بقالية فلسطين والاتجار

انهمك الكثير من القادة العرب في الصراخ من أجل فلسطين  وفي الادعاء بأن القضية هي أم القضايا  وهي من ثوابت سياسة هذا القائد أو ذاك , وقد ذاب الثلج وبان المرج  منذ عشرات السنين , اذ لم تكن فلسطين تساوي عند هؤلاء الزعماء  شيئا  على الاطلاق ..تاجروا بفلسطين  وباعوا شرفهم في بقاليتها  ,جندوا  اللاجئين في خدمتهم  واستخدموهم في نزاعاتهم  , ولو يحصد الفلسطيني  من ثواب  الا المرارة ..تركوه يقتل في  ايلول الأسود في الأردن  , وساعدوا على قتله  في تل الزعتر  , ودعموا نزوحه من بيروت الى تونس , وليس من الضروري  تعداد الخيانات العربية للقضية الفلسطينية  , الا  أنه يوجد  من استفحل في  ابتزاز هذه القضية وتاجر بها أكثر بكثير من غيره ,  حتى يومنا هذا .

بالنسبة  للمراقب  الأمي سياسيا  , كان موضوع الجفاء بين السلطة السورية وبين فتح والكيان الفلسطيني في الضفة الغربية  موضوع شك وارتياب , السلطة تدعي الدفاع عن الفلسطينيين  ودعمهم , ثم تحارب   الكيان الفلسطيني في الضفة الغربية  وحركة فتح التي تسيطر عليه  , بالرغم من أن هذا الكيان  لايمت  للأصولية الدينية بصلة  , وحماس الأصولية   السلفية حظيت  على المساعدات من السلطة السورية , بالرغم من انتساب حماس رسميا الى الاخوان المسلمين  , وبالرغم من  أن عقوبة الانتساب الى منظمة الاخوان المسلمين في سوريا  هي الشنق حتى الموت !.

الطفلة المدللة حماس  بقيت بعيدة  عن فتح , واستقلت في غزة  , وأصبحت غزة  بمثابة حامستان  , ومارست الجنون السياسي , وقضت على منهجية الانتخاب  , الذي  جاءت  بها الى السلطة ..كل  ذلك كان بمباركة السلطة السورية الداعمة لحماس , ثم بانت ملامح مايسمى الحزام الشيعي   , وهنا شعرت حماس السنية بالغربة في حزام الشيعة  الذي له رأس في طهران وذيل في غزة , ابتعدت  عن السلطة السورية قولا , وبعد ذلك قولا وفعلا  وهجرت ثم هاجرت الى اخوة السنة ..الى الدوحة والقاهرة  ..وهكذا فقد الأسد الشيعي ذيله  ولم يبق الا اربعة  , نصفهم ملائم للحزام الشيعي  , وهم الرأس ايران  ويده اليمنى حزب الله , والنصف الآخر غير مناسب للحزام السشيعي شعبا  , فالشيعة في العراق  هم أكثر بقليل من ثلث العراقيين  ,  وما يحسب على الشيعة في سوريا من العلويين هم  أقل من نصف الثلث العراقي …فالحزام  ضعيف شعبيا في جزئه السوري وجزئه العراقي , وقوى بحزب الله وبشيعة ايران .

عودة الى حماس   وفتح  ..قبل ان يتبلور الجفاء بين حماس والسلطة السورية بشكله الحالي , ذهبت حماس مع فتح  الى قطر  وتوحدوا  واتفقوا على تشكيل حكومة موحدة , ولا أريد هنا تعظيم ثبات الاتفاقيات بين العرب  , الا أنه من الملاحظ  على أن الجفاء بين حماس والسلطة السورية ترافق مع الوئام بين حماس وفتح , ماذا  يمكن للأمي أن يفهم من ذلك ؟؟

الأمي يفهم من ذلك  مايلي : ولنقولها بوقاحة وصراحة , لقد ساعدت السلطة السورية حماس على الانشقاق  عن فتح  وبالتالي تشرذم  الفلسطينيين , ولطالما كانت العلاقة جيدة بين السلطة السورية وحماس  بقي الشقاق موجودا , وعندما تعكرت علاقة السلطة مع حماس  أتى الوفاق ..أي أن دور السلطة السورية لم يكن داعما للحركة والمقاومة الفلسطينية  , وانما ضارا بهذه الحركة  وبوحدتها , وموضوع الوحدة هو موضوع تهريجي .. لقد انخرط البعث في الوحدة السورية-المصرية , وعندما لاحظ البعث قلة  المكاسب  من هذه الوحدة  , فرط البعث الوحدة  وحدث الانفصال  , ثم جاء الخداع الأكبر يوم 8-آذار  , حيث انقلب العسكر  , وسموا انقلابهم  “ثورة” ضد الانفصاليين , ومن يومها لم نر الا زيادة الانفصالات  بين الدول العربية  وزيادة الانشقاقات  , التي  ارتشحت, بفضل  البعث والعائلة , في الجسد السوري, فالشعب السوري اليوم هو مقسم  طائفيا  , ولم  يعد “متنوع”  سياسيا  , حيث قضى البعث والعائلة على   أهم المعارف اللازمة  لتكوين دولة , الا وهي المعارف “السياسية “, .

احد اسباب اصرار أمريكا على اسقاط الأسد  , هو الظن على أن هذا الاسقاط  سيقود الى اسقاط محور “الشر”  الذي تكون حماس أحد اعضائه ,  لقد انفرط العقد جزئيا دون السقوط الرسمي  الكامل والشامل للسلطة الأسدية , التي فقدت , بفعل الأحداث , الكثير من أنيابها  , ولم تعد قادرة على العض  كما كانت في الماضي القريب  , ثم انها لم تعد قادرة على القبض  , كما كان الحال في الماضي القريب ..ذلك لأن  منابع القبض  أوشكت على الجفاف . والكيل طفح من وقاحة هنية ..الذي ارسل من الأزهر أحر تهانيه   للشعب  السوري  ,  الذي  يناضل  من    أجل     الحرية  والديموقراطية ..ياسبحان الله !

المعضلة الآن النسبة للسلطة السورية , هي ايجاد بديل لورقة حماس وورقة  التستر بالقضية الفلسطينية , وعلى المدى القريب   سيكون الأمر سهلا , ذلك لأن السلطة منشغلة الآن  في الوضع الداخلي , ولا أظن على أن السلطة  , التي كانت أول دولة اعترفت بحدود 1967 , ستعود  الى استثمار القضية الفلسطينية بنفس الوتيرة السابقة ونفس الشكل  السابق , السؤال  لم يعد حماس أو فتح أو غير ذلك , وانما  السؤال  الآن  السلطة السورية  بحد ذاتها , هل تستطيع الاستمرار ؟؟ وهي محاصرة من كل حد وصوب  , وما خطط له الاتحاد الأوروبي هذا اليوم بالذات هو كارثة .. الا أنهم  لايفقهون ..لعلهم يعلمون, وبسورة المنافقين   أنهي اسطري :

إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ { 1 } اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { 2 } ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ { 3 } وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { 4 } وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ { 5 } سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *