ممدوح بيطار,ربا منصور :
تعمل الدولة الاجتماعية على مواجهة التأثيرات السلبية التي ينتجها قصور الفاعلين الاجتماعيين في تحقيق المساواة بخصوص التأمين الاجتماعي وتأمين مصادر العيش في حال البطالة عن العمل أو المرض او الفقر الخ , يشمل التأمين اضافة الى ذلك المقدرة على رعاية الأطفال وتمويل التعليم وغير ذلك , يتم التأمين عن طريق مؤسسات نظام ضمان اجتماعي او عن طريق الروابط التقليدية مثل الأسرة أو القرابة بشكل عام .لاوجود لضمانات اجتماعية فعالة وعامة في الدول العربية وفي دولا دينية مشابهة كما هو حال الضمان الاجتماعي العام في الدول الأوروبية , هنا يمكن التعرف على العديد من منظومات الضمان الاجتماعي المختلفة من حيث الطريقة ولكنها متشابهة من حيث النتيجة والهدف ,خاصة في اووبا الشمالية أي في الدائرة اللاتينية , في الجزء الجنوبي يتعاظم نوع الضمان عن طريق مؤسسات كالكنيسة أو العائلة , ويتعاظم اهمال المرأة والطفل ليصل في الدول العربية الى أقصاه .
يعمل الشمال العالمي بمفهوم المساواة , الذي يشمل الجندر , حيث لافرق بين الذكر والانثى , وفي نفس الوقت يعتني هذا الشمال بالطفل عناية فائقة , خاصة في مرحلة الحضانة أي ماقبل مرحلة المدرسة , بينما تغيب هذه العناية بتزايد كلما توجه الانسان جنوبا , حيث تصل عناية الدولة بالأطفال في هذا المناطق الى الانعدام شبه التام , أي عمليا لاعناية على الاطلاق ,سيكون لعدم العناية بالأطفال تأثيرا كبيرا على نوعية الأجيال القادمة وبالتالي على نوعية المستقبل في تلك الدول والمجتمعات .
قد يقف الوضع الاقتصادي في تلك الدول عائقا أمام ممارسة العناية وتطبيقات الضمان الاجتماعي , من ناحية أخرى نرى ان هذه الدول اي دول العالم الثالث تنفق بسخاء على التسليح, الذي تجاوز وسطيا ١٥٠ مليار دولار سنويا , ثم تخسر هذه الدول كميات كبيرة من المال في دهاليز الفساد , ليوضع جزء كبير جدا من امكانيات الدولة المادية في جيوب الحكام وأزلامهم , لم يضمن هذا السلاح سوى الحماية من الداخل الرافض للاستبداد ولهؤلاء الحكام , من ناحية أخرى شجع وجود السلاح هؤلاء الحكام على اشعال نار الحروب الخارجية لالهاء الناس بها ولتغطية المشاكل الداخلية .
لم يقود هذا التسليح سوى للتمكن من ممارسة القمع الداخلي, ثم الانهزام في الحروب مع الخارج , اذن لايمكن القول ان فقر الدولة كان المسبب لاهمال الطفل في كل مراحل حياته واهمال انشاء ضمان اجتماعي يحول الانسان الى مواطن يحترم وطنه وحتى حكومته ,السلاح الموجه الى صدور المواطنين هو من أضعف وسائل حماية هذه السلطات من الخطر الداخلي , تبلغ الحماية اقصى قوتها عندما يشعر المواطن بأن من يحكمه يحترمه ويحترم حياته , يمثل سلاح اي سلطة في الدول المتأخرة أكبر المخاطر على السلطة ثم على الشعب بشكل عام.
يمثل دور المرأة الأم نوعا متفانيا وأمينا من الضمان الاجتماعي للأطفال على الأقل , لذا يجب ان يكون لها دورا في الانتاج المادي , وذلك عن طريق اشراكها في سوق العمل بعد تأهيلها لهذا العمل , ففي الجيل الأول لسياسات الضمان الاجتماعي لانجد للمرأة مشاركة تذكر في سوق العمل المنتج ماديا , انها مخصصة لعمل البيت وللانجاب , وهذا الأخير يمثل وحشا مفترسا ينقض على كل معدلات النمو , لايمكن لأي معدل نمو اقتصادي أن يغطي نموا بشريا بمعدل ٣,٢٪ كما هو الحال في سوريا على سبيل المثال , النتيجة مزيدا من التأخر والتدهور وانعدام امكانية اقامة اي ضمان اجتماعي وبالتالي اصابة المستقبل بمقتل .
في الجيل الثاني من عملية الاستفادة من عمل المرأة هناك في بعض الدول نوعا من الجمع بين الدور المنزلي وبين الدور المهني في سوق العمل مع زيادة ملحوظة في مساهمة الرجال في الدور المنزلي , أما في الجيل الثالث, الذي وصلت أوروبا اليه هناك مساواة شبه مطلقة من ناحية ادوار العمل , حيث يمكن اعطاء الرجل اجازة مدفوعة لقاء تفرغه لدور العمل المنزلي .
لايمكن تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة الا باشراك المرأة في سوق العمل , عندها تصبح لها امكانية الاستقلالية والارادة , وعندها تتوفر الفرصة للرجل لكي يعتني بالأطفال ويساهم في تربيتهم , مما يكرس ويقوي علاقته معهم , اي يجب الاسراع في الوصول الى الجيل الثالث اي جيل الجمع بين الدور المنزلي وبين الدور المهني في المنزل وفي سوق العمل لكل من المرأة والرجل.