حسيكو الضاحية ..صابر استراتيجي !!

بقلم : تيسير عمار :

لاتعرف أدبيات السياسة أو أدبيات الحرب عبارة  “الصبرالاستراتيجي ” وأول من استخدم هذا التعبير كان  حسن نصر الله , ونصر الله هومخترع التعبير وصانعه ومروجه ومستهلكه أيضا .. وقد وجد نصر الله ظاهرة الصبر الاستراتيجي عند الصابر استراتيجيا جلالته عبد الملك الحوثي القيم على قوم اليزيديين في اليمن السعيد.
نصر الله أراد مجانبة الحقيقة في اختراعاته واكتشافاته , فالصبر الاستراتيجي ليس صبرا ولا استراتيجية , والحوثي ليس بالصابر ولايعرف مدلول مفردة “استراتيجية “,وفي هذا النقص المعرفي يشاركه نصر الله الضاحية, فمسلكية جلالة الحوثي لم تتصف بالتأن ومجازا بالصبر في الأشهر الأخيرة , التي هي أصلا عمره السياسي , وذلك قبل أن تدك طائرات التحالف الدولي مواقعه في طول اليمن وعرضه, فقبل الدك كان الحوثي أشبه بالبغل الأرعن , حيث لم تكد بنادق وقنابل ومدافع ايران من الوقوع في يده حتى مشط البلاد من الشمال الى الجنوب قاصفا قاتلا مدمرا مخربا وبسرعة البرق , واذا جاز بشكل ما التحدث عن صبره فلم يكن صبورا , وظاهرة الصبر لم تنزل عليه نزول آية على نبي,ثم ان الصبر التي اكتشفه السيد في كينونة القائد الشاب حسب تعبير نصر الله  لم يكن من الايمان ,وانما كانت عجلته في التهام اليمن من الشيطان , وشيطان الحوثي منعه من التسلح بالصبر ووضوح الأفق ورحابة الصدر, اذ أنه وبسبب البغلية في رأسه لم يدرك وجود غيره على الأرض وفي الدنيا قاطبة , الفدان الحوثي لم يطرح على نفسه أي سؤال بخصوص تقبل العالم لما يقوم به ,فالحوثي المتبغل لم يدرك وجود أحدا باستثناء معلميه وأولياءأمره في الضاحية البيروتية وفي قوم الايرانية , نفخوه وورطوه بورطة تفوق مقدرته على التعامل معها . وقبل أن يستكمل وحوش الحوثيين سيطرتهم الكاملة على البلاد جاءت العاصفة , التي كانت متوقعة وضرورية , تراجع الحوثيون بالسرعة التي تقدموا بها ,ومن هول المصاب أصيبوا بالشلل الحربجي  ..لا حول لهم ولا قوة !!
قيل الصبر من الايمان و بعد الصبر يأتي الفرج , نعم للحوثيون ايمانهم ومما لاشك به أيضا لهم صبرهم , الا أنه لاعلاقة لزعيقهم الحالي وتباكيهم مع خاصة الصبرأو مع خاصة النصر , وهذا الذي نراه هذه الأيام عند الحوثيين يمثل انعداما قسريا للأفق , محاصرون سياسيا وعسكريا واقتصاديا من كل الجهات والطائرات تقض مضاجعهم ثم هناك القتال البري مع أطراف أخرى من الشعب اليمني , وهذه الأطراف تتلقى مساعدات بينما لايمكن مساعدة الحوثيين في ظل الحصار الحالي المطلق , والحديث عن الصبر الحوثي هو حديث نفاق ذلك لعدم وجود أي بديل عندهم , فماذا يمكن لهم أن يفعلون والطرق مسدودة في كافة الاتجاهات .
ما يسميه نصر الله “صبر” لايمت للصبر بصلة , الصبر أمر طوعي يمارسه عادة المتزن عقليا ,ولا علاقة للهزيمة وما يترتب عليها من أوضاع قسرية ترغم طرفا على الخنوع مع الصبر , فالصبرهو انتصار على عامل الزمن , ولواستطاع الحوثيون قهر قوى التحالف الدولي لما “ تحلوا بالصبر” , وكالعادة فقد نافق حسيكو الضاحية بعد أن أوقع الحوثيين في المطب …فلا هو “صابر “ أيضا , ولو تمكن لأرسل كل فيالق حزب الله الى اليمن , ولكن كيف له فعل ذلك والحصار مطبق , من اليابسة الى السماء والى الماء , لقد أصيب حسيكو الضاحية بالعطالة الحربية التي أصيب بها زلمته صاحب الجلالة عبد الملك الحوثي أيضا .
الطامة المعرفية المخجلة كانت في تزويج الصبر الافتراضي مع ظاهرة الاستراتيجية , ذلك لأن الصبر في الحرب لايمكن أن يكون “استراتيجية ”, الصبر عامل  قد يجد  استخداما له في مجال التكتيك ,فالحوثي لم يحارب ليصبر وانما يحارب لينتصر,  استراتجية الحوثي  ثابتة   وغير خاضعة لموضوع الزمن ..يريد  كهدف  حكم البلاد  ,فالاستراتيجية هي خطة عامة  لحملة كاملة  والتكتيك هو الطريقة  لتنفيذ تلك الحملة , الاستراتيجية هي  تعريف بالهدف  وهي  أصلا مفتوحة الزمن  بينما التكتيك محدود الزمن , لذا   لايمكن للصبر أن يكون استراتيجي الطبيعة  ,  ونظرا لمحدودية التكتيك زمنيا  يمكن القول على أنه قد يخضع  لعامل الصبر , نفاذ الصبر هو أمر تكتيكي  متغير  فقد يطول الصبر   وقد  يقصر الصبر , أما  الهدف الاستراتيجي  الذي هو  “حكم البلاد”  فلا يطول  ولا يقصر .

