الياس متري:

يقولون على أن تنحي الأسد قسرا أي ترحيله سيقود  الى نشوب  حرب  أهلية , فشل  أعداء  سوريا لحد الآن في  اشعالها , وترحيل الأسد يمثل تحقيقا  للمشروع  الصهيو-أمريكي- وهابي .

انتابني العحب  من مقاربات من هذا النوع , فلماذا   يمكن لرحيل الأسد أن يشعل نار حرب  أفظع من الحرب الحالية  ,وهل  الحرب الحالية ليست حربا أهلية؟

أولا من الضروري وضع النقاط على الحروف , فالحرب الحالية هي حرب أهلية بامتياز وفق   القانون الدولي , الذي يستخدم مصطلح “النزاع المسلح غير الدولي”بدلا من  المصطلح التقليدي (حرب أهلية), القانون الدولي لم يحدد بشكل قطعي حالة الحرب الأهلية وذلك لكون هذا القانون يهتم بالدرجة الأولى  بالصراعات الدولية  ولا يهتم كثيرا   بالصراعات الغير دولية , لقد أوكل مؤتمر جينيف الصليب الأحمر الدولي  مهمة  تعريف حالات  الصراع الغير دولي , والصليب الأحمر  يستند في تعريفه للحالة على عدة مفاهيم منها كون  الحرب الأهلية عبارة عن  صراع مسلح يقع داخل إقليم دولة ما , على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو مناطقي أو استناداً لاعتبارات خاصة,هدف هذا الصراع هو  قلب نظام الحكم أو السيطرة على الدولة أو جزء منها أو تحقيق استقلال ذاتي في جزء من الإقليم الوطني,ومن وسائلها استهداف المدنيين عن طريق الكمائن والاغتيالات لأغراض مختلفة أولها الترهيب وليس آخرها الإبادة الجماعية.ومن نتائجها غياب الدولة وضعفها و انتشار الميليشيات وانعدام الأمن والسكينة وتعطل مناشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية و انهيار خدمات التعليم والصحة والبنى التحتية و وضع المجتمع رهينة للقوى الخارجية سواء كانت دولاً أو هيئات أو منظمات,هذا طبعاً غير النزوح الجماعي عن مناطق التماس ووقوع الضحايا من كل الأعمار وانتشار العنف والفساد وازدهار تجارة السلاح ونقص الغذاء والدواء.

لقد عرف الصليب الأحمر الدولي الحالة السورية بأنها حالة حرب أهلية  , لذا  لافائدة من اللغط والشحط  الأسدي  , الحرب أهلية بامتياز  ومن أشعلها  هو الأسد أيضا بامتياز . وسبب ذلك هو ثقافة سلطوية غريبة من نوعها  , ثقافة ترفع من شأن الشخص مقارنة مع البلاد  , ثقافة الأسد أو نحرق البلد أو ثقافة الأسد أو لا أحد ..ثقافة منحطة  لامثيل لها في العالم باستثناء شمال كوريا ..يعتمد الصليب الأحمر الدولي في  تعريفه للحالة على  البروتوكول الاضافي من عام  ١٩٤٩  من اتفاقية جينيف .

لم تترك الأسدية ذنبا  مسببا لحرب أهلية الا واقترفته , انها ديكتاتورية مستبدة  وفاسدة  كما انها طائفية  ومستغلة  وسارقة  وفي سياق تمجديها وعبادتها  للشخص  سلفية  بامتياز  , فمن  أوجد  الأسباب للمطالبة بالتنحي  كان الأسد  , فهو الذي أفسد وهو الظالم  والديكتاتور , وماذا ينتظر    الانسان من شعب  يحكمه ديكتاتور بالحديد والنار  , هل على الشعب الانصياع الى ماشاء الله أو أنه على الشعب أن ينهض  لتحرير نفسه من الديكتاتورية .

تتحدث أدبيات الديكتاتوريات عن الديكتاتور الكبير  والديكتاتور الصغير  , ولولا الصغير لايستطيع الكبير ممارسة طغيانه  وطاغويته , الصغير ضروري ,  ومن هؤلاء الصغار تتألف  عصابة الأسد  التي يرأسها الديكتااتور الكبير بشار الأسد  , الكبير والصغار ساهموا بشكل أساسي في  ايصال سوريا الى الحالة التي وصلت أيها  , أي الى حالة الخراب .

لاتزال  قضية ترحيل الأسد في طور “المحاولة “, وبالرغم من ذلك  فقد  قام الصغار باحراق البلد  تطبيقا  لشعار الأسد أو نحرق البلد , الا أن حرق البلد  سوف  لن يكون تاما عند تمام ترحيل الأسد  , ففي الشعار بعض المجازية والمبالغة ,ففي النهاية سيكون الترحيل تاما  والحرق جزئيا  ,  وسيكون على مابقي من البلد  أن  يصلح الخراب  , وسيصلحه اصلاحا جذريا .

بالرغم من ترابط  محاولة ترحيل الأسد  بحرق مايمكن حرقه من البلد , لاتزال عصابة الأسد تهدد بالحرق , وكأن  الحريقة لم تحدث لحد الآن, لقد حرقوا  وهم مستمرون في الحرق  والثورة السورية تأقلمت  مع  كل الحرائق  التي يبدو وكأنها كالقدر , التهديد لايفيد ومن الواجب التنويه  الى أن الأمر سوف لن ينته  بترحيل الأسد  , وانما سيكون هناك حساب عسير  لمن  أحرق أو ساهم في الحريقة  فموضوع الحق نسبي وقد اعتمد الأسد  على حق القوة  ولم يأبه بقوة الحق , وعليه ثم على أتباعه نظريا  تقبل عرف حق القوة ..لايجوز لثورة قامت ضد الظلم  أن تظلم ,وان ظلمت فستكون البديل السيئ  للأسد , مابعد الأسد سوف لن يكون حق القوة  وانما قوة الحق .

أخيرا  لا أر اي موجب  للتعليق  على المقاربة  التي تقول على أن ترحيل الأسد  سيمثل  تحقيقا للمشروع  الصهيو-أمريكي ـ وهابي , , هذا ليس الا  أحد هذيانات  تهريجية المقاومة والممانعة  , فالأسد لايقاوم ولا يمانع , انه دجال المقاومة والممانعة  , من يريد أن يقاوم ويمانع عليه  بحيازة القوة التي تمكنه من ذلك  , تذكروا  مقولة   الكاتب عبد الله القصيمي  , العرب ظاهرة صوتية , مظاهر الأسد الصوتية  ليست الا تكاذب وانحطاط غير مسبوق