أحجية “السيادة السورية” , ومؤشرات اقتراب التدخل التركي البري !

بقلم:عماد بربر

لايجوز القول على أن  تركيا ستتدخل في سوريا  , ذلك لأن تركيا  تتدخل في سوريا منذ سنين  , ومن غير المنطقي  القول  على أنه على تركيا أن لاتتدخل   وهي  تحتضن أكثر من  مليون ونصف المليون من السوريين في مخيماتها , من واجبها تجاه الشعب التركي وتجاه الشعب السوري أن تتدخل , واذا كان  التدخل خطأ سياسيا  فان عدم التدخل  هو جريمة سياسية وانسانية , عدم التدخل  هو عبارة عن افلاس أخلاقي ,لذا  فان  الأمر ليس  الخيار بين التدخل  وعدم التدخل  فالتدخل  أصبح واقعا  سياسيا وأخلاقيا , الخيار  يتعلق فقط بشكل التدخل, حيث للتدخل أشكالا مختلفة  يحدد  الوضع الآني شكل كل منها  .

الشكل المطروح الآن للتدخل  هو التدخل العسكري  البري ,  انه آت لامحالة  , وقد تأخر بعض الشيئ  لأسباب عدة , الا أنه آت  , ولقدومه الحتمي في المستقبل القريب جدا مؤشرات  , ومن هذه المؤشرات   فشل  الحرب الجوية المتوقع  في القضاء على داعش  قضاء تاما , ولا شك   بمعرفة الأمريكان المسبقة  بهذا الفشل  , فالحرب الجوية تستطيع  تحجيم داعش  ,أما  القضاء على داعش  فيجب أن يتم على الأرض  بقوات برية  , وتركيا هي المرشحة الأولى  لخوض هذه الحرب  , لأنه لها  مصلحة بانشاء  منطقة عازلة   لايداع اللاجئين السوريين بها , واذا لم يحدث ذلك  ستولد  مشاكل  مع  السوريين ومع الشعب التركي , فأين تذهب تركيا بالملاين المتزايدة  من السوريين ؟ ثم ان تركيا مرغمة  في النهاية على   شن حرب لتدمير  الأسد  , ذلك لأن وجود الأسد يعني استمرار الحرب ,واستمرار الحرب يعني  تزايد اللجوء  وتزايد  مشاكه .

الحرب الجوية ليست  أكثر من بداية أو مقدمة  أو خطوة ستليها خطوات   حتمية  برية  ,  وهدف البدء بالشكل الجزئي الجوي  هو تسهيل ابتلاع  الحروب الأمريكية من قبل  الشعوب الفاقدة الثقة  بالسياسة الأمريكية  فبعد الحرب الجوية,   التي  طالب بها الجميع  ورحبوا بها  حتى الأسد ,  سيتم  طرح   السؤال  : مالعمل بعد الفشل الجوي ؟ والجواب معروف  وواقعي ومنطقي   ,  الفشل الجوي  هو البرهان  على ضرورة الحرب البرية  التي سيرحب الأسد بها أيضا  وذلك على الرغم من كونها خرقا واضحا للسياادة الوطنية السورية , فالأسد غير مهتم  بأي  سيادة أخرى غير سيادته , وفي تلك المرحلة ستصطدم سيادته  بواقع  صعب , وهذا الواقع يتمثل  بكون تركيا  هي التي  تنفذ  الحيز المهم من الحرب البرية  , وموقف تركيا   يقول    على أنه يجب أولا القضاء على الأسد وبعد الأسد يأتي داعش  , ثم  هناك  عامل آخر في طريقه الى  امتلاك مزيدا من القوة والدعم , وهذا العامل هو الجيش الحر   , الذي  سيتسلم  المناطق التي  تم تنظيفها من داعش  , اذ لايعقل  أن  تسلم أمريكا هذه المناطق  للأسد  , ثم أن أمريكا صرحت بذلك   وقالت على أن الجيش الحر هو  الذي سيستلم تلك المناطق .

التدخل برا هو تحصيل حاصل  , وسيبدأ  بانشاء مناطق   آمنة أو عازلة  ,  وسوف لن  يكون أمام الأسد الا امكانية الاعتداء على هذه المناطق  أو حتى الترحيب  باقامتها , وفي كلا الحالتي فالأسد سيخسر , اذ أن الاعتداء على المنطقة العازلة أو الآمنة  سيوقع الأسد في صدام  مع تركيا ومع التحالف حيث  لن ينتهي ذلك بتدمير الدفاعات الجوية السورية  وبالتالي سيرغم الأسد على  مجابهة الجيش الحر دون غطاء جوي يذكر   , أما الترحيب  باقامة المنطقة العازلة-الآمنة  فهو بمثابة   استسلام  مبدئي   سيتلوه استسلام نهائي .

لم  ينتهي هذا اليوم الخميس  دون  أن يقدم  بعض المؤشرات لما يمكن أن يحدث مستقبلا . فالطيران السوري  أغار على مخيم لاجئين  بالقرب من ادلب   ونتيجة ذلك قتل عدد من اللاجئين لايتجاوز العشرة  , ومقتل عشرة لاجئين  دفع الولايات المتحدة الى  القول  على أن هذا العمل بربري  وسيكون له عواقب  , وذلك بالرغم من  الحقيقة التي تقول  على أن ضرب  المخيمات  من قبل النظام ليس  بالشيئ الجديد  , ومقتل عشرة  لاجئين  ليس  بالأمر الفظيع  في سوريا   حيث يتم قتل المئات يوميا , والمؤشر  هنا هو التالي   , في حال اقامة منطقة عازلة- آمنة  سوف لن يتم السماح للأسد   بالاعتداء  على هذ المناطق   التي  ستحتضن بدون أي شك  قوات أجنبية   تركية أو غير تركية  وكذلك قوات محلية   مثلا الجيش الحر أو حركة حزم ,

لقد رحب الأسد   بحرب التحالف  الجوية  , الا أنه  كان هذا اليوم شديد الامتعاض  من  دخول البشمرجة  الى  كوباني عن طريق تركيا  ,,  وبالنسبة للأسد  يمثل ذلك  اعتداء صارخا على السيادة السورية, التي  أصبحت  كالأحجية   ولا أحد يستطيع   فهم مايعنيه الأسد بمفهوم السيادة   ,  استنكار الاسد  لدخول البشمرجة عن طريق تركيا  يؤشر  الى  أنه    سوف لن يرحب  بانشاء المنطقة العازلة- الآمنة  , أي أن الأسد  سوف لن يستسلم  وانما سيجابه  , ونتيجة المجابهة  معروفة سلفا .

بشكل عام  يمكن القول  على  أن حكم الأسود  دام أكثر  مما  من المتوقع  , وحرب الاسود  دامت  أيضا أكثر من المتوقع  , الا أنه لكل شيئ نهاية ,  وللأسود أيضا نهايتهم   التي كان لها  أن تكون  ألطف مما هو متوقع , حبذا لو تذكر الأسود  مقولة ..لم  تدم الا للخالق !!

أحجية “السيادة السورية” , ومؤشرات اقتراب التدخل التركي البري !” comment for

  1. بعد أن نشرت مقالي يوم أمس , قالت أخبار اليوم على أن عدد القتلى في المخيم قرب ادلب بلغ ٦٠ قتيلا وعدد الجرحى ١٩١ , وقد وجدت على أنه من الواجب تصحيح الأرقام التي ذكرتها يوم أمس والتي لم تعد صحيحة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *