
بقلم د/ دينا أنور ..
قال عنه الأنبا “ميخائيل” أسقف طنطا : كان أداة شيطانية في يد إبليس ضد كنيسة المسيح .. أنزل بالأقباط شدائد و أحزانًا لم يعرفوا مثلها أبدا ..!!
و قال عنه القمص “عبد المسيح المسعودي” في كتابه “الدرر الثمينة في تاريخ الكنيسة”: كان سيف الإضطهاد على رقاب المسيحيين.. هدم كنائسهم وصادر أديرتهم.. وسعى لمحو اسم المسيح من أرض مصر.. لكنه انكسر وهلك كما هلك الطغاة من قبله..
كما تم وصف طغيانه في كتاب السنكسار القبطي: في زمانه اشتد الضيق على المؤمنين .. سالت دماؤهم وهُدمت بيوت عبادتهم وتشتت الرهبان في البراري والجبال ..متوقعين نوال الإكليل المعدّ للمجاهدين..
كما وصف زمانه اللعين الأنبا “إيسيذورس” أسقف دير البرموس: هو زمان الخراب العظيم.. تحولت ديار مصر إلى برية ومات فيها الإيمان جهرًا و لكن بقي حيًا في القلوب المنتظرة خلاص الرب..
مما سبق نستطيع أن نتخيّل حجم الأهوال التي عاشها أقباط مصر في عهد هذا المعتوه .. و ما قام به من أعمال وحشية ضد الكنيسة القبطية و الشعب المسيحي .. حتى وصل به التطرف إلى إصدار الأوامر لجنوده الرعاع بهدم كنيسة القيامة بأورشليم و تدمير قبر السيد المسيح و تخريب الضريح المقدس .. الجريمة التي كانت السبب الرئيسي و المباشر في ثورة العالم المسيحي و إشعال غضب مسيحيي اوروبا و بداية إرسال الحملات الصليبية إلى الشرق لحماية المقدسات المسيحية ..!!
بدأ عهده بفرض “الشدّة الكبرى” على مسيحيي مصر .. أجبرهم على ارتداء ملابس سوداء و زنار أسود ليتم تمييزهم في الشارع فيسهل اضطهادهم و التضييق عليهم و مضايقتهم ..
فرض عليهم أن يحملوا صلباناً ثقيلة في أعناقهم لتحني رؤوسهم .. و لهذا السبب يتم وصف مسيحيي مصر حتى يومنا هذا ب “عضمة زرقا” .. تعبيراً عن لون الزرقة الذي كان يتركه أثر حمل الصليب الثقيل على الفقرات العنقية خلف الرقبة ..
تم منعهم من ركوب الخيل لأنها كانت رمز الكرامة .. كان يجبرهم على ركوب الحمار بالعكس للسخرية منهم .. كما منع دخولهم الحمامات العامة إلا بعد المسلمين و بعد ختم أعناقهم “القفا” بختم عنصري مهين .. و من هنا جاءت الجملة الشعبية الدارجة في مصر حتى يومنا هذا “انت فاكرني مختوم على قفايا”..!!!
أمر بهدم العديد من الكنائس الأثرية في القاهرة و مصر القديمة و الفسطاط منها كنيسة ” المعلقة” العريقة .. هدم كل الكنائس البارزة التي تعتبر أهم أعمدة الإيمان القبطي المسيحي .. استولى على جميع ممتلكات البطريركية القبطية .. ثم حرّض ولاة الأقاليم لهدم الكنائس في جميع ربوع مصر و تحويلهم إلى مساجد ..
عذّب الأساقفة و الكهنة الذين رفضوا تسليم ممتلكات الكنائس و الأديرة لقواته تعذيباً مهيناً .. صادر بشكل كامل كل أراضي الأديرة خاصةً “دير وادي النطرون”.. صلب الرهبان الذين رفضوا التحول للإسلام ..منع الأقباط من إقامة أي قداس علني .. منع إحتفالاتهم بعيد الميلاد و عيد القيامة .. لم يتبق في عهده كنائس تقريباً .. حتى أصبح المسيحيون يقيمون قداساتهم سراً في مخابئ تحت الأرض و في منازل نائية و كنائس خفيّة..
فرض ضرائب باهظة على الأقباط .. ضاعف الجزية و أجبر كل قبطي على الركوع و الانحناء خلال دفعها .. و بعد تسليمها كان يُختم على قفاه بختم عنصري مهين و يُصفع على وجهه ..
نشر رجاله يضيقون على الأقباط في الشوارع و الدواوين و يصفعونهم ليتحدثوا العربية بدلاً من القبطية .. يحملونهم على ترك دينهم و إلا يتم تهديدهم بالقتل أو السجن .. بل وصل به الخبل إلى حد إصدار الأوامر لجنوده بقطع لسان كل أم تتحدث إلى أبنائها في السوق باللغة القبطية..!!
لم يشف كل هذا حقده على المسيحية.. بل أخذه جنونه عام ١٠٠٩ م إلى حد إرسال جنوده الرعاع لتدمير كنيسة القيامة بأورشليم .. أهم كنيسة للعالم المسيحي في العالم .. حفروا القبر المقدس و دنسوه بأرجلهم و خرّبوا الضريح المقدس بكل غل و همجية .. و كان ذلك بمثابة إعلان حرب دينية شاملة على المسيحية.. مما أثار موجة الغضب المسيحي العارمة في أوروبا .. و كانت السبب الرئيسي في بداية إرسال الحملات الصليبية إلى الشرق ..
عام ١٠٢١ م اختفى ” الحاكم بأمر الله” خلال نزهة ليلية في جبل المقطم في ظروف غامضة .. لم يعثر له على جثة حتى يومنا هذا .. تضاربت الأنباء حول خطفه و تعذيبه و التمثيل بجثته حد تشويه ملامحها تماماً لعدم التعرف عليها .. و ذهب آخرون إلى مؤامرة ضده من أخته”ست الملك” التي كانت تبغضه .. و ذهب البعض إلى العثور على ملابسه ملطخة بالدماء وسط اشلاء بشرية مقطعة و ملقاة في الجبل لم يعرف إن كانت له أم أن أشلائه تاهت بين أشلاء حراسه .. و لكن الكنيسة القبطية رأت أن الرب قد سمع صلوات المؤمنين و انتقم لهم انتقاماً إلهياً .. مثل سقوط فرعون في البحر و سقوط نيرون ..
بحسب المخطوطات القبطية القديمة .. بعد سماع خبر اختفائه و مصرعه و نهايته الغامضة .. خرج الرهبان و الأساقفة و المسيحيون المختبئون من الخوف و الرعب إلى الشوارع للاحتفال .. خلعوا الصلبان من على أعناقهم و رفعوها أمام بيوتهم في فخر .. ذهب المسيحيون إلى الكنائس المهدّمة و أقاموا قداسات احتفالية و دقوا أجراس الكنائس بعد سنوات من منعها .. عاد الرهبان إلى أديرتهم المنهوبة و أعادوا إعمارها .. بعد أن رأوا في هلاك هذا الطاغية علامة الخلاص من السماء .
و الآن .. و بعد أن قرأت هذا المقال .. هل ما زلت تقنع نفسك أن أفعال داعش ضد أقباط ليبيا و أفعال جماعة الجولاني ضد العلوين صناعة أمريكية اسرائيلية؟
هل في زمن “الحاكم بأمر الله” كانت هناك أمريكا أو اسرائيل ..؟