ارهاب الضعيف وحرب القوي ..!
نيسرين عبود :
اختزال العنف على تقطيع الجثث هو أمر بائس , لأن مايقصد بالعنف هو ارهاب الآخر , وارهاب الآخر يتم بالعديد من الطرق , ونوعية الطرق تخضع بشكل عام للعديد من الآليات منها آلية بيتر أوستينوف القائلة , ان الارهاب هو حرب الضعيف , والحرب هي ارهاب الغني , من يملك جيشا يحارب ليرهب , ومن لايملك جيشا يرهب ليحارب !!!!فرضية أوستينوف تغطي حيزا من طيف الارهاب الواسع, الا أنها لاتفسر القسم الأعظم من الممارسات الارهابية التي نكتوي بها في هذا العصر.
هناك أنواع متيزة من الأرهاب , مثلا ارهاب الدول وارهاب الأفراد, ارهاب قومي وارهاب ايديولوجي وسياسي أو اعلامي , ما نحن بصدده في هذه الأيام هو الارهاب الديني , الذي يريد القضاء على المنافسين بمنطق القوة المقدسة , فهل تنطبق نظرية بيتر أوستينوف على الارهاب السيرلانكي ؟
لاتنطبق نظرة أو ستينوف على الارهاب الديني , حيث المحرك الأساسي ليس الضعف أو التحرر من قبضة الاستعباد , وانما القضاء على المنافس المؤسس على اعتبارات فقهية أو دينية بخصوص التعامل مع من يعتبرهم الدين أو الفقه الديني كفرة وملحدين , مجرد وجود من يعتبرون كفرة هو طعن بالدين , لايتطلب ارهاب الآخرين قيام هؤلاء بأعمال عدائية ضد المؤمنين , لانعرف في سيرلانكا ولا في مراكش ولا في العراق أو مصر اضطهاد المسلمين المؤمنين من قبل أتباع بقية الأديان , لذلك فان الحرب على الأقباط في مصر أو الكلدان في العراق أو على السائحات في مراكش … وغيرهم , غير مؤسس على ضعف الارهابي , وانما على قوته لأنه ينتمي الى الأغلبية الحاكمة والمسيطرة , وليس الى أقلية مقهورة ومسحوقة من قبل الآخرين .
المهم في هذه الحالات وما يشبهها بالدرجة الأولى هو العلاج , الذي يتضمن العديد من الطرق والمبادئ , منها عدم تبرير الجريمة مهما كان منفذها وأيا كان شكلها , الارهاب مرفوض كليا ولا مبرر له على الاطلاق , العلاج يتضمن القضاء على مسوغات العنف كوسيلة تداولية مهما كانت الظروف , لايمكن استرجاع الحقوق المهضومة بوسيلة تتضمن هضم حقوق الآخر البريئ , فالارهاب موجه مبدئيا ضد أشخاص لاعلاقة لهم بموضوع سلب الحقوق, العلاج يتضمن التصدي لوسائل الاعلام التي تدعو الى ممارسة الارهاب ….فكيف يمكن لشخص كالشيخ الحويني أن يدعو جهارا نهارا للغزو في القرن الحادي والعشرين ؟؟؟وكيف يمكن للبعض تمجيد أعمال الاعتداء على الآخرين بالقوة والسيف واعتبار فتوحات الغنائم خيرا وبرا , انها دعوة لممارسة الارهاب ضد الغير , وحتى تبرير الغزوات بنشر الاسلام هو دعوة لممارسة الارهاب الديني , نشر الدين لايتم بالسيف , فالسيف أداة ارهاب بشكل مطلق.
لايمكن لمقاومة الارهاب أن تنجح بدون تحديث النصوص الدينية من خلال الغاء كل نص يدعوا للقتل والاقتتال المؤديان حتما لالحاق الضرر بالآخرين , في الكتب مئات النصوص المشجعة على أرهاب الآخر , ولابد لكل ذلك الا أن يتم في جو ثقافي أخلاقي يكرس الأخلاق الحميدة ومبادئ المساواة واحترام حقوق الآخر في الحياة والابتعاد عن التكفير وعن مفهوم خير أمة ومفهوم الولاء والبراء , وكل مفهوم يصنف نوعا من البشر في مصنف أرفع أو أدنى من المصنف الذي توضع به البشرية بشكل عام
Post Views: 306