عن العلاقة الجدلية بين  الاستراتيجية والتكتيك  قدمت الثورة الفرنسية  من خلال تطوراتها  توضيحات   لعامل الاستراتيجية وعامل التكتيك والعلاقة بينهما  , فالثورة  الفرنسية  لم تفشل استراتيجيا  لأن  عامل الزمن مفتوح استراتيجيا  , لقد انتكست عدة مرات   بسبب  فشل التكتيك , وقد كان بامكان الثورة  مثلا أن تحسم الأمر  لو هاجمت فورا فرساي  , وبما أنها لم تستخدم هذا التكتيك , أي الهجوم على فرساي  حدثت حمامات الدماء  وكاد الهدف الاستراتيجي يضيع , فالثورة  هي وضع  قريب من الحالة الاعتبارية استراتيجيا  , والتكتيك  هو تعبير عن الحالة الموضوعية  وتطوراتها وتداخلاتها  وهو المتغير  الأساسي  الذي يخضع  لمختلف العوامل ..  بين بشار الأسد وأبو بكر هناك  حلف تكتيكي  غايته  القضاء على الجيش الحر  ,  استراتيجيا  لايمكن  أن يشكل بشار  مع ابو بكر أي حلف .

ثم أن الممارسة التكتيكية للصبر الراقي  الواعي لم تكن يوما ما من شمائل حسيكو الضاحية ولم تكن من شمائل زلمته صاحب الجلالة عبد الملك الحوثي ومرتزقتهم وميليشياتهم ,فعندما  تم عص ذنب نصر الله قليلا   احتل بيروت  كما احتلت اسرائيل بيروت  , وعندما أصبح عن الحوثي  رصاصة وبندقية احتل اليمن  خلال أيام أو أسابيع  دون وجود أي استرتيجية  , , وبدون أي استراتيجية  اختطف  حسيكو  اثنين من الجنود الاسرائيليين   ونشبت حرب استمرت اكثر من أربعة أسابيع  خسر لبنان من جرائها  أكثر من ٥٠ مليار دولار  اضافة الى تهديم الجنوب  ومقتل  الألوف من المدنيين اللبنانيين  , وبعد المجزرة  الخاوية من أي استراتيجية معقولة  قال نصر الله … لو عرفت على أن الأمر سيتطور بهذا الشكل  , لما تم اختطاف  الجنديين  , ولو كان عند  الاعراب استراتيجية  عقلانية  وتكتيك فعال لما نشبت حرب ١٩٦٧  ولما خسرت سوريا الجولان  اضافة الى  خسارة سيناء والضفة الغربية …كل ذلك عبارة عن “انفعالات”   وليست أفعال تكتيكية  , فالاستراتيجية  ليست صياغة  للهذيان السياسي  والعسكري  وليست  وهم  أو أمنية  وانما  تحديد لهدف موضوعي   يمكن التوصل الى تحقيقه عن طريق تكتيك ذكي وفعال  , واذا افترضنا على أن  هدف نصر الله كان عام ٢٠٠٦  القضاء على اسرائيل  كاستراتيجية عامة , أليس  من المنطقي   هنا  القول على أنه مصاب بالجنون الاستراتيجي؟

أسأل نفسي أحيانا عن سبب اصطفاف نصر الله التلقائي مع كل شيعي أو حتى مع من هو قريب من الشيعة ضد من كان ومهما كان وذلك بغض النظر عن كونه على حق أو باطل , شيعي جزر الواق واق أقرب لنصر الله من كل عربي أولبناني ليس شيعي ..مع الشيعة وروافدها ضد الجميع , ومع الشيعي وقف ويقف السيد بغض النظر عن موضوع الحق أو الباطل , ثم يقول لنا على أنه لبناني أو عربي ولا طائفية في مواقفه , رحم الله بن لادن , لقد كان اسلاميا سنيا ولم يكن سعوديا , الا أن دجله لم يرتق الى درجة دجل نصر الله …حقيقة كلاهما اسلامي ونصر الله هو نسخة شيعية عن بن لادن , وأسامة بن لادن هو نسخة سنية عن نصر الله , سؤالي سهل الاجابة , فوقاحة نصر الله وتخليه الفاجر حتى عن ورقة التوت جعلت الجواب على أسئلة من هذا النوع أمرا في منتهى اليسر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *