيل لمدة ثلاثة أشهر , والذي بلغ مؤخرا حوالي ٣٠٠٠٠٠ليرة لكل تأجيلة, يقبضها رئيس شعبة التجنيد!!!
التاريخ يعيد نفسه ومهزلة عام ٢٠١٥ هي اعادة لمأساة ١٩١٥ مع فرق جوهري , من ذهب قسرا الى سفر برك مات بحرب ليست في بلدته وليست على أرض وطنه , ولم يقتل المخطوف من قبل العثمانيين قريبا أو جارا له أو سوريا بشكل عام , اما المخطوف من فبل الأسد فيحارب على أرض وطنه ويخرب بلاده ويقتل جاره , والأرجح ان يترافق موت كل مخطوف من قبل الأسد بموت العديد من السوريين…   مهازل  ومآسي   كل  مئة  عام !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *