سمير صادق :
ماهي علاقة المواطن بالوطن ؟, أكثر العلاقة مادي ,وأقلها معنوي , فالصيغة العملية لهذه العلاقة هي صيغة الأخذ والعطاء , ,معظم العلاقة ذات محور شاقولي , اي انه تاريخي وتقييمه يتطلب دراسة الماضي والحاضر والمستقبل , جزء منها ذو محور أفقي , أي أنه يعتني بتقييم آني للعلاقة , كل محور مكون من عدة مكونات تختلف عن بعضها البعض كما وكيفيا,ولكي تثمر العلاقة بين الوطن والمواطن , يجب أن يكون معظم هذه العلاقة قابل للتعريف والتقييم المادي والقياس , يمكن لجزء من العلاقة ان يكون معنوي , عندها يكون تقييمه شخصي بحت ,ولايمكن للعلاقة المعنوية وحدها أن تسير علاقة الوطن بالمواطن بشكل منتج , لابد من الشطر الثاني المادي , عندها يتم التكامل بين المادي والمعنوي , والذي يختلف وجوده كنسب من شعب لآخر ومن وقت لآخر,
العلاقة الايجابية بين المواطن والوطن تسمى “المواطنة” , وهذه العلاقة تبلغ أعظم سموها عندما تتحول الى مايشبه دين مدني للدولة , وكلمة “دين” لاتعني الا اعطاء الوطن صبغة قدسية ,,المدنية تعني ابعاد كل وظيفة في الدولة عن القدسية وذلك بعكس تقديس الوطن , الأحزاب الموظفين الرؤساء ..الخ ,تقديس الوطن يزداد بتناقص تقديس الأفراد ووظائفهم , فالجندي قد يموت من أجل الوطن , الا أنه لايجوز للجندي أن يموت من أجل الشخص , شخصنة الوطن هو أمر قاتل له , وهو الذي يحول الوطن , في أحسن الحلات الى “موطن ” , أي الى مكان للاقامة ..الى فندق أو مايشبه ذلك .
في ظل الديكتاتورية , ينحدر الوطن الى موطن , وعند ازمان الديكتاتورية , التي تلغي العلاقة بين الوطن والمواطن بشطريها المعنوي والمادي الموضوعي , ينزلق الوطن الى شكل ماقبل الدولة , اي الى شكل قبلي عائلي , ويصبح مزرعة خاصة , ..تنحل الدولة عندئذ ويتعثر العقد الاجتماعي , الذي حول الجماعات التي عاشت الى جانب بعضها البعض , الى مجتمع تعيش فيه هذه الجهات في اطار تكافلي تضامني مع بعضها البعض ….هذه هي نهاية الدولة , وبداية منظومة القبيلة أو العشيرة !
كما أن الدولة لاترتكز على رجل واحدة , فانها بالتالي لاتزتكز على شخص واحد , وبعض المقولات مثل مقولة مؤسس الدولة , خالية من البرهان , قد يكون لشخص دورا أكبر من دور شخص آخر , الا أن الدولة التعاضضدية ليست دولة “الشخص” وانما دولة الجماعة التي هي المجتمع .
كل اختلاطات وعثرات بناء الدولة التعاضضية التكافلية التضامنية , نجدها في سوريا , وفي سوريا نجد أيضا اختذالا مريعا للدولة وتضخما مريبا للشخص , لقد كان لتطور الأمور أن يأخذ في سوريا اتجاها معاكسا , لقد كان على الدولة أن تبتلع النظام وعلى النظام ابتلاع السلطة , وعلى السلطة ابتلاع الحزب أو الأحزاب , وعلى الحزب ابتلاع الطائفة وعلى الطائفة ابتلاع القبيلة وعلى القبيلة ابتلاع العائلة , وعلى العائلة ابتلاع الشخص , وما حدث هو ان ابتلع الشخص كل شيئ حتى الدولة التي تقزمت وأصبحت ملحقا للشخص , الجمهورية السورية تحولت الى سوريا الأسد ..اسم على مسمى !
لكي تنهض سوريا من ترديها يجب توجيه حركة الابتلاع التي وصفتها في السطور السابقة باتجاه معاكس , بحيث نصل الى الدولة القوية , التي تضع تحت مظلتها كل ماذكر من مكونات …من الشخص الى النظام , الا نه من الصعب لمن ابتلع كل شيئ أن يتقيئ كل ما ابتلعه , فهناك ضوابط للتقيئ , قد يتقيئ بعض الأشياء , ليعود الى ابتلاعها مرة أخرى , وذلك لأن وجوده مرتبط بعملية الابتلاع ونجاحها , وهل يوجد من يتخلى طوعا عن وجوده ؟؟ هل يوجد من يقضي على نفسه طوعا ؟؟ لذا على الشعب مساعدته على تغيير ذاته ,واذا رفض فعلى الشعب اجباره , والاجبار يتم بفعل القلم أو فعل السيف …عصرنا هو عصر القلم بالدرجة الأولى وليس عصر السيف !