نشر أحد الأصدقاء خبرا مفاده اكتشاف 50 رأس مقطوع من الايزيديات , والفاعل كانت داعش!, هنا انبرى البعض لهذه الخبر وبدأ بطرح الأسئلة عن التوثيق ومن لايوثق هذه الواقعة بالدليل هو من المتجنين الحاقدين على الاسلام .
لافرق ان كانت هذه القصة واقعية أو تخيلية أو افتراضية , جوهر الموضوع هو السؤال , هل من الممكن أن تقوم داعش بفعلة من هذا النوع ؟؟؟؟ الجواب نعم وألف نعم, تستطيع داعش القيام بذبح الأيزيديات خاصة من خلفيتها العقائدية التي يتبناها اسلام داعش !
بعد السؤال عن التوثيق أتت وصلة البت في أصل داعش وكيف نشأت وكيف صنعت , انها صنيعة المخابرات , الا أن داعش متجذرة فكريا في نفوس الناس منذ 1400 سنة , ولا لزوم لأن يكون اسمها داعش , فما فعله خالد ابن الوليد وعقبة بن نافع وصلاح الدين الأيوبي والخلفاء الراشدين وغير الراشدين وغيرهم ليس الا نسخة عن أفعال داعش , أو الأصح القول ان داعش نسخة عنهم , يمثل الفكر الاسلامي الخلفية الفكرية لحوالي 65 منظمة من حجم داعش ناهيكم عن المنظمات الأصغر ….هل كلهم من صنع المخابرات ؟؟
للاصرار على تبرئة الاسلام من داعش خلفياته اللاشعورية ,تتضمن أول خلفية في جوهرها تقبل داعش , ثم طمأنة القوم المناهض لداعش بأن داعش باقية , لأن وجود داعش مرتبط بوجود المخابرات , ووجود المخابرات مرتبط بوجود أمريكا , ومن يريد القضاء على داعش عليه القضاء على المخابرات , لذلك على من يرفض داعش احتلال أمريكا , لذا هيا لاحتلال أمريكا وغير أمريكا من الدول التي ساهمت مخابراتها في ولادة داعش !!!.
تتضمن الخلفية الثانية التنصل من مسؤولية مكافحة داعش , أولئك الذين يبرئون الاسلام من داعش , لايقومون بأي عمل ضد داعش باستثناء الكلام الرخيص , لابل يعتبرون داعش “ثورة’ ويصفقون لانتصاراتها العسكرية , ويعتبرون أجزاء البلاد التي تقع تحت سيطرة داعش اجزاء محررة , ثم يتهمون الغير بمناصرة ألأسدية وخيانة الثورة المجيدة لتقصيرهم في دعم “الثورة” ولحد الآن لم نحصل من أي اسلامي على تحديد للثوار ….من هم هؤلاء الثوار ؟ولم نحصل على تحديد واضح لشكل المستقبل الذي ننتظره في حال انتصار هؤلاء الثوار عسكريا .
تمثل مقولة “هذا ليس من الاسلام بشيئ ” تشويها لجوهر اهتمامات الناس , ليس هدف البشرية تبرئة أو ادانة الاسلام , انما الوقاية من الارهاب , الاكتفاء بترديد مقولة هذا ليس من الاسلام بشيئ وبالتالي تأكيد براءة الاسلام , مشوه للأهداف التي تريد البشرية الوصول اليها , فتبرئة الاسلام هو عمل ضدي لاتهام الاسلام , بذلك تتحول مقولة اتهام الاسلام -تبرئة الاسلام الى نوع من المركزية في هذه القضية, المهم تبرئة الاسلام , وماذا عن أمر داعش ؟؟؟ انه أمر ثانوي مقارنة بتبرئة الاسلام.
يبدو وكأن الأمر عبارة عن نفاق وتنافق ,لذلك فانه من المنطقي ان تكون نتائج ممارسة التنافق منافقة أيضا , من أشكال التنافق على الذات هي تلك الطمأنينة بحلول الرغد والسلام بذهاب داعش الحالية ,الظن بأن الرحيل سيكون نهائي بمجرد الانتصار العسكري على داعش الحالية هو تنافق بامتياز , لأنه ان لم تتغير الظروف التي قادت الى استيقاظ داعش النائمة منذ قرون ,والتي استيقظت في الماضي عدة مرات , ستبقى داعش مبدئيا ,ولا فائدة من تغيير اسمها الى فاحش أو جاحش أوطائش , تخدير داعش وتنييمها لايعني موتها ,فيقظتها يوما ما قد تتمظهر بشكل أكثر دعشنة من داعش , يوما ما ستستيقظ داعش وهذا الأمر ليس أقل من حتمي , فداعش هي جزء من كينونة الواقع , عدم تغيير الظروف أي الواقع هو أمر يفرض استمراريتها بالشكل الكامن دائما والشكل المستيقظ أحيانا ,
اعتبار داعش أمر غريب عن المنطقة , أمر جاء به فلان مثلا الأمريكان أو ايران أو المؤامرة أو الأسدية أو النصيرية أو السنية ..الخ كنوع من الاستيراد لبضاعة من ماركة “بذور داعش” ثم زرعها في هذه البلاد , يمثل تجاهلا غبيا للبيئة الثقافية والاجتماعية السياسية لواقع هذه المنطقة الخصبة جدا لانتاج داعش والدواعش وأمثالهم, والقول بأن داعش عبارة تسلل المرض الجهادي من ستة جهات الكون الى المنطقة هو محاولة ساذجة لتبرئة الذات والمجتمعات من داعش وأعمالها وتفننها في ممارسة الانحطاط ,القول بأن داعش ليست من الاسلام بشيئ , يذكرني بحديث رسولي يقول جئتكم بالذبح … الخ , هنا يجب القول عندئذ بأن الرسول لايمثل الاسلام الحقيقي وما تحدث به ليس من الاسلام بشئ !,
داعش أصلا هي وجه من وجوهنا الثقافية والتراثية والاجتماعية , فداعش ليست ابنة الجارية ,وانما هي ابنة السيدة ,وحتى ابنة السيدة بأصالة , وليس من المبالغة القول بأن داعش أكثر صدقا وانسجاما وانتسابا الى ثقافة المنطقة الاسلامية كما نعيشها , فمجازر داعش انحطاط ,والانحطاط هوالقاسم المشترك لكل الطحالب التي تعيش في المستنقع العربي – الاسلامي الآسن منذ عشرات القرون ,