الوضع السوري يتطور من سيئ الى أسوء , وخبر ضرب باب عمرو في مدينة حمص بالقنابل هو خبر متوقع ضمن مايسمى ديناميكية العنف , التي لاتعرف الا التصاعد , لأنها تقود الى عقاب جماعي , وبالتالي تشرك المزيد من الأطراف قسرا في سجال العنف , لانريد ايراد أمثلة من التاريخ الغابر,وانما من الحاضر الماثل أمام اعيننا ,من الجمهورية الليبية العظمى , حيث ظن القذافي ان رشقة من رشقات رشاشات زبانيته ثم ا القضاء على مئات المتظاهرين , كافية لقتل المقاومة ,القذافي عنف وعسكر الانتفاضة , التي كان جوابها المباشر مناسبا ..العنف ثم السيطرة على مدينة بنغازي وبعدها استجداء المساعدات من هنا وهناك ,لتتوسع سيطرة المعارضة الشعبية على معظم انحاء ليبيا ,تصرفات القذافي هذه قادت ضمن الديناميكية المعروفة الى مجلس الأمن , حيث صدر القرار باستباحة ليبيا عسكريا , عندها بدأ القذافي بالبكاء والتشنيع بالتدخل , الذي يتحمل القذافي شخصيا مسؤوليته وبالكامل
ضرب الأحياء السكنية بالمدافع والقنابل , سيقود الى ارتكاس مماثل ,صحيح على أن استخدام القوة هو احتكار للحكومة في دولة ما , الا أن قائل ذلك يعني الحكومة المنتخبة ديموقراطيا , لا احتكار لعامل القوة من قبل حكومة أتت عن طريق القوة , حتى انه لاأحقية لوجود حكومة أتت عن طريق انقلاب أو توريث ملكي في جمهورية , التنكيل بالشعب سيستفز التنكيل بالنظام
فشل الدولة لايعني قطعا فشل سلطة في تثبيت سيطرتها على مجموعة من الأفراد وعلى بقعة من الأرض, عندما تفشل السلطة في التحول الى دولة , بكل مايعنيه ذلك من احترام لأسس الدولة المعروفة, يتدخل المجتمع الدولي كما حدث في ليبيا , لانريد للسلطة أن تفشل , لأننا نريد دولة ,ووجود دولة يلغي الحاجة الى تدخل دولي ,الأمور في الوطن تسير ليس كما أريد , انما كما أتخوف..أخاف من فشل مشروع الدولة , وبالتالي من استباحة الأرض والعرض السوري .
لاتقتصر أسباب فشل مشروع الدولة على تحجر السلطة وعدم حيازتها على مشروع أو شرعية , للفشل علاقة أيضا بالشعب , الذي يجد في الشغب الوسيلة الوحيدة لممارسة المواطنية , ثم يجد في الغوغائية الوسيلة الوحيدة لمكافحة الغوغائية , وفي ممارسة الفساد الوسيلة الوحيدة لمكافحة الفساد , مسؤولية استمرارية منهجية القمع تقع بشكل غير مباشر على عاتق الشعب ’, لأن الشعب النبيه الواعي لايسمح بتعاظم الأمور الى الحد الذي تعرفنا عليه لاحقا , لايمكن تصور سلطة كالسلطات العربية في أوروبا ..سلطة كهذه تعمر هناك أقل من أيام , الشعب الواعي يفرض على حكامه الوعي , عدم وعي ونباهة حركة الاحتجاج , قادها الى منهجية العنف ضد سلطة ليس لها عقل , وانما عندها فقط المقدرة على ممارسة العنف , والذي سينتصر في ساحة الوغى هو الأقوى عدة ..عددا وعتادا ..انها السلطة…الوطن قد يخسر معركة البقاء والانقاذ
لجوء رعاع الشارع الى العنف هو أحد العوامل التي شجعت المتسلط على استخدام ورقة العنف , الذي لايمتلك غيرها , وهكذا بدأت المبارزة بين عنف الشبيحة وعنف البلطجية , وتحت دواليب هذا العنف انسحق الوعي والاعتدال والعقلانية , استقال العقل , هرب من لعلعة الرصاص واختبأ في زاوية الأمان والنسيان ….هل تستحق سورية هذه المعارضة ؟ هل تستحق سورية هذه السلطة ؟ , سورية لاتستحق ذلك , ولا توجد دولة في العالم تستحق ذلك
لاغباء أكبر من غباء السلطة , ولصق صفة الغباء بالرعاع الشارعي لايمثل تقبيحا له ..انه الرعاع !! , اما سلطة الدولة فيجب أن تكون شيئا آخر .. على سلطة الدولة معرفة دوافع المجموعات الشعبية لرفض أو تقبل شيئا ما , لقد استفادت السلطة من أكثرية رأت في هذه السلطة الكثير من الشوائب والنواقص , وهذه الأكثرية فضلت السلطة على علاتها على اللحى والمشايخ وكارثيتهم, السلطة لم تسأل يوما ما بشكل رسمي وشفاف عن رأي هذه الأكثرية بالشوائب وعن طريقة مكافحتها , أستمرت بتخويف الأكثرية من الأصولية ضامنة بذلك ولاء هذه الأكثرية, الأكثرية التي فتحت فمها مرارا في العقود الأخيرة ولم تقبل التزام الصمت ا , تكلمت ونصحت وكتبت ثم دخلت السجون , و اذلت ثم أهينت ..آلت الى المهجر أو المحجر وارتكب النظام بحقها الفواحش , النظام ظن على أن ازاحة هذه الأكثرية يؤمن له راحة أبدية , النظام القاصر لم يأبه بالمعارف الجديدة , التي تدل على وهن الأصولية وضعفها (مصر وتونس) , وبالتالي عدم جدوى التخويف منها , ولم يأبه النظام القاصر بقوانين التاريخ وما يسمى الفراغ الذي أوجده عن طريق تصرفاته , ولم يحسب للرعاع أي حساب ..أتى الرعاع ليملئ الفراغ تحت قيادة المشايخ , دوريا كل يوم جمعة بعد الصلاة على خاتم الأنبياء تنطلق المظاهرات في الشوارع والأحياء يدا بيد مع العملاء يضربون ويقتلون ثم ينضربون وينقتلون , والأكثرية الصامتة تندحر وتتراجع ..لامكان لها في السجال ..لا تقتدر على حمل السلاح ولا تستطيع تجنيد المرتزقة ثم انها لاتريد العمل تحت راية بندر والحريري ..الأكثرية الواعية لاتخون ولا تستزلم ولا تطلق النار ولا تقبض الأموال من عائلة الأسد ولا من عائلة مخلوف أو معروف أو الحريري , وبالتالي لاوجود لها ولنشاطها في مستنقع الذباب والدبابات ,لاوجود لها بين الشبيحة والبلطجية , لقد فشلت في انقاذ الوطن , تركت كل ذلك لمن لايتقن بناء الأوطان … للعائلات من طائفة والمشايخ من طائفة أخرى , تراجعت قسرا وتركت الوطن مرغمة للذئاب ..لاتوجد ضرورة لذكاء خارق حتى يعرف الانسان نتيجة وضع الوطن الوطن في أيدي الذئاب…انه الهلاك
شفيق الرفيق