الاستبداد واعادة انتاج الذات , مواقف بعض الكتاب !

بقلم:وليد حاج عبدالقادر

عندما ينكشف الوعي الديمقراطي ـ المتكلّس أساسا ـ في ذهنية بعض من ذوي التوجهات القوم / دينية ، فينظّرون فيها ـ ومن جديد ـ انطلاقا من ذاتويّتهم الفئوية وتوجّهاتهم تلك ـ القوم / دينية ـ فتبدو الضحالة الفكرية وانعكاساتها الممارساتية أيضا ومن ثمّ القاع الشوفيني العميق وتطبيقاتهم كما استنتاجاتهم ـ وإن كانت كتابية !! ـ إنّ هذا الفهم المجتزأ والمؤدلج بامتياز كنزعة ـ وأيضا مبتورة ومقوننة سواء لمعايير الحرية / الديمقراطية ومتتبعاتها من مصطلحات المواطنة ـ التشارك أو التفسيرات والمعاني المحدثة كمفاهيم التوافق على أرضية التجانس الوطني ومفاهيم المواطنة المتساوية ولكن ضمن اطر معلّباتية ومؤطرة سردينية ـ من علب السردين ـ هي التي تحزّ في النفس حقيقة وبصراحة تامّة أنّ ما يشتغل عليه بعض من أدعياء التوجهات الديمقراطية والمواطنة المغلّفة بشرائح المنيومية حافظة لزخم تكوينهم البنيوي وجينة التعصب والإنتماء المؤدلجتين لصيغ مفاهيمها وجملها لتبدوان صادمتين وبترددات فولتية تكاد ان تحرق أو تمغنط الأهداف وتقلّصها وقد تودي ـ أيضا ـ الى تماسات جدّ عنيفة !!

وبعيدا عن التنظير والجمل الفارهة تتوضح ـ وببساطة ـ المظلومية المطلقة التي تكدّست في ذهنية هذا النمط من خلال الإستهلاك الممضّ ونظرية المؤامرة وـ جرجرة قميص عثمان ـ ومن ثمّ بعض من تطبيقاتها النمطية الفجّة على قضية كوردستان والشعب الكوردي ككل وبالأخص جزأيها الملحقين بما سميّ بدولتي العراق وسورية المحدثتين كتطبيق عملي واتفاق سايكس بيكو عام 1916 . إنّ هذه العقلية السائدة استطاعت ان تسلب بعضا من الكتاب حتى المهنية منها والصادقة في فنّ وأصول لعبة الكتابة بكافة أوجهها وذلك بالرجوع الى أسس تأريخوية وفكرية او سياسية

ومن ثمّ صياغة ذلك الأمر ومن هنا كان بترهم كما استئصالهم لنضال وحركة شعب ثار ضد السلطنة العثمانية منذ أواسط القرن الثامن عشر وشهد وطنهم كوردستان ثورات متعدّدة كادت أن تحقق حلمهم القومي وأن تتحرّر من ربقة السلطنة العثمانية وبالرغم من اننا لسنا بصدد المكاشفة التاريخية لهذه الثورات ولكنه يتوجّب علينا الإشارة السريعة الى ثورات البدرخانيين / 1845 – 1856 / وكذلك ثورة الشيخ عبيدالله النهري عام 1860 وثورات البارزانيين وسمكو وال ـ جانبولاطيين ـ وغيرها وكلّها كانت تجسّد وتسعى لتحقيق الطموح الكوردي المشروع بالتخلص من هيمنة السلطنة العثمانية وتشكيل الكيان الكوردي المستقل ، هذه الهمّة التي ما فترت مطلقا وفي أجزاء كوردستان الأربعة حتى تاريخ اليوم وإن تبدلت المساعي كما الغايات وبالتالي آليات وتفاسير منطق حق الشعوب في تقرير المصير ، وكم يحزّ في النفس على متابع لأقلام بدت في أمور كثيرة مهنية في تعاملها وصرخة المتنبي في سيف الدولة ـ يا أعدل الناس إلا ..

ـ فإذا بها وفي الموقف من الفضية الكوردية تسقط في شرك النزعوية القومية ، يقول السيد عبدالوهاب بدرخان في مقال له ـ نظام الأسد يلعب الورقة الكردية ليكسب دويلته ( الحياة عدد 18381 الأول من آب صفحة 8 ) / لم تعد الورقة الكوردية الى الأضواء بالصدفة بل قفزت الى واجهة الأزمة السورية في التوقيت الذي أراده النظام وللوظيفة التي حددها لها … / ويضيف .. / ..يتعامل النظام مع الأكراد على أنهم ورقة يتلاعب بها ومن شأنهم الا يمكنوه من غاياته .. /  افلا يدعو هذا الموقف ليس فقط الى السخرية بقدر ماهو مستغرب من كاتب مثل السيد بدرخان ؟ فهل كلّف السيد بدرخان نفسه حتى ولو بعودة سريعة الى الأحداث والمجريات التي تلت والتطبيق العملي لإتفاق سايكس بيكو الذي يلعنه هو ـ بدرخان بدل المرّة مئاتها ؟

ـ وبالتالي تابع الموقف الكوردي العام ـ كوردستانيا ـ ومن ثمّ متوالية الجزء الذي ألحق بسورية الحديثة ومطالب الكورد المتتالية بالحكم الذاتي أواسط عشرينات القرن الماضي / رسالة 100 شخصية اجتماعية ودينية وسياسية كوردية الى اللجنة الوزارية التي قدمت الى المنطقة حينذاك / ومن ثمّ النضال القومي الكوردي الذي ما كلّ وما ملّ والتشكّلات السياسية ذي الأبعاد الكوردستانية منها وبعضها المؤطرة وطنيا ـ داخل سورية ـ والمستمرة حتى لحظتنا هذه وسلسلة الإعتقالات والملاحقات التي ترافقت مع الخطط التي استهدفت البتر القومي بكل تجلياتها من خلال المشاريع الإلغائية والتعريبية التي مورست بحقّ الجغرافية الكوردية بشقيها الديمغرافي  والمناطقي !! وليتها الأمر اقتصر على السيد بدرخان !! ففي حين يتعالى فيه صدى صوت التكفيريين من مآذن الجوامع وبدلا من دعوة الناس الى الصلاة والعبادة  فإذا بها تحلّل الدم الكوردي وحرماته كما أملاكه في تطبيق ومنطق ينمّان عن وعي غزوويّ صرف فيتحفنا السيد حسان حيدر وبتريرية تستنبط فهما باطنيا والمؤازرة المبهمة لهكذا توجّه وتصرّف ، ففي زاويته بجريدة الحياة الصفحة التاسعة من العدد المذكور أعلاه وتحت عنوان ـ رهان أكراد سورية الخاسر ـ يصدح فينا بلاميته العصماء المجتزأة / المفلترة فكريا والممأسسة على بنية تكتونية قوموية صلبة غير بعيدة وافرازات الأرسوذي وعفلق يقول / .. تتصاعد مع الوقت المعركة التي يخوضها أكراد سورية للحفاظ على تميّزهم … وهم في سعيهم الى استعادة هويّة قومية فقدوها قسرا قبل قرون لا يميزون بين حكم ومعارضة ولا توقفهم جغرافية أو حدود … /

وكعادة هذا النمط يتجاهل معطيات التاريخ وإفرازاتها كما وجملة الممارسات والمغالطات وبالتالي سلسلة الثورات الكوردستانية المتعاقبة لتحرير وتوحيد كوردستان وفي جهل او تجاهل تام لحقائق التاريخ في هذه المنطقة وتجاوزاتها إن في تشكّل الجغرافية المحدثة وحدودها المرسومة وأيضا من جديد والتي تم اصطناعها وبالتالي مزّقت أوطانا وشعوبا وكان السيد حيدر مجحفا جدا حتى في توصيفه الميكانيكي وحالة / علاقة الأنظمة الغاصبة لكوردستان وأسّ قضيتها المركزية من خلال تلاقيهم ـ الأنظمة ـ بالرغم من تناقضاتهم الفظيعة و.. الموقف الموحّد من كوردستان والقضية الكوردية وخير دليل على عدم دقّة ما كتبه وموقف حافظ أسد الذي يعدّ المطبق الفعلي لكلّ الممارسات الشوفينية والعنصرية وممارسة التغيير الديمغرافي والتعريب بحق المنطقة الكوردية وكذلك زجّ المناضلين الكورد في سجون النظام ولفترات طويلة . إن الفكر القوم / عروبي الذي لايزال يهيمن على عقلية كثير من السادة !!

الكتاب تكشف بوضوح تام إلى أنّ أزمة بنيوية تراكمت في ذهنيتهم ولاتزال النزعة المؤامراتية منهجهم في التحليل كهروب صريح ومواجهة المشكلة ومن ثمّ السعي الحثيث في جرأة معالجتها وحلّها إن على أرضية الحل الديمقراطي لقضايا الشعوب التي ألحقت او ما تزال رهينة للفكر القوموي / الديني كالكورد والأمازيغ وغيرهم ومن ثمّ تفكيك المفهوم الحقيقي لمسألة المواطنة والمقرّة لمبدأ التشارك الحقيقي وتفسيرات مفاهيم الأقليات ـ الأكثريات وفق قانون التشارك العملي في صياغة اتحادات دولانية تحقّق للجميع مفهوم حقّ الإختيار والتشارك ومن ثمّ التوافق على الآليات التي ستصاغ على أساسها الدساتير ، أما السعي والإصرار كما وإعادة رسم الكلمات وتوضيبها لوصف حالة متكررة وأن كانت مغلّفة بأطنان من حسن النوايا فهي لا تبدو سوى حالة متكررة والهروب وراءا ،

لأنهم ببساطة شديدة يعلمون قبل غيرهم بأن الشعب الكوردي قد قال كلمته الصريحة الواضحة ، وهذه الكلمة هي ليست نتاج حالة اقتناصية أو ميكيافيللية لوضع ـ لربما ـ تاشكل أو تمأسس كردة فعل وإرهاصات نظم الإستبداد ، بل هي ـ قضية كوردستان والشعب الكوردي ـ تحصيل حاصل ورد فعل حقيقي وممارس ـ نضاليا ولعقود طويلة وبالترافق مع تشكّل هذه الخرائط التي اجحفت بحقهم والتي زادت من بؤر توتراتها الممارسات العملية لنظم كانت ولا تزال ترى صيرورتها في قمع شعوبها ومعارضة ما استطاعت وبالمطلق أن تخلع عن ذاتويتها رداء المنهج الشوفيني والعنصري التي توارثتها من انظمتها المتعاقبة وهي تريد وبنعومة ان تنتج ومن جديد عين السياسات السابقة من خلال الغاء الآخر وقوننة تعريب أو تتريك وتفريس للشعوب . نعم هي القضية الكوردية وشعب كوردستان وقد عبّرت عن تميّزها ولا ننكر ولكن هذا التميز وجد منذ تواجدها عند الآخرين وقد تصقّل تاريخيا ـ أواسط القرن الثامن عشر للميلاد ـ من جهة وكرد فعل طبيعي لممارسات الآخرين وما كانت مواقف المعارضات السورية بآخرها حيث يكفي الإستدلال على مواقف وتوجهات تلك المعارضات العربية والإسلامية الشخصية منها والفئوية / هيثم المالح ، برهان غليون ، اللبواني ، حسن عبدالعظيم ، وقد ختمها مسكا !!

نائب رئيس الإئتلاف السوري المعارض السيد سالم المسلط / وغيرها من الأسماء التي لا يسع المجال لذكره ، وفي الختام : هناك مقولة اكتسبها الكورد بداهة وتعزّزت بالممارسة ومفادها أنّ الكورد لن يكونوا وقودا لأيّة قوّة تعيد انتاج استبداها وهذا  لا يعني ـ وايضا ـ أيّة ثقة بطروحات الإستبداد القائم ….

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *