بقلم :تيسير عمار
لماذا العجب في أرض العجائب والمصائب ؟, هناك من يتعجب من افراز المحن العربية وخاصة المحن السورية -العراقية لداعش , وذلك بالرغم من اعتياد هذه المنطقة على حدوث كل ماهو غير منطقي ولاموضوعي , فالأزمة من خلال أو مع داعش هي الصغرى في كاريثيتها مقارنة مع الكوارث الأخرى التي ابتلعها الانسان السوري ويليه العراقي وتعايش معها حتى هذه اللحظة , أليس الفشل الذريع للبعث في سوريا والعراق أكبر كارثية من داعش ؟ وما هو سر يد البعث الساحرة في تخريب البلدان , ألم نتاعيش مع سايكس -بيكو ومع قيام اسرائيل ؟ وقد تعايش الكثير من السوريين والعراقيين بسرور مع بعث صدام وبعث الأسد ثم مع عائلة صدام وعائلة حافظ , وذلك بالرغم من القمع والتقتيل والفساد الأسطوري , وبالرغم من افراغ القضيا الوطنية من أي مضمون واعد بالتقدم ماعدا مضمون واحد لاغير , فمضمون القضية الوطنية الأوحد كان بقاء حافظ وبقاء صدام ثم توريث قصي وتوريث بشار ,
لماذا كل هذا الصراخ والزعيق بعد الاعلان عن قيام دولة داعش ؟ وعقلية داعش متعششة منذ عقود في روؤس الديكتاتوريات , وهل داعش بالفعل أكثر عنفا وسوءا وفسادا من الديكتاتوريات , فداعش تصفي من يعارضها بوسيلة القتل , وماذا فعل المغفور لهم حافظ وصدام بمن عارضهم ؟ وماذا يفعل بشار منذ عام ٢٠٠٠ بمن يعارضه , بقي علينا فقط تحليل وسائل القتل , هل القتل تحت التعذيب حضاري أكثر من القتل ذبحا أو شنقا أو سحلا ؟وآخر الأخبار من الشبكة السورية لحقوق الانسان قالت على أن حوالي ٥٠٠ مدني قتلوا في الأسبوع الأول من رمضان منهم ٥١ طفلا و٢٩ امرأة وتحت التعذيب تمت تصفية ٤١ انسان سوري أي بمعدل ٦ سوريين يوميا , لماذا العجب من توحش داعش ؟ وهل الأرقام التي ذكرت أكثر حضارية من أرقام داعش , والأهم من ذلك هو أمر تبادل الخبرات وأسلوب الممارسات بين الداعشية والأسدية , فالتوحش لم يسقط على الأسود من المريخ , وانما اقتبست الأسدية من التراث الاسلامي مجمل مسلكياتها , حيث اعادتنا الأسدية قلبا وقالبا الى أيام يزيد والحسن والحسين , أما في عصر مابعد الاستقلال فقد علمت الأسدية وقبلها البعثية الجميع فنون القتل والقمع والتنكيل والاغتيالات تحت التعذيب , وها نحن الآن بين مطرقة التوحش الأسدي وسندان التوحش الداعشي , فلماذا كل هذا التعجب من ولادة داعش , التي حملت الأسدية بها لعقود من الزمن , داعش هي “استمرار” للأسدية ومواكبا لها , والحياة كانت تحت ظل الأسدية كارثة , وأصبحت تحت ظل الأسدية والداعشية كارثة مضاعفة .
عاشت الثورة السورية بشكلها المحبب والمنطقي والحضاري أشهرمطالبة بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية الى أن دعت الأسدية غباء أم ذكاء الى النزال العسكري , وبالنتيجة ذهب الثوار المسالمون الى بيوتهم , وجاء المحاربون الى ساحة الحرب حيث تضافرت جهودهم استراتيجيا مع جهود الأسدية في القضاء على الثورة السلمية, محاربوالسنة أفرغوا الثورة من داخلها السلمي النبيل , وتبخرت المطالب بالحرية والديموقراطية ,فمع الداعشية لاحرية ولا ديموقراطية , وانما تسلط وشريعة القرآن , ومحاربو الشيعة بما فيهم العلويون أفرغوا السلطة من كل شرعية وقانونية , وبذلك تحولت الساحة الى ساحة وحوش كاسرة تتحارب وتقتل ر وتسلب وتنهب .
لم تتحول سوريا فجأة الى خلافة , وانما كانت بكافة معيير التخلف خلافة أسدية , وكل مافي الأمر هو نشوء خلافة ثانية على الأرض السورية هي الخلافة الاسلامية , اننا الآن بين أبو بكر وأبوحافظ , ولكل من الخلفاء من بايعه , لهم أتباعهم وأبديتهم , أمراء مؤمنين !!! لم يبدعواالا في فنون التقتيل من أجل أبو بكر ومن أجل أبو حافظ … حقا ان سوريا محظوظة !!! , اذ أنها الآن اسلامية تماما , فهناك الخليف السني وهناك الخليف الشيعي , وحقيقة لا خلاف بينهم ولم تحدث بينهم مواجهة عسكرية لحد الآن , فانعمي ياسوريا بما أنعمه الله عليك , والله وكيل التوفيق