طول اللسان ثم البدائية وقحف الأفكار هو مايميز مايمكن تسميته بجدارة “نبيحة” السلطة , التي ترتكز على أزلام لايتجاوز عددها عدد أصابع اليد ..طالب ابراهيم ..خالد العبود ..شريف شحادة..ومعد محمد ..الخ , الا ان الانصاف يفرض استثناء واحد لاغير, وهو نارام سرجون وذلك لعدة أسباب , فالسيد سرجون (اسم حركي) مقتدر لغويا , ومناور جيد , وحساس جدا لنقاط ضعف الآخر , التي يستغلها بلباقة , وهذا حقه .. ولو اعتبرنا السيد سرجون محاميا مدافعا عن النظام , لوجب القول ان مهمته شاقة جدا ولربما مستحيلة , فالقلاع التي يريد الدفاع عنها غير محصنة اطلاقا , ومن يريد فعلا الانخراط في الدفاع عن النظام سيتخبط وينخبط آجلا أم عاجلا , وقد تخبط نارام سرجون وخبط نفسه بنفسه في واقعة التعرض الى خطبة الرئيس الأخيرة, تعرض اقتصر في معظمه على الاستجداء والرياء ثم التبخير للسيد الرئيس , وفي هذه المقالة شعرت ان الفرق بين سرجون وباقي النبيحة زهيد جدا .
لقد استخدم السيد سرجون في هذه الواقعة اسلوب البربكة والتدليك ثم القرص والعقص احيانا , اذ قال سرجون على المعارضة تشعر بالحرج عند قول الحقيقة , ولا أعرف ماهو القصد بكلمة “حقيقة” فالحقيقة أمر نسبي , ولكل حقائقه , طبعا ليس في سوريا الأسد حيث الحقيقة و كل شيئ آخر موحد وواحد ومطلق , حيث ان مجاهرة المواطن ببعض الحقائق النسبية تقود الى ما لا تحمد عقباه , والحقيقة التي يدور سرجون حولها ويلف تافهة المضمون , سرجون يريد من “المثقفين والناس على امتداد الساحة العربية” كيل المديح للرئيس عندما يقدم عملا وطنيا بامتياز, وخطابه كان ذلك العمل الوطني الممتاز بامتياز !.
الوطنية تعاني من وحدانية التوجه والمدلول , كما تعاني الحقيقة , ومن سرجون نفهم على انه من واجب كل انسان سوري ان يسأله أو يسأل الرئيس ان كان هذا الانسان مواطنا صالحا ام خائن, ومن يسأل يحصل على أجوبة تدل على أن عدد الخونة في البلاد يتجاوز عشرين مليونا ,فالوطني هو البعثي الأسدي فقط , وما عدا ذلك فهم بشكل أو بآخر خونة .
لا يعتبر سرجون سبب احجام “المثقفين والناس على امتداد الساحة العربية “عن امتداح الرئيس هو “الحرية النفسية ” بل عدم وجود “علاقة لهم ببناء مجتمع حر وهم يريدون مصادرة الحريات وممارسة الاستبداد كنهج أصيل في حركتهم , فالثورة التي تفشل لاتستطيع وللمفارقة الاستمرار الا بممارسة الاستبداد , ولأنهم لم يعودو يقودون ثورة , وانما عملية تطهير عرقي للأفكار والآراء التي ليست تنتمي الى عرق افكارهم الشاحبة التي استعدت كل شرائح الشعب السوري الى حد غريب “, فواضح جدا تصنيف سرجون للمواطن الصالح , انه المواطن المادح وليس المواطن الناقد .
وعن المديح والحرية النفسية فيجب القول لسرجون ذو الثقافة “المحلية ” , على أن الناقد في ظل الديكتاتوريات هو الذي يتمتع بالواقع بالحرية النفسية وبالكثير من الجرأة والاستقلالية , أما المتملق المنبطح والمادح بدون سبب , فهو الانسان المأسور والمقسور , وهو الذي باع نفسه للشيطان وأفرغ رأسه من مادة الدماغ ,والناقد هو حقيقة المواطن الذي يحتاجه الوطن , هو المواطن الذي يستطيع بناء الوطن , وما خرب الوطن الا فرق التصفيق والتأليه والزحف على البطون والانبطاح , ولا تستطيع ثقافة سرجون “المحلية ” ان تستوعب هذه الأمور الطبيعية جدا خارج الجغرافية السورية , ففي داخل هذه الجغرافية تغيرت القيم وحتى الغرائز البشرية تغيرت ’فلا وجود لغريزة الكلام , ولا وجود لغريزة التفكير , لأن ممارسة الكلام ممنوعة ,كذلك التفكير , وكل عضو لايستعمل يضمر ويتلاشى بالنهاية , فبعد نصف قرن من المنع ضمرت هذه الخصائص الغريزية وتلاشت .
