محاسن الفيتو الروسي

دعم  روسيا وايران للنظام السوري  , ولشخص الأسد خاصة , هو أمر ذو علاقة بمصالح روسيا وايران اولا , ولا أظن على أن مصالح الشعب السوري تلعب هنا    عمليا أهمية كبيرة , وذلك بالرغم من تصدر عبارة “مصالح الشعب السوري ” كل  تبرير لأي موقف سياسي روسي أو ايراني , وبالرغم من النفي المتكرر  لأولية مصالح روسيا أو ايران , هذا النفي هو أمر معتاد في السياسة الدولية  , ولا أريد القول على أن الدجل السياسي يقتصر على هاتين الدولتين  , الدجل هو  الأساس لكل تداول سياسي عالمي .

لاشك  بأن السلطة السورية , وخاصة رأسها  لايريدون  تدخلا أجنبيا يقود الى  زوال السلطة وزوال رأسها , أي أن رفض التدخل الأجنبي الغربي  هو لحماية السلطة ,ولا علاقة له بحماية البلاد  من الخراب , ولايمكن لتجنب الخراب  أن يكون  له أي قيمة في هذا الرفض , وذلك  لأن السلطة لاتتورع اطلاقا عن احداث أي خراب مهما كان حجمه ..تدمير مدن  وتدمير أحياء  وقتل وتشريد وسجن  لعشرات  الألوف  وحتى  احراق الغابات والمحاصيل  كان من ضمن الاجراءات الأمنية  , التي مارستها السلطة  بكل انشراح وثقة  وفخر بها أيضا , والقول على أن الخراب سيكون أكبر في حال تدخل  غربي يزيل السلطة ورأسها ى هو أمر افتراضي , والجزء الأكبر من هذا الخراب الافتراضي المنتظر  سيكون من صنع السلطة , التي ستلجأ في هذه  الحالة الى الاعتماد على   عنصر “التخريب”   لمنع  وتمييع هذا التدخل .. ومن  مظاهر التخريب المنتظرة  توسيع رقعة الحرب الأهلية الطائفية  ثم دمج لبنان في  قائمة التخريب , وبشكل عام  يمكن القول على أن  شعار  “الأسد , أو نحرق البلد”  هو شعار ينطبق  على الحراك الداخلي  وعلى التدخل الخارجي ,  أي محاولة  لترحيل الأسد , ان كان منبعها داخلي أو خارجي . ستقود الى حرق البلد , ومن سيحرقه   هم  جماعة الأسد ..هكذا يروجون  وهكذا  سيفعلون , وهم جادون في في ذلك .

رفض التدخل الخارجي  ليس رفض مبدئي , وذلك لأن السلطة , عن دراية أو عن غير دراية,  انزلقت , من حيث تريد أو لاتريد, في مطب  الأسر الخارجي  من جهة معينة روسية وايرانية , وأصبح من يتكلم من أجل النظام  هو لافروف  وليس المعلم , وقد استساغت السلطة  طعم  هذا الأسر , لأنه انقذها  من خلال الفيتو عدة مرات  , دون أن تلاحظ السلطة مغبة هذا “الانقاذ ” , فالانقاذ حمل بين طياته الكثير من المخاطر  , ومن أهم هذه المخاطر  هو  تأثير هذا الانقاذ على  الموقف الداخلي  للسلطة  تجاه المعارضة بشكل عام , ولا أريد هنا  تقسيم المعارضة الى خارجية وداخلية , هذا التقسيم لئيم جدا  , خاصة عندما  نعرف على أن هناك  مايقارب 18 مليون سوري يعيشون في الخارج  مقارنة  ب 23 مليون سوري في الداخل ,  وعندما نقسم   نقوم بوضع تفاوت وتباين بين الداخل والخارج , أي أن الخارج  أقل أو أكثر أهمية من الداخل , وهذا أمر لايسقيم مع مبدأ وحدة الشعب السوري  ولا يريده عقليا أحد .

التأثير الغير بناء على السلطة  اتخذ  عدة أشكال  ,وأول هذه الأشكال هي الشروع في الحل الأمني  , الذي طالب به الروس   وجهزوا له السلاح , والحل الأمني  لم يكن  بمنتهى السوء , لو تيسر له أن  يجدي  بوقت قصير وخسائر مقبولة ,  الا أنه لم يجد   , ولم   تتمكن السلطة من قطع كل أمل به , استمرت  في  الانصياع لمطالبه  , بتشجيع من روسيا   وتزويد بالسلاح الروسي , وكلما  غرقت السلطة أكثر في مستنقع الحل الأمني  تناقصت   امكانياتها على  المناورة  وامكانياتها على تغيير المسيرة , والآن أصبحت سجينة لهذا الحل بشكل مطلق ..اما قاتل أو مقتول , ومن ينتهي  في سسياسته الى  مبدأ القاتل أو المقتول  , هو انسان مفلس سياسيا  وفاشل بشكل مطلق ,  اذ أنه من أكبر  الأخطاء أن تصل الأمور الى هذا الحد .

الحل الأمني  مثل الطريقة الروسية  في حل المشاكل الداخلية , وفي  هذا الحل  العقيم  وظفت السلطة كل امكانياتها  , واستنزفت القسم الأعظم منها ,وبنتيجة  ذلك لم يبق   عند السلطة أي اهتمام بالمعارضة الغيرمسلحة , وعدم  الاهتمنام بالمعارضة الغير مسلحة له اسبابه , والأسباب هي القناعة بأن السلطة , دون أي اصلاح ملموس , متأكدة من بقائها  بفضل الفيتو الروسي  , الذي حذف امكانية التدخل الخارجي , وبالتالي أعطى السلطة الكثير من الشعور المزيف بالأمان , وانقص من  مرونة السلطة , ومن امكانيتها تقبل حلول وسط , لقد دفع السلطة الى التشنج  والى رفض كل تنازل  عن أي شيئ , ولماذا تتنازل السلطة عن أي شيبئ؟ , لطالما   تجلس في قلعة الفيتو الروسي الحصينة! , الفيتو الروسي  قاد الى  الاحجام عن الكلام ..لغة الرصاص  تتكلم ,  ولا يعلو ضجيج الرصاص  أي  صراخ …  السلطة تستمد قوتها وثباتها من الفيتو ,  وليس من التوصل الى حل  يرضي الجميع  ويتطلب تنازلات من الجميع , لقد اغلق الفيتو  السلطة على نفسها وأبعدها عن  الجو الداخلي  , وأقنعها بالاعتماد على الخارج , وبذلك تقلصت واندثرت كل  امكانيات الانفراج , ووصلت البلاد الى  الحلقة المعيبة ..اما قاتل أو مقتول  , اي الى افلاس السياسة التام .

اذا  ساعد الفيتو الروسي السلطة على البقاء , فانه دمر البلاد  , لأنه حذف امكانيات الحل التفاهمي ,أيضا لأنه شجع السلطة بشكل غير مباشر على الخروج من الشرعية الدولية , ,فالسلطة لاتهتم ولا تأبه  بما يقرره  مجلس حقوق الانسان ,  ولا ترصد السلطة أي أهمية  لمحكة الجنايات الدولية  ولا لمقررات أي جهة أممية , الفيتو الروسي يمنع عرض القضية على هذه المحكمة , وبالتالي  لاخوف من التمرد , ولا خوف من مناصبة العداء  لمعظم دول العالم , لطالما الفيتو  موجود  , والسؤال  الكبير هنا , من يضمن  ثبات الفيتو الروسي ؟ وهل  يشكل الفيتو عقبة لايمكن تجاوزها ؟والجواب واضح  ,  لاضمان لثبات الفيتو الروسي  ,  ويمكن تجاوز الفيتو  وهذا ماحصل في العراق  وفي يوغوسلافيا , واذا منع الفيتو الروسي   التدخل المباشر  , فانه لايستطيع منع التدخل الغير مباشر , وما نشاهده الآن  هو نتيجة للتدخل الغير مباشر الذي لايقوى أي فيتو على منعه ..بالنتيجة  خسرت البلاد الكثير , والسلطة  ستخسر أكثر  ..لربما وجودها بكامله , وما ليبيا والعراق الا أمثلة حية عن ذلك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *