ممدوح بيطار,سيريانو :
كتب احد الأصدقاء مؤكدا “ان الرجال قوامون على النساء , لامسيطرون عليهن !!!!! , والرجل يظل بمهماته أهم وأكبر من مهام المرأة, وهذا يرجع الى اختلافات التكوين وليس الى شيئ آخر!!!!! “
من الصعب الى حد الاستحالة تفهم مايكتب احيانا في هذا العصر , ولكن من الممكن فهمه في العصور القديمة, اي عندما تفوق العضل وغبائه على العقل وابداعه , اي عندما تفوق العضل انتاجية بوسائل ذلك الزمن القديم كالغزو والحرب والسلب والنهب , من الممكن فهمه ايضا في هذا العصر لدى الشعوب العضلية , التي لاتزال اسيرة مفاهيم العنف وممارساته , فقدت بعض الشعوب ” العضلية ” في هذا العصر اهمية العضل ولم تكتسب اهمية العقل , اي اصبحت بدون عقل وبدون عضل , لذلك تطورت الى الفشل , حتى في العلاقة بين الزوجة والزوج داخل الأسرة , فعلاقة القوامة , التي تعني الوصاية والهيمنة والاستغلال والسيطرة لاتزال قائمة قسرا في غير زمانها , ليس من الصحيح القول ان مهام الرجل او بالأصح الذكر اهم وأكبر من مهام المرأة , بل بالعكس فوظائف المرأة اعلى أهمية من وظائف الرجل , الذي لم يحمل ولم ينجب ,نعرف ايضا ان المرأة مهنيا اصبحت كالرجل , وفي اطار البيت تفوق مهماتها مهمات الرجل بدرجات .
لم تفقد المرأة حريتها , لأنها لم تكسب هذه الحرية في هذه المنطقة وفي هذا العصر , والقيود التي فرضتها منظومة القيمومة لاتزال تكبل المرأة , على الأخص في هذه المنطقة , تسمى هذه الحالة ” الأبوية ” او الذكورية المبنية او المؤسسة على ثقافة التملك والاستحواز , بحيث بقيت المرأة كما كانت بعد انقضاء عصر الجمع والالتقاط , الذي كان عصر الأمومة , فعصر الجمع والالتقاط عرف قيمومة المرأة , لكونها مالكة لناصية الانتاج بوسيلة الجمع والالتقاط , في عصر الأمومة وهيمنة المرأة كان هناك تعدد ازواج , يقابل ذلك في هذا العصر ولدى بعض الشعوب ما يسمى القيمومة اي الوصاية , ثم تعدد الزوجات , تتواجد بعض الشعوب الآن في نظير معكوس لأمومة الجمع والالتقاط .
اذا كان من الممكن تبرير او فهم منظومة الأمومة وما نتج عنها من هيمنة المرأة , فانه ليس من الممكن تفهم تلك الأبوية الذكورية , وهيمنتها وتعدد زوجاتها في هذا العصر, فوضع المرأة لايتسم في هذا العصر بقلة انتاجيتها مقارنة مع الذكر , لابل بتفوقها على الذكر انتاجا في كل انحاء العالم , ولا نستثني هذه المنطقة, ففي هذه المنطقة جمعت المرأة بين مهامها العصرية , انها المعلمة والمهندسة والطبيبة وغير ذلك , وفي نفس الوقت المرأة التقليدية بما يخص الانجاب وما يخص اعمال البيت اي انها خادمة نهارا وجارية ليلا , وما يخص اذلاها وقمعها او القضاء عليها بالضربة القاضية من خلال الزوجة الثانية او الثالثة في اطار تعدد الزوجات, يضاف الى ذلك مفهوم الوصاية , الذي يتضمن الضرب ومنع السفر ثم الغبن في امور الحضانة والارث , وتحمل غباء وباء الولاء للذكر , انه تاج رأسها اي حاميها ولكنه حقيقة حراميها .
نعرف عن المجتمع الأمومي العديد من المعالم , المهم هو مانعرفه عن المجتمع الأبوي الذكوري المتميز بالتملك والتسلط والتمييز ثم الهيمنة والتسلط الغير مبرر بأي شكل من الأشكال , بغض النظر عن مجتمع الأمومة , كانت المرأة في العصور التالية رمزا للآلهة او اله كما عبر عن ذلك فراس السواح في كتابة ” لغز عشتار”ومن خلال تحليله لظاهرة الأم الكبرى حوالي الألف العاشرة قبل الميلاد, وكيف تطور الأمر بعد انقلاب المجتمع الذكوري على مجتمع الأمومة , ثم بداية استعمار واستهلاك المرأة , ليصل الأمر الى مانحن عليه اليوم من تعاسة اخلاقية وضياع وضلال , لايزال البعض يكرسه دون دراية بتاريخه وتطوره واضراره .
يتعجب البعض من سيادة الهيمنة والتسلط الاجتماعي وعدم المساواة ثم الخنوع والذكورية في هذا العصر وفي هذه المنطقة , في حين تعشعش اسباب كل ذلك في حياة الأسرة , اليس المجتمع تعريفا هو مجموع الأسر!, ففي كل الأسر يبقى الطفل او الطفلة في المرحلة الغريزية حتى سن السابعة من العمر تقريبا , اي الى سن التمايز الجنسي , ثم ينتقل الطفل او الطقلة عادة الى المدرسة , اي الى مجتمع أوسع , حيث تبدأ ما تسمى المرحلة السياسية اي مرحلة التعليم والبناء والتربية , فماذ يتعلم الطفل في المدرسة وفي المرحلة السياسية من حياته , ففي المدرسة تبدأ كارثة الفصل بين الجنسين , ويبدأ تلقين الطفل ثقافة الهيمنة والتسلط ثم اعتبار المرأة ناقصة عقل ودين الخ , يقود ذلك باختصار شديد الى تجذر مفاهيم او بديهيات مشوهة للانسان البالغ ,اي للمرأة وللرجل بآن واحد , ثم يسأل البعض عن اسباب الخلل في حياة الأسرة!, لاعجب من الخلل عند فشل المرحلة السياسية التأهيلية من حياة البشر , يعني الفشل بقاء تلك المخلوقات البشرية في مرحلة الطفولة الغريزية , يلاحظ ذلك على تصرفات العديد من البالغين عمرا والعالقين في مرحلة الطفولة الغريزية عقلا ,اي باختصار الى الخلل في تطور الانثى الى امرأة وفي تطور الذكر الى رجل !.