المعروف عن السيد سرجون على أنه يقر بوجود الاستبداد المتزايد في سوريا منذ حوالي أربعين عاما , والسيد سرجون يقول على أن الثورة التي تفشل لاتستطيع الاستمرار الا بممارسة الاستبداد , هل يعني هذا ان ثورة الثامن من آذار فاشلة ؟ نعم انها فاشلة جدا , الا أن ثرثرة السيد سرجون لاتستطيع الاعتراف بأن الثامن من آذار هو من أكبر الكوارث التي أصابت الوطن , الثرثرة لاتستطيع الى ممارسة الرياء واللف والدوران , لأنها ثرثرة !
لايبخل السيد سرجون على القارئ بتعريفه للمعارض الحقيقي , وللتذكير فان كلمة “معارضة” جديدة جدا على الأدبيات السياسية السورية , ولم ترد هذه الكلمة اطلاقا في أي من ادبيات السلطة حتى الأعوام الأخيرة , ولايمكن تصور معارضة , عندما يحصل الرئيس الأب على 100% من الأصوات والرئيس الابن اللاحق أكثر من 99% من الأصوات , أين هي المارضة ؟؟؟ وكم هو حجمها ؟..صفر , ومن توقحن وطول لسانه وحقد على السلطة وخان الوطن من امثال ميشيل كيلو او عارف دليلة أو منذر جاموس أو رياض الترك والألوف غيرهم , فقد كان مسكنهم السجن وبالتالي لايستطيعون الادلاء بأصواتهم ..بالناقص منهم ومن أصواتهم !!, لذا فانه من الممكن ان تكون نتائج الاستفتاء كما تشرف وزير الداخلية وقال بعد كل استفتاء مهنئا الرئيس على النتائج الاسطورية ومؤكدا على أن الشفافية والأمانة والاستقامة كانت الموجه الوحيد في تلك الاستفتاءات الحرة .. التي تمثل ارادة الشعب الواحد خلف الرئيس الواحد الأوحد !.
فالسيد سرجون يطلب من المعارض الحقيقي ان” يفرض أقصى مايمكن من خطوات ديموقراطية على السلطة ” يالهي !, هل فقد الرجل كامل عقله ؟ ومن هو الذي يتجرأ على فرض الخطوات الديموقراطية على السلطة , وماذا كان مصير من حاول؟؟؟ولا أظن على أن السيد سرجون جاهل , وانما يتجاهل لأنه مأزوم وأناني ومغامر ومقامر بمصلحة الوطن , انها ثرثرة لا طائل منها ولا سمن أو دسم بها .
ثم يتابع السيد سرجون بالقول , ان الثناء على الرئيس أثر أي مبادرة أو عمل ايجابي لتشجيعه على المزيد هو عمل ايجابي يجب النظر اليه بايجابية وطنية طالما انه يختصر رحلة الدم على الجميع , ومن هذه العبارة يمكن استنتاج “محلية ” وبدوية ثقافة السيد سرجون السياسية , التي تعتبر الرئيس تلميذا في المدرسة الابتدائية , يجب تشجيعه لينال علامات أفضل ويصبح الأول صفه , والتي تعتبر الرئيس بشكل مبطن نوع من “القدر” ’ وبشكل مبطن يهدد السيد سرجون أيضا , لأن الرحلة باتجاه آخر هي رحلة “دم” على الجميع , ولم يفهم السيد سرجون الأسس الصلبة لممارسة رئاسة جمهورية , فرئيس الجمهورية ليس تلميذا , وانما عليه أن يكون قادرا ومقتدرا , وفي النظام الجمهوري لايوجد رئيس “قدر ” أو رئيس “ضرورة” (صدام حسين ) , وانما رئيس يرأس لفترته القانونية ويذهب ليأتي مواطن آخر بدلا عنه , أو يذهب مبكرا عندما يفشل , والسيد سرجون يعترف بشكل مبطن على أن سوريا ليست جمهورية , وانما جملوكية , أي انها مزيج من الجمهورية والمملكة , واذا كانت الصفة الطاغية هي المملكة , يصبح مايريده نارام سرجون منطقي , هذه هي بضاعة الزعامة , وهذا هو زعيمنا , علينا أن نشجعه , والايبتعد عن الشجاعة , ومن لايقوم بذلك يعرض البلاد الى حمام الدم ..الأسد الى الأبد أو لا أحد أونحرق البلد !!ولم أكن أتصور أن ينحدر صاحب الكلام اللولبي الى هذا المستوى من الضلال ومحاولة التضليل .
السيد اللولبي سرجون قال في سياق مطالبته بالثناء على الرئيس , “ان الاستبداد الثوري لا ينجب الا استبداد الثورات وقد يبرر استبداد الدولة لحماية المجتمع , فالناس في هذه الحالات ستفضل استبداد الدولة على استبداد العصابات ….” ولم أقرأ في حياتي عبارة ديماغوجية كهذا العبارة , نعم قد يكون هناك استبداد ثوري مرحلي أو دائم , والثورة الفرنسية لاتستبد الآن في فرنسا , الا أن الثورة الخمينية تستبد في ايران , ولا شيئ يبرر استبداد الدولة , واستبداد الدولة هو المبرر للثورة وهو الذي يعطي الثورة شرعيتها , وكل ثورة هي أفضل من مسبباتها , ولا يمكن أن يحمي الاستبداد المجتمع , وخيار الناس ليس استبداد كبديل عن استبداد آخر , وكلمة سرجون الأخيرة تفصح عن كل شيئ , انه يعتبر الثوار عصابات , وبذلك انحدر اللولبي مرة أخرى من الفكر الى العمل بالأمر , والعمل بأمر السلطة يقتضي تعريف الثوار بالعصابات , وكم يوجد من “العصابات ” في سوريا فالعصابات تسيطر على أكثر من نصف البلاد ..والنصف الآخر تسيطر عليه عصابات أخرى , يا للفاجعة .
وعن التهديد والوعيد, فلم يقصر الرئيس قولاوفعلا , قولا ..اذ أن الحل الأمني ليس سرا سياسيا ,وغزارة الدماء تبرهن عن الفعل , وهل تدمير مدن وأحياء بالجملة , ثم القصف بالمدفعية والدبابات والقصف الجوي بالطائرات , ومقتل مايزيد عن عشرين ألف انسان خلال سنة وربع السنة دلالات على ممانعة الرئيس لرد الفعل العارم للجيش؟ وهل وفر الجيش من وسيلة لاقتلاع التمرد ؟ ,ألم يكافح الطيران التمرد مؤخرا كيماويا , ألم يقض الانسان السوري نحبه من جراء استنشاق الغازات التي رشها الجيش فوق المناطق السكنية ؟وهل يمكن لقسوة الجيش الغاضب أن تكون أكبر ؟؟ وهل رشق الغازات ليس مقدمة لشيئ آخر ؟ , كما فعل صدام في قرية حلبجا ؟الم تكفي أكثر من 27 مجزرة في الأشهر الأخيرة ..مجزرة بابا عمرو ..مجزرة دير الزور ..مجزرة كفر عويد ..مجزرة خان شيخون ..الخ , وأخيرا وليس آخرا الحولة والقبير , وكيف للكاتب اللولبي أن يضع مسؤولية مجزرة الحولة القذرة على العصابات المسلحة ؟في حين تمت ادانة النظام بسببها عالميا , وكيف نفسر رفض السلطة لدخول اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الانسان الى سوريا للتحقيق ؟؟ وبغض النظر عن الفاعل المباشر لهذه المجازر ,تبقى مسؤولية حفظ أمن المواطن مسؤولية السلطة التي تحكم , وهل يعقل ان يقتل انسان اطفاله لكي يشوه سمعة الشبيحة ؟؟وعن سيناريوهات الحرائق في الشرق الأوسط , هل نسي الكاتب اللولبي ماقاله الرئيس وبعدة مناسبات حول الحريقة الكبرى في الشرق الأوسط ..
ذاكرة الكاتب مثقوبة !! والثقب الأكبر في الذاكرة خص أحداث الثمانينات , اذ نسي اللولبي على أن رئيس الجمهورية كان آنذاك المرحوم حافظ الأسد , ولم يكن رفعت الأسد رئيسا وكذلك عبد الحليم خدام أيضا, وقد نفى رفعت الأسد كونه الرأس المدبر لهذه المجازر , وسيان ان كذب أو صدق , فرئيس الجمهورية هو المسؤول الأول والأخير عن تلك الاحداث , التي بدأت بمحاولة اغتياله , والكاتب يعترف بأن تاريخ العسكر تلوث عام 1982 بالعار (لوثة ) , وهل مايحدث الآن ليس “لوثة” ؟؟؟ فمنظمة حقوق الانسان تقول انها لوثة كبيرة , والجمعية العامة للأمم المتحدة تقول انها لوثة عملاقة , وبسبب اللوثة جرت ادانة السلطة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة باكثرية ضخمة , وقبل اسابيع كانت هناك ادانة أخرى , وما معنى محاولة المفوضة السامية لحقوق الانسان عرض الأمر على محكمة الجنايات الدولية بتهمة الاجرام بحق الانسانية ..كل ذلك لايؤرق جفن اللولبي ,انه المعيار والحقيقة ومعه سانا , وكل البشر كذبة أشرار , لاهم لهم الا التآمر!!
في مناسبات سابقة كانت تقديرات الكاتب اللولبي بخصوص قتلى احداث 1982 أكثر تواضعا , لقد نفى الكاتب ان يكون عدد القتلى آنذاك كما يقال من عشرين الى ثلاثين ألف قتيل , اما اليوم فقد استيقظت نباهته وتغيرت تقديراته , فهو ينطلق من حوالي 13000 قتيل بين مدني وعسكري بعد آذار 2011 , ويقول حرفيا ان هذا العدد لايساوي خسائر بضعة أيام قتال في الثمانينات في شوارع بعض المدن التي أعلنت العصيان, أي أن عدد الضحايا عام 1982 كان عملاقا وتجاوز الثلاثين ألفا , بشرى تعيسة ياسيد نارام , ماذا يمكنني أن اقول عن السيد نارام سرجون .؟ دجال في أحسن الأحوال !